الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صلاح عيسى يتحدى الدولة والسيسى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر في حالة حرب، والدولة تحتاج إلى إعلامها وصحافتها اللذين تضررا وتدمرا جراء عملية يناير ٢٠١١، وقد استهدفت- على نحو أساسي- تدمير مؤسسات الدولة وعلى رأسها الإعلام القومى والصحافة القومية.
الدولة تحتاج إلى أدوات توجيه وتعبئة لأن الحرب التي تواجهها من نوع شرس وشرير إلى أبعد الحدود، ويتم فيها استخدام أعقد الأساليب المخابراتية، كما يعد الإعلام من أشد أسلحتها مضاء سواء كان الصحف أو الفضائيات أو المواقع الإلكترونية.
ونحن في هذا نواجه دولًا مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وقطر وإيران، كما نواجه تنظيمات مثل حماس وداعش والتنظيم الدولى للإخوان الإرهابيين.
وهدف الحرب- الآن- هو إعاقة الدولة الجديدة ومنعها من الوقوف على قدميها، وإزالة آثار ثورة ٣٠ يونيو العظمى التي أطاحت بمشروع الشرق الأوسط الأوسع، ومشروع إحياء العثمانية، ومشروع الخلافة الإخوانية، ومن أهم أهداف الحرب الحالية، تقويض سلطة الرئيس عبدالفتاح السيسى وتعجيزه عن الحركة.
ولذلك فإن واحدًا من أهم أهداف الدولة والسيسي- اللحظة الراهنة- هو تلبية الاحتياج الوطنى في إعادة بناء الإعلام القومى والصحافة القومية، وبالذات بعد أن تم إنشاء ما يسمى المجلس الأعلى للصحافة بطريقة معيبة ويسودها العوار القانونى والإجرائى في عهد عدلى منصور الذي تعددت فيه الكوارث، ومع ذلك فقد وجد في نفسه الجرأة لكى يقف كرئيس (معين) ويملى وصاياه لمدة أربعين دقيقة على الرئيس (المنتخب) عبدالفتاح السيسى عند تنصيبه، كما اخترع لنا ما سمى (وثيقة تسليم السلطة) التي ربط فيها- تعسفيًا- بين عملية يناير ٢٠١١ وثورة ٣٠ يونيو العظمى، مؤلفًا صياغات من طراز أن (يونيو كائن ثورى خرج من الرحم الثورى ليناير) وأشياء كتلك ما انزل الله بها من سلطان وكأننا في مستشفى للولادة.
نهايته...
تشكل المجلس الأعلى للصحافة من مجموعة سياسية واحدة، وأنا- بحكم تاريخي- لست ضدها على المستوى الفكرى، ولكنني- بكل ما أملك- ضد أساليبها في الحركة والعمل، التي تقوم على شللية مقيتة، وتغييب وربما قتل المعايير المهنية أو الوطنية، وإقصاء ونفى وحصار كل من لا ينتمى لأولئك تنظيميًا أو أيديولوجيًا، وبلغ من انحطاط وضع الصحافة القومية بسبب سيطرة تلك المجموعة، أن صحافة مصر كانت تدار من على قهوة بلدى في شارع ٢٦ يوليو بالزمالك، يجلس عليها بعض أقطاب ذلك التيار من الصحفيين متواضعى القدر والقيمة، ليحج إليهم كل من يريد أن يتبوأ منصبا صحفيا، فيعمدوه في تلك القهوة بين النراجيل والصوانى والكنكات، وفى جو تآمرى عصابى أشبه بتوزيع غنائم بعض اللصوص على بقية أفراد التشكيل الإجرامى.
وعاشت الصحافة القومية والإعلام القومى حقبة سوداء في ظل تلك الأجواء، وتدخل في توجيهها- عن بُعد- بعض من تجاوزهم الزمن والظرف التاريخى، والذين أخفقوا في الخروج من أسر الارتباط السياسي على حساب الارتباط المهنى مثل محمد حسنين هيكل.
ومع استكمال الدولة الجديدة لمؤسساتها بدأ الإعداد لتشكيل المجلس الوطنى للصحافة والمجلس الوطنى للبث والمجلس الأعلى للإعلام، وكلفت حكومة إبراهيم محلب نخبة محترمة من شيوخ مهنة الصحافة والقانونيين لإعداد القوانين الجديدة المنظمة لعمل تلك الهيئات، فإذا بالمجلس الأعلى للصحافة متضامنًا- كعادته- مع نقابة الصحفيين يعترضون مؤكدين أنهم سيعدلون تلك القوانين بمعرفتهم، وأسندوا المهمة إلى لجنة قفز إلى قيادتها صلاح عيسى أحد المسئولين الأساسيين عن الممارسات المرفوضة للمجلس الأعلى للصحافة، وأحد مهندسى فكر الشللية وفقه (الحلقية) الذي يريد اعتقال الحياة الصحفية في حلقة واحدة من المنتمين إلى تيار بعينه.
صلاح عيسى قرر الوقوف في وجه التغيير وتعطيل ظهور القوانين الجديدة، وتنقيتها ما تيسر من مطالب الجماعة الصحفية، لأنه يريد الإبقاء لأطول فترة ممكنة على المجلس الأعلى للصحافة، وبالتبعية يريد إطالة أمد بقاء القيادات الصحفية الحالية ولو لبضعة شهور، حتى تمتد عملية إحتكار السلطة الصحفية والإعلامية، وإبعاد دولة السيسى عن هدف تصنيع إعلامها أو توظيفه في الحرب التي تخوضها مصر الآن.
صلاح عيسى يعيد ويزيد في الجدل حول مواد القوانين الجديدة وكلما أعلن إبراهيم محلب رئيس الوزراء عن موعد افتراضى للانتهاء من تلك القوانين، يتعمد صلاح عيسى أن يطيل زمن التظاهر ببحث مواد القانون، ويدلى بتصريحات متناقضة للصحف الخاصة، تفيد أحيانًا أن القانون شارف نهايته، وتقول- أحيانًا أخرى - إن أمامه ردحا طويلا من الزمن لمناقشته، وهو يفعل ذلك بالاتفاق والتواطؤ مع بعض القيادات الصحفية الحالية صاحبة المصلحة في البقاء، أو في خلق كيان جديد يدير الصحافة ولكن بتشكيل يؤدى إلى إعادة اختيار القيادات الصحفية ذاتها أو من هم على شاكلتها ومن نفس التيار والمجموعة.
وبقول واحد.. صلاح عيسى يتحدي- الآن- الدولة والرئيس، ويعوق التغيير، ويضرب في مقتل فكر التنوع لصالح فكر الإقصاء ويكرس منطق الشللية، وثقافة خنق جموع الصحفيين لصالح تشكيل بعينه جاء به إلى قيادة المؤسسات الصحفية القومية ويريد تأييد السلطة في أياديه.