تعد الانتخابات البرلمانية التركية التي جرت - مؤخرًا - ومشاورات تشكيل الحكومة في ظل فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات، ولكن دون حصوله على الأغلبية المطلقة، نقطة تحول في مستقبل المشروع الإمبراطورى العثمانى، لا بل وربما في مستقبل رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية ذاته، للأسباب التالية:
أولًا: إن تلك الانتخابات وضعت حدًا لآمال الرئيس التركى في تأسيس وتعزيز (رئاسية) تؤمم السلطات البرلمانية أو تحددها على نحو كبير..إذ كان أردوغان يطمح إلى برلمان يتمتع فيه بأغلبية مطلقة ويساعده على إجراء تعديل في الدستور يوسع سلطات رئيس الجمهورية ويضيف مراكمة جديدة على الطابع الإمبراطورى، الذي يجتهد أردوغان في إضفائه على سلطته سواء على المستوى الشكلى أو الموضوعى.
إذن أردوغان بفضل انتخابات لم يحرز فيها أغلبية مطلقة أصبح مجرد رقم في معادلة تضم أرقاما أخرى، وصار عليه أو على رئيس وزرائه الداهية أحمد داود أوغلو أن يهندس ائتلافًا في شكل اتفاق (حد أدنى/ حد أقصى) مع قوى سياسية أخرى في البلاد، وهو الأمر الذي يواجه عوائقًا جوهرية، إذ لو تنازلت بعض الأحزاب الأخرى في سبيل تشكيل الائتلاف سوف تفقد شخصيتها السياسية تمامًا، وهكذا حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ثانيًا: نحن أمام معادلة تضم حزب العدالة والتنمية والحزب الجمهورى لكمال كليجدار أوغلو وحزب الشعوب الديمقراطى الكردى لصلاح الدين ديمرطاش وبعض هذه الأحزاب (مثل الشعوب الديمقراطى الكردي) يرفض الدخول في ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية من الأصل والأساس، وبالذات مع الانتصار الانتخابى الذي فاق التوقعات وحققه ذلك الحزب مؤخرًا.
كما أن ما أُعلن عنه عن ثلاثة خطوط حمراء أثناء المشاورات على الائتلاف في فترة الفراغ الحكومى بعد استقالة أحمد داود أوغلو لا يساعد على تحقيق توافق، حتى لو تم تشكيل الحكومة والنجاح في إقناع الأحزاب بتلك الشروط، إذ سرعان ما سوف ينفرط عقد مثل ذلك الائتلاف لمجرد المرور بتجربة مواجهة أزمة أو خيار إستراتيجي كبير.
وقد حددت الحكومة ثلاث نواه تمتنع على الأحزاب الأخرى، وعلى رأسها: التوقف عن عمليات التطهير الموجهة ضد (الكيان الموازى) أو الجماعة الإيمانية لفتح الله جولن، والتي تعد الخصم السياسي الرئيسى لحزب العدالة والتنمية، كما أنه القوة التي قادت حملة اتهامات كبرى بالفساد ضد الحزب الحاكم وضد أردوغان شخصيًا وعائلته.
أما ثانى الممنوعات على الأحزاب السياسية فهو المطالبة بالتوقف عن عملية إصلاح أحوال الأكراد طبقًا للتعديلات التي جرت على الدستور، وهذه النقطة - بالذات - تصطدم بموقف الحزب القومى الذي يرفض منح الأكراد أي أفضليات سياسية في النظام التركى.. ولكن من ناحية أخرى فإن حزب الشعوب الديمقراطى الكردى يرفض على نحو قاطع - كما ذكرت - الدخول في أي ائتلاف يجمعه وحزب التنمية والعدالة.. وفضلًا عن ذلك فإن القضية الكردية في العراق وسوريا وإيران وتركيا أصبحت تأخذ شكلًا معقدًا يجعل من الصعب التعامل معها بالشكل المبسط الذي يرد على سؤال (هل تدخل ائتلافًا معنا أم لا؟!) لأن الأكراد تقدموا إلى مواقع في سوريا تطابق شكل الجزء الذي يطالبون بضمه، كما أن الاتهامات الموجهة إلى تركيا بالسماح لتنظيم داعش بدخول أراضيها ليتمكن من مهاجمة عين العرب (كوباني) وهى المدينة التي استبسل الأكراد من قبل لتحريرها وأعادوا تحريرها منذ أيام.
