صدر حكم محكمة الجنايات فى القضايا المتهم فيها «مرسى» الرئيس المخلوع وقيادات الجماعة الإرهابية يوم الثلاثاء الماضى.
وهذه الأحكام وفقًا للقول المأثور هى عنوان الحقيقة، والواقع أن القضاء المصرى الشامخ بتراثه العريق أظهر فى هذه المحاكمات تطبيق أصول الإجراءات الجنائية بدقة بالغة.
ولعل أهم حدث كان محاكمة المتهمين أمام قاضيهم الطبيعى، ونعنى محكمة الجنايات، مع أنهم لو كانوا أحيلوا إلى محاكم عسكرية فإن ذلك يطابق أصول القانون بحكم خطورة الجرائم المتعددة التى ارتكبوها على الأمن القومى، وعلى سلامة المجتمع. والواقع أن التهم الموجهة لهم لم تتعلق فقط بواقعة اقتحام السجون، ولكنها أخطر من ذلك، تتضمن جرائم تخابر تدل على خيانة قادة الجماعة الإرهابيين وفى مقدمتهم الرئيس المعزول «مرسى»، والذى سرّب عامدا متعمدا أسرار الأمن القومى المصرى لدولة قطر، ما يدل على انعدام الحسّ الوطنى لدى هؤلاء القادة، وأهم من ذلك أنهم يضفون الشرعية الدينية على خيانتهم على أساس أنهم يسعون إلى قلب الدولة المدنية وتأسيس دولة إسلامية تحكم - حسب زعمهم - بشرع الله، تمهيدًا لإقامة الوهم الكبير وهو الخلافة الإسلامية!
وتشاء التفاعلات المعقدة فى الإقليم أن تجعل تنظيم «داعش» يظهر من بين رماد الحرب الأمريكية على العراق بعد أن استولى الشيعة على نظام الحكم وتم الإقصاء الكامل للسنة. وينجح هذا التنظيم الإرهابى الخطير نتيجة تفاعل خيانات عراقية داخلية مست الجيش العراقى فى الصميم، والذى فقد شرفه العسكرى بانسحابه غير المنظم أمام قوات «داعش»، وأخطر من ذلك أنه تنازل عن مخازن أسلحته حتى الثقيلة منها والتى استولى عليها الإرهابيون.
وهؤلاء الإرهابيون تحقيقا لأفكارهم الشاذة المتطرفة أعلنوا قيام الخلافة الإسلامية، ومارسوا ذبح الرهائن علنا وسبى النساء والمتاجرة بهم، بالإضافة إلى سرقة النفط نتيجة التواطؤ بين سلطات محلية عراقية والسلطة التركية، بل إنهم يمارسون سرقة الآثار التى لا تقدر بثمن ويعرضونها للبيع فى أسواق عالمية.
وإذا كان الإخوان المسلمون كانوا يحلمون بتحقيق حلم «حسن البنا» بإقامة الخلافة الإسلامية كما صرح «محمد بديع» مرشد الإخوان السابق تمهيدًا لكى يصبحوا، كما زعم، أساتذة العالم (تأمل التبجح والغرور) فإن أحلامهم المريضة وأوهامهم المحلقة فى الخيال ظهرت على أرض الواقع فى صورة الخلافة الإسلامية التى يتزعمها الخليفة المزعوم «أبو بكر البغدادى».
واللافت للنظر حقا - فى يوم صدور الأحكام على قادة الجماعة الإرهابية - أن تصدر تصريحات أمريكية تقول إن الإدارة الأمريكية تصر على إعادة إدماج جماعة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية المصرية!
وهذا فى الواقع مطلب مستحيل التحقق تحت أى ظرف من الظروف. وذلك لأن الجماعة الإرهابية ليست مجرد جماعة دينية تدعو للإسلام - وإن كان ذلك فى مجتمع غالبيته من المسلمين مما يدعو للتساؤل - ولكنها فى الواقع بحكم التنظيم الحديدى لها، دولة موازية داخل الدولة، استعدادًا للانقضاض على الدولة المدنية الراهنة وتفكيكها.
ولنتأمل التنظيم المؤسسى لجماعة الإخوان المسلمين، والذى جعل منها دولة داخل الدولة.
