تامر محسن مخرج من القلائل في الوسط الفنى الذي لا ينظر إلى اسم النجم ولا يُفرض عليه نجم، بل هو من يختار قصته وأبطالها وفقا لرؤيته، فربما يلقب بمخرج «خارج السيطرة».
خلال يوم كامل من المعايشة مع تامر محسن في كواليس مسلسله «تحت السيطرة» يمكنك أن تكتشف جوانب تلك الشخصية التي لا يعرف عنها الكثيرون، فهى لا تعرف سوى العمل حتى في أوقات الراحة، والنجاح لديه قرار وليس اختيارًا.
يذهب تامر إلى موقع التصوير قبل جميع العاملين والفنانين لمعاينة المكان الذي سيتم التصوير فيه، ويبدأ في ترتيب المشاهد بخياله الواسع حول شخصيات العمل ليمزج بين الواقع والخيال، وحين تنطلق كلمة «أكشن» وتدار الكاميرات لا يسمع صوتًا غير صوت أبطال المشهد.
لا يدخل تامر عملًا فنيًا قبل دراسة كاملة لأبعاد الرواية وشخصياتها، وهو ما قام به في مسلسله الأخير «تحت السيطرة»، فقبل دخوله العمل عقد العديد من ورش العمل مع مؤلفة العمل مريم نعوم والدكتور نبيل القط الاستشارى النفسى للإدمان، وجالس حالات تعافت من الإدمان وحالات لا زالت تعانى الإدمان ليكون على دراية تامة بشعور الطرفين، وذلك لأن الرواية حملت النوعين بين نيللى كريم البطلة المتعافية التي عادت للإدمان ومرت بعدة مراحل أولها اللهفة، وثانيا الرجوع للإدمان بالتدريج، وبين محمد فراج وجميلة عادل اللذين دخلا الإدمان سويا بالهيروين والأقراص المخدرة.
وبوصول أبطال العمل إلى مكان التصوير يبدأ في عقد جلسة عمل معهم للحديث حول المشاهد التي سيتم تمثيلها، وبعد الانتهاء من العمل يعكف بنفسه على مونتاج الحلقات ليسلمها بنفسه إلى الشركة المنتجة. وأبدع تامر محسن في الوصول إلى أدق التفاصيل في حياة المدمنين والمشاعر التي تخالجهم في تلك المرحلة، وتطور مظهرهم الخارجى من الاصفرار بالوجه وصولا لمرحلة النحافة والإسمرار تحت العين وتقشف الشفاه، وصولا إلى الديكور وألوان الحائط وذلك لأن موقع التصوير يتم إعادة تهيئته من جديد، وفقًا لرؤية مخرج العمل.
كما أن تامر رفض أن يتم بناء ديكورات لمصحات نفسية لعلاج الإدمان وفضل أن يتم تصوير مشاهد المسلسل بالكامل خارج الديكورات والاستديوهات لتكون أكثر واقعية، وأكثر وصولًا للمشاهد ولتكن المشاهد حقيقية وذلك لأن قصة المسلسل لا تنبع من وحى خيال المؤلفة بل إنها واقع نعايشه بالفعل.
ونجح تامر بإخراجه المتميز وحسه العالى بمتابعة أدق التفاصيل في أن يصعد بالمسلسل من حلقة التنافس الرمضانى إلى قمة النجاح ليصبح ضمن قائمة المسلسلات الأعلى مشاهدة في رمضان، والأكثر تأثيرا على المستوى الاجتماعى.
تخرج تامر محسن في كلية فنون جميلة قسم العمارة عام ١٩٩٥، وبعدها التحق بالمعهد العالى للسينما عام ٢٠٠٢، وعمل في بدايته مخرجا للأفلام الوثائقية، ودخل بعدها في مجال إخراج الإعلانات التجارية، وأول أعماله الدرامية مسلسل «بدون ذكر أسماء» للكاتب وحيد حامد، وآخر أعماله «تحت السيطرة» للكاتبة مريم نعوم.