أما الخط الأحمر الثالث فهو عدم المساس بوضعية الرئيس رجب طيب أردوغان، وهو الأمر المرفوض من كل القوى السياسية تقريبًا، إذ أن الجميع يعلمون أن النظام إذا لجأ نتيجة هذا الوضع المعقد إلى إجراء انتخابات مبكرة فسوف يخسر رجب نسبة أكبر من المصوتين، وحتى إذا نجح في الائتلاف والتشكيل فإنه سيضطر إلى الانتخابات المبكرة التي تبدو حلًا حتميًا إن لم يكن اليوم فغدًا على أقصى تقدير.
ثالثًا: الوضع التركي - الآن - يقول إننا أمام نظام «يتفرتك» أو يتحلل نتيجة سقوط الفكرة التي تم عليها بناء فكر العدالة والتنمية ورجب طيب أردوغان، وأعنى الفكرة العثمانية أو الإمبراطورية التي لاشت وألغت طويلًا فكرة وجود عناصر سياسية أخرى على الساحة غير الحزب الحاكم، ومن ثم فحين فتح النظام عينيه فجأة على نتيجة انتخابات وجدها تقول له إن هناك أحزابًا وقوى أخرى على الساحة، وإن استرضاء تلك الأحزاب والائتلاف معها هو شرط لازم لاستمرار النظام.
التوافق شرط أساسى سواء نجح الائتلاف أو فشل واستمر الفراغ الحكومى، ومعنى التوافق - بقول واحد - هو التنازل عن روح قراقوش التي تلبست الرئيس المخبول رجب طيب أردوغان، وكذلك التخلى عن السمت الفاشى الدينى الذي صبغ فكر حزبه الذي ينتمى بأوسع المعانى إلى مربع الإسلام السياسي.
أولًا: إن تلك الانتخابات وضعت حدًا لآمال الرئيس التركى في تأسيس وتعزيز (رئاسية) تؤمم السلطات البرلمانية أو تحددها على نحو كبير..إذ كان أردوغان يطمح إلى برلمان يتمتع فيه بأغلبية مطلقة ويساعده على إجراء تعديل في الدستور يوسع سلطات رئيس الجمهورية ويضيف مراكمة جديدة على الطابع الإمبراطورى، الذي يجتهد أردوغان في إضفائه على سلطته سواء على المستوى الشكلى أو الموضوعى.
إذن أردوغان بفضل انتخابات لم يحرز فيها أغلبية مطلقة أصبح مجرد رقم في معادلة تضم أرقاما أخرى، وصار عليه أو على رئيس وزرائه الداهية أحمد داود أوغلو أن يهندس ائتلافًا في شكل اتفاق (حد أدنى/ حد أقصى) مع قوى سياسية أخرى في البلاد، وهو الأمر الذي يواجه عوائقًا جوهرية، إذ لو تنازلت بعض الأحزاب الأخرى في سبيل تشكيل الائتلاف سوف تفقد شخصيتها السياسية تمامًا، وهكذا حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ثانيًا: نحن أمام معادلة تضم حزب العدالة والتنمية والحزب الجمهورى لكمال كليجدار أوغلو وحزب الشعوب الديمقراطى الكردى لصلاح الدين ديمرطاش وبعض هذه الأحزاب (مثل الشعوب الديمقراطى الكردي) يرفض الدخول في ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية من الأصل والأساس، وبالذات مع الانتصار الانتخابى الذي فاق التوقعات وحققه ذلك الحزب مؤخرًا.
