مع إطلالة باقة الدراما التليفزيونية فى موعدها الرمضانى يتكرر حرص غالبية صناع هذا التقليد على تجديد مشاعر «خيبة الأمل» لدى المتابع، خصوصا بعدما ساد مبدأ «الكم» على حساب «الكيف» الذى طالما كان يجمع حوله العائلة، سواء كان عملا أو اثنين، بالتالى اختفت هذه الحالة الرمضانية - الاجتماعية التى كانت تحقق نسبة مشاهدة مرتفعة.
الخلط الكارثى بين السوقية والابتذال وبين الواقعية لا يمكن اعتباره «الشماعة» التى تعلق عليها بعض الآراء تدنى مستوى التأليف الدرامى.. وإلاّ فمن يجرؤ على التشكيك فى واقعية أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ووحيد حامد ومحمد صفاء عامر.. ورائعين غيرهم أبدعوا فى تشريح هموم الواقع المصرى.. لكن للأسف عدوى «الاستسهال» انتقلت من السينما نتيجة إغراء الإيرادات العالية التى نجحت بعض الأفلام السوقية فى تحقيقها مع الوهم الزائف الذى حاول صناعها ترويجه عن انتماء هذا التشويه إلى الواقعية وتعبيره عن الشارع بكل متغيراته.. بالتالى كما بجح البعض فى ربط هذا «الوهم» بمجموعة أفلام قياسًا على العنصر المالى.. اكتفى الشق التجارى فى صناعة الدراما بإجراء عملية استنساخ.. ونقل «السبوبة» من شاشات السينما إلى التليفزيون دون مراعاة لاختلاف ظروف المشاهدة بين كلتا الحالتين أو حتى تحفيز الطاقات عند جيل جديد من كتاب الدراما فى محاولة الوصول إلى صيغة إبداعية تقترب من مستوى كلاسيكيات الدراما الرمضانية والمكانة التى ما زالت تحتلها فى وجدان المشاهد.
حتى موهبة بعض شباب صناع الدراما بشهادة أعمالهم السابقة فقدت «البوصلة» التى تحدد إشارتهم الفنية نحو توجه الذوق العام الذى لا يميل فى هذا الشهر الكريم بين العبادات وشىء من الترفيه إلى جرعة بالغة الإفراط من الدم والغيبيات والعنف أو حتى طرحها بالشكل المباشر السوقى. جزء من سحر مبدعى الدراما حين كانت أعمالهم تعرض فى رمضان أن الصيغة الفنية التى يتم بها تشريح هموم وآلام المجتمع كانت توضع فى إطار إنسانى مما يجعلها أقرب إلى الحالة النفسية للمشاهد.. لعل أوضح النماذج على قسوة المضمون مقابل إنسانية الصياغة الدرامية.. مسلسلات مثل «الراية البيضا، أرابيسك، العائلة، أوان الورد، عصفور النار»..
تراجع مساحة «التابو» مقابل التقدم المذهل فى وسائل التواصل وتبادل المعلومات مع توجه عام نحو المزيد من الارتفاع بسقف الحريات.. كلها عوامل كان من الطبيعى أن تحدث تغييرًا فى الكثير مما كان يعتبر من المحظورات واستجد الآن على مضمون الدراما.. والمنتظر كان أن يفطن كتاب الدراما إلى هذه النقطة فى تقديم طرح حقيقى لمختلف القضايا الشائكة.. مثل الحريات.. الفساد.. بينما ما يحدث فى أغلب هذه المسلسلات أن المزاعم لا تتوقف عن لصق العناوين «البراقة»!! عليها من نوعية (يكشف مافيا رجال الأعمال) و(علاقة الفساد بالسلطة).. وهى فى الواقع لا تتعدى كونها مباريات فى القبح والبذاءة بعيدًا عن أى مضمون فنى.
تقنية استخدام الرمز انتقلت إليها أيضا عدوى الإسراف والإغراق.. وهو ما أفقد هذا الفن قوة تأثيره بما له من طقوس و«جرعات» حين تدخل فى نسيج العمل الدرامى.. وقع بعض الكتاب تحت إغراء المبالغة فى استخدام الرمز وقسوة صور التعبير عنه دون مراعاة أن الإلحاح قد يخلق رد فعل سلبيا لدى المتلقى. لعل الذاكرة القريبة تستدعى صورا رائعة لتوظيف الرمز سواء فى تقنية التصوير أو الصياغة، على سبيل المثال الفيلا فى مسلسل «الراية البيضا» رمز لكل مظاهر الثقافة والحضارة، والعمارة فى مسلسل «العائلة» رمز المجتمع بكل مكوناته، حتى «السلعوة» فى مسلسل حدائق الشيطان رمز الترويج لوهم الخوف بهدف فرض السيطرة دون أن يلجأ المؤلف محمد صفاء عامر إلى التركيز على المشاهد الدموية بحكم خبرته بالحالة المزاحية للمشاهد فى رمضان التى لا تميل إلى الحدة والعنف.
