السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المترددون لا يدخلون الجنة.. ولا النار أيضا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى أوقات الريبة وحتى تنقذ نفسك من الحيرة، لا بد أن تعتصم بموقف واحد، بمبدأ واحد، برأى واحد، ابحث الأمر من جميع جوانبه، قرر على أى أرض ستقف، ثم دافع عما ترى أنه صواب بصرف النظر عن الثمن الذى ستدفعه، فلا شىء فى هذه الحياة بالمجان.
أُقدر جدًا أن من بيننا فى صفوف الإعلام من يملكون قلبًا خفيفًا، وعقلًا مسطحًا، ينظرون إلى الأمور من زاوية مصلحتهم الشخصية فقط، يأخذون مواقفهم بعد أن يحسبونها جيدًا بالمليم، فما يهمهم هو ما يكسبونه، بعضهم يبحث عن أمنه الشخصى، ولأنه لا يعرف أى الفريقين سينتصر، فهو يحاول أن يمسك العصا من المنتصف طوال الوقت.
فى ٣٠ يونيو وضعت الأقدار حدًا فاصلًا بين الشعب المصرى كله، والإخوان المسلمين ومن يشايعونهم ويسيرون على طريقهم ويتحالفون معهم، كان يمكن أن يذوب الفاصل بسهولة، لو أن من فى الجماعة استجابوا لما أراده الملايين من الشعب.
كان سعد الكتاتنى مدعوًا بصفته رئيسًا لحزب الحرية والعدالة لحضور اجتماع ٣ يوليو، بما يعنى أن حزب الإخوان لم يكن مستبعدًا من الصورة، لكنه أبى واعتصم بموقف جماعته المتمسك بالسلطة، رغم رفض الملايين لهم واحتجاجهم عليهم.
عَمقت الجماعة الفجوة، زادت النار لهيبا، أعلنت الحرب، رفضت فض اعتصاماتها، ذهبت تستعين بالخارج على الشعب المصرى، ومن اليوم الأول لم تتوقف عن العنف والتهديد به، حيث جعلت منه رسالتها.. ليصبح الخط الفاصل بينها وبين شعب أكثر صلابة وقوة وقدرة وعنادًا.
الشعب شعب إذن.. والإخوان إخوان، وسيكون من الصعب أن يجمع بينهما أحد مرة أخرى.
ما هو المطلوب منا بالضبط؟.. وأنا هنا أتحدث عن الإعلاميين ولا أحد غيرهم.
مطلوب منا أن يُحدد كلٌ منا موقفه بدقة وصراحة، وبعد أن يعلن هذا الموقف يجب أن يتسق أداؤه النهائى مع ما ينحاز إليه، مطلوب منا ألا نكذب، ألا نلون الأخبار، ألا نخدع القراء، لكن مطلوبًا منا أيضا ألا نخون قناعاتنا، ألا نبيع مصلحة الوطن، فقط من أجل أن نظهر على خشبة المسرح مثاليين، لاهثين وراء تصفيق لا قيمة له فى وقت يتعرض فيه الوطن لأحط وأحقر مؤامرة على مستقبل أولاده وأجياله المقبلة.
هل تعرفون أصحاب الأعراف؟
فى تراثنا الإسلامى يقولون، إن أصحاب الأعراف هم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، يوم القيامة يقفون على سور بين الجنة والنار، لا يعرفون مصيرهم، أهل الجنة لا يرحبون بهم، وأهل النار لا يقدرونهم، حتى تتدخل رحمة الله، فتشفق بهم.
أصحاف الأعراف الآن موقفهم لا يحسدون عليه فى الحقيقة؟
من حق أحدهم بالطبع أن يعبر عن حيرته، وشعوره بالاحتقار، أن يؤكد أنه لا يعرف شيئا، ربما لأنه بالفعل لا يعرف شيئًا، أن يعلن عن حالة اللخبطة التى يعانى منها.. وهذا يمكنك أن تشفق عليه، فهو حائر.
لكن وبوعى كامل أقول لكم إن الحيرة وعدم حسم المواقف فى الوقت الذى تعيشه مصر الآن رفاهية، أو ليكن التعبير أكثر دقة، حماقة، يمكن أن تعتبرنى أحاول البحث عن مبرر لمن أعتبرهم مترددين، فأتحدث عن حيرة وبلبلة وعدم حسم مواقف، رغم أنهم فعليًا لا يلعبون إلا لمصلحتهم الخاصة، يقفون فى المنطقة الرمادية ليعرفوا من سينتصر فى النهاية، ثم يلقون بأنفسهم فى أحضانه، سأقول لك إنه من الحكمة أحيانا ألا تسد الطريق فى وجه من تتعبهم أنفسهم الضعيفة، التى لا تقوى على أن تتحمل عبء مسئولية وطن يريد الجميع به شرا.
يمكن أن ألتمس العذر لمواطن فى حيرته، فى عدم حسمه لموقفه، فى معاناته لأنه لا يعرف ما الذى يجرى على الأرض بشكل كامل، وهذا لا يجب أن نتركه فريسة لاستقطاب الجماعة الملعونة، حتى لا يتحول إلى مناصرتها رغم أنها ظالمة وإرهابية وخائنة، لكن أى عذر يمكن أن تلتمسه لكاتب وإعلامى- والمفروض أنه متحقق مهنيا بالمناسبة- عندما يخرج من جوفه ما يشككنا فى قدراته المهنية وقواه العقلية.. لا يمكن أن تلتمس له أى عذر، لا يمكن أن تبحث عن مبرر لما يقوله، من حقه أن يكتب ما يشاء بالطبع، لكن فى لحظة معينة نحتاج إلى تسجيل انزعاجنا ممن لا يرون فى مرآة الأوطان إلا أنفسهم ومصالحهم الضيقة جدًا للأسف.