«المرشد العام» للجماعة، وهو المنصب الذى تولاه «حسن البنا» باعتباره مؤسس الجماعة، هو أشبه برئيس الجمهورية فى الدولة. ثم لدينا بعد ذلك «مكتب الإرشاد» وهو أشبه ما يكون بمجلس الوزراء. ولدينا بعد ذلك مجلس «شورى الجماعة» وهو أشبه ما يكون بالبرلمان. ثم نجد بعد ذلك «رؤساء المكاتب الإدارية» وهم أشبه بالمحافظين، ودخل أخيرا إلى رؤساء الشعب والذين هم أشبه برؤساء «المجالس المحلية»، وهذه الشعب تنتشر فى كل القرى والنجوع والأحياء. أليس هذا التنظيم - كما قلنا - يمثل دولة موازية للدولة الرسمية يراد تقويض أركانها؟
ومن هنا يحق التساؤل: ما هو غرض الولايات المتحدة الأمريكية من الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين بالدعوة إلى عودتهم مرة أخرى لممارسة السياسة فى مصر؟
ألا يعنى ذلك دعوة مفتوحة لهم لكى يستكملوا مشروع «أخونة الدولة وأسلمة المجتمع» والذى شرعوا فيه أثناء حكمهم الديكتاتورى، ولم يمنعهم من تحققه سوى الرفض المطلق لجماهير الشعب المصرى، والتى خرجت فى ٣٠ يونيو لتعلن رفضها للمشروع الانقلابى الإخوانى وإصرارها على إسقاطه؟
إن الإخوانى سواء اليوم أو بعد عشر سنوات سيظل إخوانيا، بمعنى إيمانه المطلق بكل مبادئ الجماعة الإرهابية، إلا إذا كان ذا شخصية مستقلة ويمارس النقد الذاتى وينفض عن نفسه قيود السمع والطاعة والتى يربى عليها الإخوانى منذ أن كان شبلًا حتى أصبح عضوًا راشدًا.
من هنا يمكن القول إن المبادرة التى أطلقها «يوسف ندا» أحد قادة التنظيم الدولى البارزين بالإفراج عن قادة الجماعة مقابل إيقاف العنف - وهذا اعتراف منه بالإرهاب - على أن يسمح للجماعة بأن تمارس السياسة بعد عشرة أعوام، وأن تكفل الحكومة بدفع الديات لضحايا فض اعتصام رابعة، هى مبادرة فارغة من المضمون لأنها تهدف فقط إلى إنقاذ رقاب قادة الجماعة من حبل المشنقة!
وهذه الأحكام وفقًا للقول المأثور هى عنوان الحقيقة، والواقع أن القضاء المصرى الشامخ بتراثه العريق أظهر فى هذه المحاكمات تطبيق أصول الإجراءات الجنائية بدقة بالغة.
ولعل أهم حدث كان محاكمة المتهمين أمام قاضيهم الطبيعى، ونعنى محكمة الجنايات، مع أنهم لو كانوا أحيلوا إلى محاكم عسكرية فإن ذلك يطابق أصول القانون بحكم خطورة الجرائم المتعددة التى ارتكبوها على الأمن القومى، وعلى سلامة المجتمع. والواقع أن التهم الموجهة لهم لم تتعلق فقط بواقعة اقتحام السجون، ولكنها أخطر من ذلك، تتضمن جرائم تخابر تدل على خيانة قادة الجماعة الإرهابيين وفى مقدمتهم الرئيس المعزول «مرسى»، والذى سرّب عامدا متعمدا أسرار الأمن القومى المصرى لدولة قطر، ما يدل على انعدام الحسّ الوطنى لدى هؤلاء القادة، وأهم من ذلك أنهم يضفون الشرعية الدينية على خيانتهم على أساس أنهم يسعون إلى قلب الدولة المدنية وتأسيس دولة إسلامية تحكم - حسب زعمهم - بشرع الله، تمهيدًا لإقامة الوهم الكبير وهو الخلافة الإسلامية!
وتشاء التفاعلات المعقدة فى الإقليم أن تجعل تنظيم «داعش» يظهر من بين رماد الحرب الأمريكية على العراق بعد أن استولى الشيعة على نظام الحكم وتم الإقصاء الكامل للسنة. وينجح هذا التنظيم الإرهابى الخطير نتيجة تفاعل خيانات عراقية داخلية مست الجيش العراقى فى الصميم، والذى فقد شرفه العسكرى بانسحابه غير المنظم أمام قوات «داعش»، وأخطر من ذلك أنه تنازل عن مخازن أسلحته حتى الثقيلة منها والتى استولى عليها الإرهابيون.
