تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تبدو انتخابات ٢٠١٦ الأمريكية مشهدا فريدا فى بابه من حيث حضور البعد الاجتماعى فيها.
إذ جاءت لحظة الحقيقة وأصبح على النخبة الأمريكية الحاكمة (والتى تتسع الهوة الفاصلة بينها وبين الناخبين باضطراد) أن تجيب عن سؤال الفقر.
فهناك الذى ما زال يعتقد أن كل الأموال التى تدفقت على الولايات المتحدة الأمريكية بعد سنوات الكساد العظيم السبع دخلت جيوب الموسرين الأغنياء، ولم تؤثر على نحو يذكر فى حياة الفقراء.
الفقر جريمة اجتماعية، واستمراره يخبرنا بأن تلك الجريمة باتت ممنهجة ومستدامة، وكل أفراد النخبة الأمريكية الحاكمة يعلمون حق العلم أنهم لا يمثلون الفقراء في شىء، وأن الأحياء الفقيرة تعج بملايين الناس الذين لا يدركون الحد الأدنى من احتياجاتهم، والذين لا نعلم عنهم إلا فى ظل الانفجارات الاجتماعية المروعة التى تشهدها المدن الأمريكية من وقت إلى آخر (ديترويت+ فيرجسون+ بلتيمور) أوحتى انفجارات الهسبان (الأمريكيون من أصول لاتينية) فى واشنطن.
ومع كل ذلك فإن المتأمل لمنظر مرشحي الرئاسة الأمريكية يدرك أن أحدا فيهم لم يصب نجاحا يذكر فى الإجابة عن سؤال الفقر.
لا بل يبدو منظر هيلارى كلينتون، المرشحة الديمقراطية مسخرة حقيقة حين تظهر كزكيبة من الفلوس لفرط الثروة، ثم تنخرط فى حديث طويل عن العائلات الأمريكية التى تحتاج إلى من يقوم بالنضال من أجلها وعن استعدادها بالقيام بذلك الدور.
كل سياسي النخبة الأمريكية كاذبون، وهم جزء من ذلك التجمع الموسر الذى احتجز لنفسه القسم الأكبر من مقدرات المجتمع.
المشكلة هى أن ذلك القسم أطال الادعاء بأنه يمثل المجتمع الأمريكى ومصالحه، وهو ما سقط أمام الضرورات والمطالب الاجتماعية.
طيب..
هناك مشكلة فقر حاد فى أمريكا، وهناك نخبة أطالت الكذب على الناخبين الأمريكيين، مدعية ارتباطها بالدفاع عن مصالحهم.
وهناك استحقاق انتخابى أزف، ولا بد من إجابة أسئلته فكيف سيتم العبور من تلك النقطة؟
بالعربي نحن أمام أزمة مجتمع يتحلل.. وهو فى تلك الأزمة منذ حزمة «المجتمع العظيم» التى أطلقها الرئيس ليندون جونسون، وحاول فيها الانتصار لبعض حقوق فقراء الملونين، ولكن ذلك لم يترك مع مرور الوقت تأثيرا حقيقيا، وتم إنفاق أموال الشعب الأمريكي فى مشاريع شريرة لبناء شبكات الدفاع الصاروخي العملاقة، وشبكات التجسس العملاقة عبر القارات.
سوف تعمل الثروة عملها فى تحديد بنية وشكل ذلك المجتمع، وستدفع به إلى الانشطار والتقسيم آجلاً أوعاجلاً، لأن الولايات المتحدة بجلالة قدرها فشلت -حتى الآن- فى بناء شبكة أمان اجتماعي تستطيع حماية وحدة وتماسك المجتمع، كما فشلت فى إقناع الجمهور بالأسباب التى تنفق الولايات المتحدة من أجلها تريليونات الدولارات فى التآمر والتجسس والحروب.