النقد الموجه إلى غزو الدراما السنوى على الشاشات فى كل رمضان لا تحركه دوافع مثل العنصر الأخلاقى أو الحجر على الإبداع الفنى ولا حرية الفكر.. فقد تخطت ثورات التكنولوجيا والشعوب هذه الحدود.. لكنها حالة إجماع عام على افتقاد قيمة المضمون فى أغلب هذه الأعمال الدرامية.
الخلط الكارثى بين السوقية والابتذال وبين الواقعية لا يمكن اعتباره «الشماعة» التى تعلق عليها بعض الآراء تدنى مستوى التأليف الدرامى.. وإلاّ فمن يجرؤ على التشكيك فى واقعية أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ووحيد حامد ومحمد صفاء عامر.. ورائعين غيرهم أبدعوا فى تشريح هموم الواقع المصرى.. لكن للأسف عدوى «الاستسهال» انتقلت من السينما نتيجة إغراء الإيرادات العالية التى نجحت بعض الأفلام السوقية فى تحقيقها مع الوهم الزائف الذى حاول صناعها ترويجه عن انتماء هذا التشويه إلى الواقعية وتعبيره عن الشارع بكل متغيراته.. بالتالى كما بجح البعض فى ربط هذا «الوهم» بمجموعة أفلام قياسًا على العنصر المالى.. اكتفى الشق التجارى فى صناعة الدراما بإجراء عملية استنساخ.. ونقل «السبوبة» من شاشات السينما إلى التليفزيون دون مراعاة لاختلاف ظروف المشاهدة بين كلتا الحالتين أو حتى تحفيز الطاقات عند جيل جديد من كتاب الدراما فى محاولة الوصول إلى صيغة إبداعية تقترب من مستوى كلاسيكيات الدراما الرمضانية والمكانة التى ما زالت تحتلها فى وجدان المشاهد.
حتى موهبة بعض شباب صناع الدراما بشهادة أعمالهم السابقة فقدت «البوصلة» التى تحدد إشارتهم الفنية نحو توجه الذوق العام الذى لا يميل فى هذا الشهر الكريم بين العبادات وشىء من الترفيه إلى جرعة بالغة الإفراط من الدم والغيبيات والعنف أو حتى طرحها بالشكل المباشر السوقى. جزء من سحر مبدعى الدراما حين كانت أعمالهم تعرض فى رمضان أن الصيغة الفنية التى يتم بها تشريح هموم وآلام المجتمع كانت توضع فى إطار إنسانى مما يجعلها أقرب إلى الحالة النفسية للمشاهد.. لعل أوضح النماذج على قسوة المضمون مقابل إنسانية الصياغة الدرامية.. مسلسلات مثل «الراية البيضا، أرابيسك، العائلة، أوان الورد، عصفور النار»..
تراجع مساحة «التابو» مقابل التقدم المذهل فى وسائل التواصل وتبادل المعلومات مع توجه عام نحو المزيد من الارتفاع بسقف الحريات.. كلها عوامل كان من الطبيعى أن تحدث تغييرًا فى الكثير مما كان يعتبر من المحظورات واستجد الآن على مضمون الدراما.. والمنتظر كان أن يفطن كتاب الدراما إلى هذه النقطة فى تقديم طرح حقيقى لمختلف القضايا الشائكة.. مثل الحريات.. الفساد.. بينما ما يحدث فى أغلب هذه المسلسلات أن المزاعم لا تتوقف عن لصق العناوين «البراقة»!! عليها من نوعية (يكشف مافيا رجال الأعمال) و(علاقة الفساد بالسلطة).. وهى فى الواقع لا تتعدى كونها مباريات فى القبح والبذاءة بعيدًا عن أى مضمون فنى.
تقنية استخدام الرمز انتقلت إليها أيضا عدوى الإسراف والإغراق.. وهو ما أفقد هذا الفن قوة تأثيره بما له من طقوس و«جرعات» حين تدخل فى نسيج العمل الدرامى.. وقع بعض الكتاب تحت إغراء المبالغة فى استخدام الرمز وقسوة صور التعبير عنه دون مراعاة أن الإلحاح قد يخلق رد فعل سلبيا لدى المتلقى. لعل الذاكرة القريبة تستدعى صورا رائعة لتوظيف الرمز سواء فى تقنية التصوير أو الصياغة، على سبيل المثال الفيلا فى مسلسل «الراية البيضا» رمز لكل مظاهر الثقافة والحضارة، والعمارة فى مسلسل «العائلة» رمز المجتمع بكل مكوناته، حتى «السلعوة» فى مسلسل حدائق الشيطان رمز الترويج لوهم الخوف بهدف فرض السيطرة دون أن يلجأ المؤلف محمد صفاء عامر إلى التركيز على المشاهد الدموية بحكم خبرته بالحالة المزاحية للمشاهد فى رمضان التى لا تميل إلى الحدة والعنف.
النقد الموجه إلى غزو الدراما السنوى على الشاشات فى كل رمضان لا تحركه دوافع مثل العنصر الأخلاقى أو الحجر على الإبداع الفنى ولا حرية الفكر.. فقد تخطت ثورات التكنولوجيا والشعوب هذه الحدود.. لكنها حالة إجماع عام على افتقاد قيمة المضمون فى أغلب هذه الأعمال الدرامية.