وهؤلاء الإرهابيون تحقيقا لأفكارهم الشاذة المتطرفة أعلنوا قيام الخلافة الإسلامية، ومارسوا ذبح الرهائن علنا وسبى النساء والمتاجرة بهم، بالإضافة إلى سرقة النفط نتيجة التواطؤ بين سلطات محلية عراقية والسلطة التركية، بل إنهم يمارسون سرقة الآثار التى لا تقدر بثمن ويعرضونها للبيع فى أسواق عالمية.
وإذا كان الإخوان المسلمون كانوا يحلمون بتحقيق حلم «حسن البنا» بإقامة الخلافة الإسلامية كما صرح «محمد بديع» مرشد الإخوان السابق تمهيدًا لكى يصبحوا، كما زعم، أساتذة العالم (تأمل التبجح والغرور) فإن أحلامهم المريضة وأوهامهم المحلقة فى الخيال ظهرت على أرض الواقع فى صورة الخلافة الإسلامية التى يتزعمها الخليفة المزعوم «أبو بكر البغدادى».
واللافت للنظر حقا - فى يوم صدور الأحكام على قادة الجماعة الإرهابية - أن تصدر تصريحات أمريكية تقول إن الإدارة الأمريكية تصر على إعادة إدماج جماعة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية المصرية!
وهذا فى الواقع مطلب مستحيل التحقق تحت أى ظرف من الظروف. وذلك لأن الجماعة الإرهابية ليست مجرد جماعة دينية تدعو للإسلام - وإن كان ذلك فى مجتمع غالبيته من المسلمين مما يدعو للتساؤل - ولكنها فى الواقع بحكم التنظيم الحديدى لها، دولة موازية داخل الدولة، استعدادًا للانقضاض على الدولة المدنية الراهنة وتفكيكها.
ولنتأمل التنظيم المؤسسى لجماعة الإخوان المسلمين، والذى جعل منها دولة داخل الدولة.
«المرشد العام» للجماعة، وهو المنصب الذى تولاه «حسن البنا» باعتباره مؤسس الجماعة، هو أشبه برئيس الجمهورية فى الدولة. ثم لدينا بعد ذلك «مكتب الإرشاد» وهو أشبه ما يكون بمجلس الوزراء. ولدينا بعد ذلك مجلس «شورى الجماعة» وهو أشبه ما يكون بالبرلمان. ثم نجد بعد ذلك «رؤساء المكاتب الإدارية» وهم أشبه بالمحافظين، ودخل أخيرا إلى رؤساء الشعب والذين هم أشبه برؤساء «المجالس المحلية»، وهذه الشعب تنتشر فى كل القرى والنجوع والأحياء. أليس هذا التنظيم - كما قلنا - يمثل دولة موازية للدولة الرسمية يراد تقويض أركانها؟
ومن هنا يحق التساؤل: ما هو غرض الولايات المتحدة الأمريكية من الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين بالدعوة إلى عودتهم مرة أخرى لممارسة السياسة فى مصر؟
ألا يعنى ذلك دعوة مفتوحة لهم لكى يستكملوا مشروع «أخونة الدولة وأسلمة المجتمع» والذى شرعوا فيه أثناء حكمهم الديكتاتورى، ولم يمنعهم من تحققه سوى الرفض المطلق لجماهير الشعب المصرى، والتى خرجت فى ٣٠ يونيو لتعلن رفضها للمشروع الانقلابى الإخوانى وإصرارها على إسقاطه؟
إن الإخوانى سواء اليوم أو بعد عشر سنوات سيظل إخوانيا، بمعنى إيمانه المطلق بكل مبادئ الجماعة الإرهابية، إلا إذا كان ذا شخصية مستقلة ويمارس النقد الذاتى وينفض عن نفسه قيود السمع والطاعة والتى يربى عليها الإخوانى منذ أن كان شبلًا حتى أصبح عضوًا راشدًا.
من هنا يمكن القول إن المبادرة التى أطلقها «يوسف ندا» أحد قادة التنظيم الدولى البارزين بالإفراج عن قادة الجماعة مقابل إيقاف العنف - وهذا اعتراف منه بالإرهاب - على أن يسمح للجماعة بأن تمارس السياسة بعد عشرة أعوام، وأن تكفل الحكومة بدفع الديات لضحايا فض اعتصام رابعة، هى مبادرة فارغة من المضمون لأنها تهدف فقط إلى إنقاذ رقاب قادة الجماعة من حبل المشنقة!