تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
رغم قسوة السنة السوداء التي استولى فيها المتأسلمون على حكم مصر، إلا أننى لم أفقد الأمل لحظة واحدة في قدرة الشعب المصرى على تصحيح مسار الثورة وعلى الإطاحة بالفاشية الدينية التي كشفت عن نواياها العنصرية مبكرًا حتى إن الجاسوس الذي اعتلى العرش لم ينكر ووجه خطابه مباشرة إلى «أهله وعشيرته».
لم يكن الشعب المصرى محسوبًا ضمن أهله وعشيرته فكان العنصر الحمساوى أقرب إلى ذلك الجاسوس من مناضل مصرى مدنى وديمقراطى، هذه هي عقيدتهم التي تأسسوا عليها، وما حديث المرشد السابق مهدى عاكف القائل «طز في مصر» سوى عنوان واضح لما يكنه ذلك التنظيم من عداء لحدود الوطن وتاريخه وأحلام شعبه.
أعتبر تلك السنة السوداء سقطة كبرى في تاريخنا الحديث، وما كان لها أن تكون لولا تضافر جهات إقليمية وعالمية من أجل أفغنة مصر وصوملتها وفى أضعف السيناريوهات أن تكون بلادنا مسرحا للحرب والاقتتال الداخلى لعشرات السنوات القادمة، من هنا تأتى أهمية ٣٠ يونيو ٢٠١٣، تلك الأهمية التي جاءت كفاصلة تنهى ما قبلها وتبدأ لتأسيس الجديد، تقول للغرب المتباكى على الديمقراطية فشلت مؤامرتكم، وتقول لخونة الداخل عقابكم بالقانون سيكون شديدًا.
لم تكن ٣٠ يونيو مفاجأة أو بدون مقدمات تمهد لها، تمامًا كما ٢٥ يناير ٢٠١١، في يناير كان الحصاد لسنوات مرهقة للتظاهر بالشوارع احتجاجًا على التوريث وغلاء الأسعار وتزوير الانتخابات وعلى تهديد الوحدة الوطنية، كانت سنوات شهدت ميلاد حركة كفاية وشهدت ميلاد انتفاضة المحلة الكبرى في ٢٠٠٨ التي مزقت صورة مبارك كإشارة لبدء التغيير في مصر، ولأن يناير حدث كبير استطاع إنهاء أسطورة الزمن المباركى، كذلك أرى ٣٠ يونيو حدثا كبيرا استطاع إنهاء أسطورة أولاد البنا ومن لف لفهم من سلفيين وجهاديين وعفاريت زرق.
على مدى السنة السوداء رأينا دماء شهداء قصر الاتحادية وهم يكتبون السطور الأولى ليونيو، كما رأينا اعتصام الأدباء والمثقفين المصريين في وزارة الثقافة وحصارهم للوزير المرفوض وهو في أوج سلطته محتميًا بالقصر الرئاسى، شهدنا المواجهات في الإسكندرية والاعتداء على الرمز اليسارى أبوالعز الحريرى، كما شهدنا ثورة أبناء الأقصر احتجاجًا على تعيين محافظ كان في الأصل إرهابيًا، كانت تلك الملاحم اليومية في كل ركن بمصر مؤشرا لميلاد يونيو، لذا لم أفقد الأمل بل كانت قناعتى تزداد بأن رب ضارة نافعة، والضارة بالطبع هي مقامرة وصول الجماعة للحكم والنافعة هي انتهاء فكرة وتنظيم الإخوان للأبد مهما تباكى عليه أردوغان أو تميم بن حمد أو حتى تحسر على فقدانه أوباما لأنه بانتهاء التنظيم تنتهى لعبة التفجير من الداخل التي أرادها أوباما وأتباعه لنا.
اليوم يمر عامان على ذلك اليوم الرائع في تاريخ مصر، اليوم الذي أثبتت فيه مؤسسة الجيش أنها عصية على الاحتواء أو الانقسام، هو اليوم الذي أكدت فيه المؤسسة العسكرية أن سلامة مصر وأمنها هما الهدف الأسمى مهما كان حجم التضحيات أو حجم المغامرة بالأرواح، أثبت الجيش وقادته أن أرواحهم هي الهدية التي يقدمونها لهذا الوطن من أجل تقدمه وازدهار شعبه، والمعروف بالطبع في ذلك اليوم هو رفض قادة الجيش بالإجماع ذهب المعز وسيفه وتتذكرون أنه كان على رأس تلك المؤسسة الوطنية رجل اسمه المشير عبدالفتاح السيسى.
اليوم صارت لنا دولة وتطورت معها أحلامنا فإذا كان القضاء على الإرهاب والفساد الحكومى هدفا لدولتنا الجديدة، تبقى العدالة الاجتماعية هي جوهر الثورات وهى الجائزة الكبرى للشعب الذي تمرد فاستيقظ العالم من أثر وقع خطوات ٣٢ مليون ثائر بالشوارع والميادين، في القاهرة والمحافظات في المراكز والقرى، بل وأمام السفارات المصرية بالخارج.
هذا الشعب يستحق الكثير و٣٠ يونيو تستحق الكتابة، فكل ٣٠ يونيو وأنتم طيبون.