أنقياء بالفعل لا بالقول. تسقط كُل ببغاوات الكلام وأدعياء النضال الكاذب. «السيفُ أصدق أنباءٌ من الكُتبِ/ ففى حده الحد بين الجدِ واللعبِ» كما يقول الشاعر العربى أبوتمام.
في سيناء المثال واضح على النشطاء الأعظم والأبطال الحقيقيين. أشرف مَن على هذه الأرض أولئك الجنود العظماء الذين يُضحون بأرواحهم ويجودون بدمائهم لنهنأ بأمن وننعم بسلام.
أيها الساسة.. اصمتوا. أيها الحقوقيون الباحثون عن طلة شهرة.. تعلموا. أيها الزاعقون على شاشات الفضائيات.. انحنوا للإنسان النموذج الذي يعطى دون مُقابل، ويموت من أجل الآخرين. أيها المُدعون تدينًا.. انظروا الإسلام الحقيقى لشباب بات يحرس في سبيل الله، ويُقاتل من أجل سلام الملايين ويقف صامدا لا يخشى غادرا.
أيها الشُعراء.. هُنا الشعر الحقيقى والإحساس الأصدق والموسيقى الطبيعية المُنسابة بعذوبة وصفاء.
سلامٌ على البيادة التي تدوس كُل كاره وحاقد لوطن المحبة. سلامٌ على الكاب الذي يستريح فوق رأس مرفوعة تعى أن أي انحناءة أو تردد ينال من كرامة مصر. سلامٌ على أطيب النفوس وأكرم الأرواح وأوسع القلوب. جنود مصر العُظماء، الساهرون لننام، العائشون في الخطر لنأمن، والزاهدون في الشهرة والنفوذ والجاه حُبا لهذه الأرض الطيبة.
في سيناء يرسم الجنود الأمة المصرية أعظم لوحة انتصار وكرامة. يموتون مُبتسمين رضا وفخرا. يستشهدون موقنين بجنان الخُلد التي وعد الرحمن عباده الصالحين.
لا وقت للبكاء كما يعُلمنى الشاعر اليقظ أمل دُنقل، فنحنُ في حاجة إلى الاصطفاف والتوحد أكثر من أي وقتٍ مضى. اللوم لا يصح، وتكرار الشائعات لا يجوز، والحياد في معركة الكرامة جريمة خيانة تتساوى مع جرائم خُنفس الذي كسر عُرابى، وخاير بك الذي سلّم الوطن للغزاة العثمانيين فسماه المصريون «خاين بك».
الخيانة مُرة. تنطلق من أفواه أكلت من زرع مصر. الشماتة كريهة عندما ترتسم على وجوه من بنى جلدتنا. الحذلقة مُقززة عندما تجرى على ألسنة مصريين يتحدثون عن تبريرات سخيفة، ويُرددون كلام القتلة في عبث.
عندما يُقاتل خير أجناد الأرض فلا مجال للنقاش، ولا فرصة للتشاور، ولا حيز للاختلاف. مّن يدّعى الحياد مُجرم، ومَن يوجه كلمة نقد إلى القوات المُسلحة آثم في هذا الوقت العصيب. الجنون يعبث بأمننا، والتوحش يزحف، ولا مهرب من المواجهة، ولا مجال للرحمة.
قدرُنا أن نُجابه الظلام، ونصيبنا أن نقاوم القُبح. مصر هي حائط الصد الأخير لهذه الأمة، والحصن الأعظم للشرف والكرامة العربية. هي ضمير الحضارة والمدنية وبذرة التسامح الأرحب إن سقطت فلا حضارة ولا مدنية ولا تسامح في هذا العالم.
بدأت الحرب، ولا مجال للاختيار. إما الوطن وإما الخيانة.
والله أعلى وأعلم.