السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"الخازوق" الذى يجلس عليه عبد المنعم أبو الفتوح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أسجل إعجابى في أي يوم من الأيام ولو بشكل عابر بالمدعو عبد المنعم أبو الفتوح، كنت أراه مدعيا طوال الوقت، يبحث عن مجد شخصى، لا فرق في ذلك وهو واحد من بين أعضاء جماعة الإخوان، أو وهو خارجها، رغم أنه لم يكن أبدا خارجها.
لم أنخدع بآرائه التي حاول أن يبدو فيها ليبراليا متحررا متقبلا للآخر، حاول أن يغازل الجميع في فترة مبكرة بقبوله للمرأة والمسيحى في منصب الرئاسة، بل ذهب ليشارك في حفل عيد ميلاد نجيب محفوظ، مصدرا نفسه كإخوانى متصالح مع المجتمع.
تحدث كثيرون عن تاريخ وقدرات أبو الفتوح، قرأت تقريبا كل ما كتبه وكل ما كتب عنه، علّى أعثر على آيات التميز هذه، لكنى لم أجد شيئا يلفت انتباهى إليه، تأكدت فقط أنه صاحب مشروع فردى، يحب الإسلام بقدر ما يحققه له هذا الحب من تميز، ويعشق الإخوان بقدر ما يوفره له هذا العشق من مكاسب، يغازل الليبراليين بقدر ما يمنحه من صورة براقة يرغب في تأكيدها لدى جمهوره، لم يؤمن أبو الفتوح بشيء، بقدر ما آمن بنفسه فقط... ولذلك وضعها في خدمة الجميع علّه يحقق لها مجدها الشخصى.
لم ينتبه أبو الفتوح أنه في لحظة بعينها سيسقط في عيون الجميع، في اللحظة التي يعرف الآخرون حقيقته، لن يركنوا إليه أبدا، كان يعرف أن جماعة الإخوان المسلمين لن يرشحوه للرئاسة أبدا، فهجرها، ثم ظل يتمسح بإخوانيته، علهم يرضون عنه بعد أن وصلوا إلى الرئاسة، وعندما تجاهلوه صب عليهم نار غضبه.
كان أبو الفتوح من أنصار الثورة على محمد مرسي، ولما وقعت الثورة لم يجد له فيها مكانا، جعل من نفسه معارضا، عله يحصد بعض الضوء من جديد، دون أن يدرى هذه المرة أن الأضواء أصبحت كاشفة، تحرق من يتلون ولا تطيل في عمره.
منذ أيام قليلة نشر أبو الفتوح مقالا مطولا على موقعه الخاص بعنوان «نظرة لما مضى ورؤية لما هو مأمول»، ضمنه مبادرة سياسية، اعتقد أنها يمكن أن تكون حلا للأزمة التي تعانى منها مصر، وهى مغالطة كبرى، فمصر فعليا لا تعانى من أزمة، اختار الناس طريقهم، وبرضا تام يدفعون ثمن اختيارهم لإنجاحه، الإخوان المسلمون هم من يعانون من أزمة طاحنة، أزمة وجود، فالكيان الذي قاموا عليه لأكثر من ثمانين عاما انهار تماما، ولذلك من الخطأ أن يجرنا أبو الفتوح أو غيره إلى الحديث عن مبادرات، تقوم على تصوير الأمر بأن مصر تعانى من أزمة، ولا بد للنظام وللحكومة وللشعب أن يخضعوا جميعا لما يطرحه حتى تنتهى الأزمة.
وحتى تتأكدوا من ذلك، ليس عليكم إلا أن تسمعوا ما قاله عبد المنعم، بأنه يطالب بتشكيل حكومة كفاءات انتقالية مستقلة، وتعيين رئيس حكومة جديد، يكون شخصية توافقية مستقلة، وتفويض رئيس الجمهورية في صلاحياته إلى رئيس الحكومة، ونقل صلاحيات التشريع لمجلس الدولة، على أن تقتصر مهمة مجلس الدولة على تعديل القوانين المعيبة، وعلى إصدار القوانين المتعلقة بتحقيق قواعد العدالة الانتقالية المتعارف عليها دوليا، وتمهيد الأجواء وتسهيل السبل، وتذليل العقبات أمام تحقيق عدالة انتقالية حقيقية، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وفق قواعد الحفاظ على حقوق الإنسان، وحماية مصر من مخاطر الإرهاب والتمهيد لانتخابات رئاسية مبكرة ومفتوحة خلال عام واحد.
تعامل البعض مع ما طرحه أبو الفتوح على أنه مبادرة، ثم تعاملوا معه بجدية شديدة، رغم أنها فعليا لا تعبر إلا عن هذيان رجل فقد عقله، وفقد أي إحساس بالواقع من حوله، فالنظام فعليا لا يعيش أزمة، حتى يخرج من يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، لكن تهافت الإخوانى الدائم ورغبته في إنقاذ جماعته أو ما تبقى منها، جعله يصدر لنا الأمر على أنه منقذ للوطن بحيلة سخيفة ومكشوفة.
لا أعرف بعد أن يقرأ أبو الفتوح ما كتبه، ما الذي يقوله عن نفسه بالضبط، هل يحترمها، هل يقدرها، هل يقتنع فعلا بما يقوله، أم أنه يواصل نفس فلسفته في فرض وجوده على الأحداث حتى لو كان ما يطرحه ويقوله بلا قيمة.
إننى أشفق على عبد المنعم، فقد فقد كل شيء بالفعل، ولم يعد لديه إلا «خازوق» الوهم الذي يجلس عليه، معتقدا أنه يمكن أن يعيد الزمن إلى الوراء، وهو الوهم الذي يجعله يردد مثل هذه المبادرات الساقطة.