السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حتى لا يطول أمد الحرب على الإرهاب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صليت الجمعة الماضية بأحد مساجد مدينة الشيخ زايد، وتحدث الخطيب عن موقعة بدر الكبرى، وفجأة أجده "أي الخطيب الذي يعتلى المنبر" يستخدم مفردات صادمة في خطبته، ربما تقبل في سياق تاريخي بعيدا عن الخطاب الدينى العام، لكن في ظل الأوضاع التي نعيشها تصبح كمن يستجير من الرمضاء بالنار، وهذا منحى خطير، حيث يقول: «حز الرقبة والذبح والحرق والقتل وقذف الحجارة»، وغيرها من المفردات التي يستخدمها الدواعش، ومن هم على شاكلتهم، ويحولونها إلى سلوك عدوانى غير إنسانى، وهكذا يرى الإرهابيون الإسلام من منظور خاطئ، وهى ليست سوى ترجمة لفكر خوارج العصر الذين ينظرون إلينا بعين تكفيرية، وهو ما يجعلهم يعتقدون أن ما يقومون به سيقودهم إلى الجنة!!
وهذا يفسر لنا لماذا قد يطول أمد المعركة ضد الإرهاب؟ وحتى نستجلى الأمر يجب أن نكون في حالة مكاشفة ومصارحة مع أنفسنا، ولو بحثنا بعمق سوف نجد أن الترويج لمثل هذه المفردات الداعشية في خطابنا الدينى وأحيانا عبر وسائل الإعلام سواء بقصد أو بدون يؤدى بالتبعية إلى تكريس الفكر المتطرف، وأعتقد أنه آن الأوان لكى نعيد النظر فيمن يجب أن يعتلى المنابر ويخاطب البسطاء من الناس، ولا شك أن هذا دور وزارة الأوقاف والأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لأن الخطاب الدينى هو في الحقيقة خطاب إعلامي، وكما نعلم أن الرسالة الإعلامية تساهم في تشكيل وعى المتلقى، فما بالكم بالرسالة التي تحمل في طياتها مضامين دينية، ونحن شعب متدين بطبيعته، خاصة إذا علمنا أن الإرهاب ليس قضية أمنية حقيقية، قد يكون لها جانب أمنى، لكن في الأساس هي قضية فكر يخاطب العقل وإذا كان الفكر فاسدا فإن العقل سيفسد إذا اقتنع بالفكر الفاسد، وعليه تصبح مواجهة الإرهاب فيما يحدث اليوم التصدى للفروع دون التعاطى مع الأصول!!
تبدأ الأصول من الأسرة الخلية الأولى في المجتمع، يليها دور العبادة، ثم دور العلم من مدارس وجامعات، ولا يجب أن نغفل دور الإعلام في صياغة عقل الأمة، وكذلك الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية والنقابات المهنية، وتعد كل هذه الدوائر الاجتماعية نوعا من الحاضنات لأى فكر يؤثر في النشأ الذي يعتبر سلاح المجتمع، بناء أو هدما، إذا صلح الفكر قاد إلى جيل صالح يبنى مجتمعه على أسس سليمة، وإذا فسد الفكر قاد إلى جيل طالح يهدم مجتمعه ويقوض حاضره ومستقبله، ومن ثم تتسلل إلى المجتمع التوجهات الإرهابية من خلال هذا الفكر الفاسد الذي يحاول مروجوه ربطه بالدين والدين منه براء!!
وكم سمعنا مقولة إنه يجب القضاء على الإرهاب من خلال تجفيف منابعه، وفى تصورى أن البعض قد لا يعلم الكيفية التي من خلالها يتم تجفيف منابع الإرهاب، وأجد أن تصحيح أو فلترة الخطاب الدينى أمر مهم لإنجاز هذه الخطوة عن طريق العودة إلى المفهوم الوسطى للدين، وتربية النشأ على قيم وأخلاق هذه الوسطية، وعليه يصبح من الضرورى أن يتحمل الأزهر والكنيسة مسئولية مراجعة مناهج التربية الدينية والاهتمام بمن يقوم بتدريسها، فلا يعقل مثلا أن مدرس الألعاب يدرس تربية دينية للعجز في معلمى هذه المادة، أو مدرسة اللغة الفرنسية تقوم بتدريس التربية الدينية المسيحية، خاصة في المدارس الخاصة!!
إذن نحن أمام عملية بناء فكرى لحماية أولادنا من الفكر المتطرف كى نقضى على الإرهاب من جذوره، ولا نعطى الفرصة لنمو فروعه، وهنا نساعد في المواجهة الأمنية التي لا تأتى إلا بعد استفحال المشكلة التي تتحول مع مرور الزمن إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها.
بالطبع تساهم عوامل أخرى في استمرار مناخ الإرهاب، منها طول أمد المحاكمات، فلا يمكن أن نحاكم إرهابيا بقانون الإجراءات الجنائية العادى الذي يعود تاريخه إلى العام ١٩٣٧، لأن الإرهابى مجرم غير عادى ولا بد أن يحاكم أمام القضاء العسكري وتطبق عليه القوانين غير العادية، ولا ننتظر حتى تحدث عمليات إرهابية تذهب ضحيتها فلذات أكبادنا، أو يدعونا رئيس الدولة إلى رفع الأغلال التي تكبل العدالة الناجزة، ونبدأ نفكر في تعديل القوانين أو نصدر قانونا لمكافحة الإرهاب.
دعونا نفكر بشكل مختلف لحماية الوطن من خطر الإرهاب سواء القادم من الداخل أو الخارج، ولا نخشى إلا الله في مواجهته، فالجميع يا سادة في قارب واحد!.