تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
يُعرِف الباحثون وخبراء السياسات الإسلاموفوبيا بتفاصيل متباينة، ولكن يظل جوهر المصطلح واحدًا بغض النظر عن مصدر التعريف، فالإسلاموفوبيا هو الخوف المبالغ فيه، والكراهية، والعداء تجاه الإسلام والمسلمين، وهو الخوف الذى يتم تشكيله من خلال القوالب والأنماط السلبية، والتى تتسبب فى التحيز والتفرقة والتهميش وإقصاء المسلمين من الحياة الاجتماعية والسياسية والمدنية.
وتوجد ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الأساس قبل الهجمات الإرهابية فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١، ولكن هذه الظاهرة تزايدت وتيرتها خلال العقد الماضى. وقد حدد تقرير مركز «Runnymede Trust» فى المملكة المتحدة –على سبيل المثال- ثمانية مكونات للإسلاموفوبيا فى تقرير عام ١٩٩٧، وبعد ذلك أصدر المركز نفسه تقريرًا للمتابعة عام ٢٠٠٤ فى أعقاب أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وفى السنوات الأولى من حربى أفغانستان والعراق. وقد تبين للتقرير الأخير أنه فى أعقاب الهجمات الإرهابية فى بريطانيا، أصبحت الحياة أكثر صعوبة للمسلمين البريطانيين.
وفى لقاء عُقد عام ٢٠١١، عرف «اتحاد الأمم المتحدة لتحالف الحضارات» و«جامعة الدول العربية» الإسلاموفوبيا على أنها إحدى المجالات المهمة المثيرة للقلق، وقد طور مركز «جالوب» Gallup مجموعة محددة من التحليلات للظاهرة، وهذه التحليلات مؤسسة على قياسات الرأى العام واستطلاعات لرأى الأقليات فى عدد من البلدان، لتوجيه جهود صانعى السياسات لمعالجة الإسلاموفوبيا كقضية عالمية.
وقد أوضحت الأبحاث أن الولايات المتحدة حددت ما يزيد عن ١٦٠ إرهابيًا أمريكيًا مسلمًا مشتبهًا به فى العقد التالى لهجمات ١١ سبتمبر، وهو عدد ضئيل مقارنةً بالآلاف من أعمال العنف التى تقع فى الولايات المتحدة كل عام، ومما يسترعى الانتباه، أن هذه النسبة الضئيلة من أعمال العنف التى يرتكبها الأمريكيون المسلمون هى التى يتم تسليط الضوء عليها لإثارة الانتباه على المستوى القومى لخلق الانطباع –ربما غير المتعمد- بأن إرهاب الأمريكيين المسلمين أكثر شيوعًا وانتشارًا مما هو عليه فى الحقيقة.ويحدث هذا بغض النظر عن أنه منذ أحداث ١١ سبتمبر، ساعد المواطنون الأمريكيون المسلمون مسئولى الأمن والقانون فى منع حوالى اثنين من كل خمسة مؤامرات إرهابية لتنظيم القاعدة تهدد الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الإسلاموفوبيا تؤثر على أكثر من مجرد مجموعة صغيرة من المسلمين، فمن خلال عديدٍ من جهود استطلاعات الرأى العالمية، جمع مركز «جالوب» ثروة من البيانات تقوم برصد تفاصيل الرأى العام واتجاهاته كافة عن المجالات المختلفة ذات الصلة بالمسلمين على مستوى العالم، ولعل هذا ما يمكن أن يقدم لمحات سريعة تصلح كنقاط لإعمال الرأى والتفكير فيما عرضه بعض المنتمين إلى عددٍ من البلدان والديانات والمجتمعات، وهو ما يستطيع أن يقدم إطارًا عامًا للمدركات المتعلقة بالإسلاموفوبيا على مستوى العالم.
وعلى مستوى العالم، لا يشعر العديد من المسلمين بالاحترام من قبل أولئك الذين يعيشون فى الغرب، وتشارك نسب ملحوظة وذات دلالة فى عديد من الدول الغربية هذا الشعور، من خلال القول إن الغرب لا يحترم المجتمعات الإسلامية، وبالتحديد، فإن ٥٢٪ من الأمريكيين و٤٨٪ من الكنديين يقولون إن الغرب لا يحترم المجتمعات الإسلامية، وربما تكون هذه النسب أقل نسبيًا لدى المستجيبين لاستطلاعات الرأى من الإيطاليين والفرنسيين والألمان والبريطانيين.
ويمكن أن تؤثر عوامل عديدة على تفاعلات ودرجة الاحترام بين المسلم والمجتمعات الغربية، فالاختلافات فى الثقافة والدين والمصالح السياسية قد تشكل أحد الآراء التى يبديها المواطن تجاه الآخر، وتميل تعريفات الإسلاموفوبيا إلى أن تنسب الخوف أو الكراهية للمسلمين إلى سياساتهم أو ثقافتهم، بل إلى الإسلام نفسه وتديُن المسلمين فى بعض الأحيان.
إن الدين والثقافة هما اللذان يشكلان السياسة فى كل مناطق العالم، ويُعدان كما تبين من المسوح المختلفة سبب التوتر بين المسلم والعوالم الغربية. ويُعد هذا ذا دلالة فى المناقشات عن الإسلاموفوبيا، على اعتبار أن المصالح السياسية يمكن أن تتباين وتتغير وتتبدل، فى حين أن الاختلافات الثقافية والدينية تُعد أكثر تجذرًا فيمن يدينون بها.
وتقول الأقليات فى الدول ذات الأغلبية المسلمة إن القرارات التى قد تتخذها المجتمعات الغربية تُعد مهمة لإظهار الاحترام للمجتمعات الإسلامية، وذكر ٨ من كل ١٠ أفراد أنه سيكون من المهم جدًا بالنسبة لهم- بصفة شخصية- أن تُقلع المجتمعات الغربية عن إهانة القرآن والرموز الدينية الأخرى للمسلمين، وذكر حوالى ٦ من كل ١٠ أفراد أنه قد يكون مهمًا بالنسبة لهم أن يقوم أولئك الذين يعيشون فى الغرب بمعاملة المسلمين معاملة عادلة فى السياسات التى تؤثر عليهم، وحماية حقوق الأقليات المسلمة فى تلك المجتمعات، ورسم صورة ذهنية دقيقة للمسلمين فى وسائل الإعلام الغربية، والعمل مع المجتمعات المسلمة كشركاء متساويين فى القضايا ذات الاهتمام المشترك.