السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

"أرابيسك" .. حسن النعماني في انتظار الزلزال

كل يوم مسلسل

لقطة من مسلسل أرابيسك
لقطة من مسلسل أرابيسك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تاريخ العرض: ١٩٩٤
إنتاج: قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري
إخراج: جمال عبد الحميد
تأليف: أسامة أنور عكاشة
تمثيل: صلاح السعدني، هالة صدقي، سهير المرشدي، هشام سليم، لوسي، حسن حسني، هدى سلطان، جيهان فاضل، أبو بكر عزت، كرم مطاوع.
فى لحظة تاريخية من عمر الدولة المصرية، وقتما كانت تواجه خطر الأصوليين والعمليات الإرهابية التى راحت تضرب أرجاء المحروسة، وزحف الفساد فى أوصالها، جاء أسامة أنور عكاشة بمسلسله «أرابيسك.. أيام حسن النعماني»، وقع المشاهدون فى حب «حسن»، فنان الأرابيسك الموهوب، الذى تتمثل فيه صورة المصرى الأصيل، وفى حب البيئة الشعبية التى صورها عكاشة، فى منطقة مصر الفاطمية، التى صورها من قبله نجيب محفوظ فى عدد من الروايات الخالدة.
استلهم عكاشة شخصية حسن النعماني، أو حسن أرابيسك، من شخصية حقيقية لصانع أرابيسك ماهر لا يزال حيا فى منطقة خان الخليلي، وبنى عليها ملحمة من العلاقات العائلية والاجتماعية الأخرى، رصد عبرها حالة المجتمع المصرى فى العقد الأخير من القرن العشرين.
حسن أرابيسك، بسبب بعض الظروف، أصبح شخصا سلبيا، مهزوما، مدمنا للحشيش، فاشلا كزوج وأب، تسبب فى ضياع كرسى أثرى صنعه جده الأكبر، وهو يقضى حياته بالطول والعرض، حتى يكلف ذات يوم بتصميم فيلا أحد العلماء المصريين القادمين من الخارج، ويكتشف أن العالم وراءه سر خطير، وأنه مطارد من قبل جهات أجنبية، فتنهض همة أرابيسك وحسه الوطني، ويستعيد حماسه وحيويته للتصدى للأخطار التى تتهدد صديقه العالم والبلد بأسرها.
يتمتع صلاح السعدنى الذى لعب دور حسن بحضور من نوع خاص، وهو يتألق فى أعمال أسامة أنور عكاشة بشكل خاص، كما يظهر فى «ليالى الحلمية» و«أرابيسك»، حيث يلعب دور المصرى ابن البلد بميزاته وعيوبه، وخفة دمه، ووطنيته وشهامته التى تظهر وقت الشدة. 
نجح عكاشة كعادته فى خلق شخصيات من لحم ودم، يستطيع الممثلون أن يتقمصوها بسهولة، ويستطيع المخرجون أن يروها ويأتوا بالممثل المناسب لأدائها، وبجانب السعدنى تتألق هدى سلطان فى دور الأم، وهالة صدقى فى دور بنت البلد التى تعشق حسن، وسهير المرشدى فى دور عدولة التى تربى إخوتها بمفردها، ولوسى فى دور أنوار، الزوجة السابقة لحسن، والمنتصر بالله فى دور الصديق الخائن، وكرم مطاوع فى دور الدكتور برهان، وهذا على سبيل المثال، لا الحصر.
يضم المسلسل عددا كبيرا من الشخصيات الفرعية والثانوية التى ترسم معا لوحة جدارية لمصر فى التسعينيات، مع التركيز على الأحياء الشعبية، والصعود الطبقى المريب للبعض، والتفاعل والصراع بين الفئات الاجتماعية المختلفة، يحمل المسلسل أيضا بعض الإشارات السياسية إلى الفساد والعلاقات الإجرامية التى تربط أهل السلطة والطبقة العليا ببعضهم، والزلزال المدمر الذى ضرب مصر فى نهاية ١٩٩٢.
تلعب الحارة المصرية دورا محوريا فى السينما والدراما المصرية، وهناك رسالة دكتوراه للباحثة مى التلمسانى عن الحارة فى السينما المصرية، تشير فيها إلى فكرة أن الحارة السينمائية هى صورة لا تنطبق على الواقع بالضرورة، ولكنها حقيقية بقدر تصديق الناس لها واقتناعهم بواقعيتها، الحارة فى الدراما المصرية تحتاج أيضا إلى بحث مفصل، ومسلسل «أرابيسك» هو أحد النماذج المهمة فى هذا البحث، وشخصية حسن أرابيسك هى أيضا نموذج لصورة ابن البلد فى المخيلة الشعبية. 
ربما تكون هناك مبالغات ونوع من تجميل الحارة وسكانها، ربما كانت الصورة التى يقدمها العمل قديمة ولا تنتمى لحارة منتصف التسعينيات التى سيطر عليها القبح والزحام والعنف، ربما صورة الحارة المثالية القديمة لم توجد أبدا.
المهم هو ما يقدمه العمل الفني، وما يصدقه الجمهور، أو يرغب فى تصديقه.