كما أن ما أُعلن عنه عن ثلاثة خطوط حمراء أثناء المشاورات على الائتلاف في فترة الفراغ الحكومى بعد استقالة أحمد داود أوغلو لا يساعد على تحقيق توافق، حتى لو تم تشكيل الحكومة والنجاح في إقناع الأحزاب بتلك الشروط، إذ سرعان ما سوف ينفرط عقد مثل ذلك الائتلاف لمجرد المرور بتجربة مواجهة أزمة أو خيار إستراتيجي كبير.
وقد حددت الحكومة ثلاث نواه تمتنع على الأحزاب الأخرى، وعلى رأسها: التوقف عن عمليات التطهير الموجهة ضد (الكيان الموازى) أو الجماعة الإيمانية لفتح الله جولن، والتي تعد الخصم السياسي الرئيسى لحزب العدالة والتنمية، كما أنه القوة التي قادت حملة اتهامات كبرى بالفساد ضد الحزب الحاكم وضد أردوغان شخصيًا وعائلته.
أما ثانى الممنوعات على الأحزاب السياسية فهو المطالبة بالتوقف عن عملية إصلاح أحوال الأكراد طبقًا للتعديلات التي جرت على الدستور، وهذه النقطة - بالذات - تصطدم بموقف الحزب القومى الذي يرفض منح الأكراد أي أفضليات سياسية في النظام التركى.. ولكن من ناحية أخرى فإن حزب الشعوب الديمقراطى الكردى يرفض على نحو قاطع - كما ذكرت - الدخول في أي ائتلاف يجمعه وحزب التنمية والعدالة.. وفضلًا عن ذلك فإن القضية الكردية في العراق وسوريا وإيران وتركيا أصبحت تأخذ شكلًا معقدًا يجعل من الصعب التعامل معها بالشكل المبسط الذي يرد على سؤال (هل تدخل ائتلافًا معنا أم لا؟!) لأن الأكراد تقدموا إلى مواقع في سوريا تطابق شكل الجزء الذي يطالبون بضمه، كما أن الاتهامات الموجهة إلى تركيا بالسماح لتنظيم داعش بدخول أراضيها ليتمكن من مهاجمة عين العرب (كوباني) وهى المدينة التي استبسل الأكراد من قبل لتحريرها وأعادوا تحريرها منذ أيام.
أما الخط الأحمر الثالث فهو عدم المساس بوضعية الرئيس رجب طيب أردوغان، وهو الأمر المرفوض من كل القوى السياسية تقريبًا، إذ أن الجميع يعلمون أن النظام إذا لجأ نتيجة هذا الوضع المعقد إلى إجراء انتخابات مبكرة فسوف يخسر رجب نسبة أكبر من المصوتين، وحتى إذا نجح في الائتلاف والتشكيل فإنه سيضطر إلى الانتخابات المبكرة التي تبدو حلًا حتميًا إن لم يكن اليوم فغدًا على أقصى تقدير.
ثالثًا: الوضع التركي - الآن - يقول إننا أمام نظام «يتفرتك» أو يتحلل نتيجة سقوط الفكرة التي تم عليها بناء فكر العدالة والتنمية ورجب طيب أردوغان، وأعنى الفكرة العثمانية أو الإمبراطورية التي لاشت وألغت طويلًا فكرة وجود عناصر سياسية أخرى على الساحة غير الحزب الحاكم، ومن ثم فحين فتح النظام عينيه فجأة على نتيجة انتخابات وجدها تقول له إن هناك أحزابًا وقوى أخرى على الساحة، وإن استرضاء تلك الأحزاب والائتلاف معها هو شرط لازم لاستمرار النظام.
التوافق شرط أساسى سواء نجح الائتلاف أو فشل واستمر الفراغ الحكومى، ومعنى التوافق - بقول واحد - هو التنازل عن روح قراقوش التي تلبست الرئيس المخبول رجب طيب أردوغان، وكذلك التخلى عن السمت الفاشى الدينى الذي صبغ فكر حزبه الذي ينتمى بأوسع المعانى إلى مربع الإسلام السياسي.