السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أزمة "الحمير" في الحكومة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثق تمامًا فى حسن نوايا مَن يديرون شئون البلاد، لكننى لا أثق إطلاقا فى كفاءتهم.
هذه هى الأزمة الكبرى والحقيقية التى تواجهنا، فجوة ضخمة بين الرغبة فى النجاح والقدرة عليه، لا يمكن أن يشكك أحد فيما يقوم به عبدالفتاح السيسى، فهو يعمل بروح إنقاذ، ولا يمكن لأحد أن يتهم إبراهيم محلب بأنه متراخٍ، أو لا يبذل الجهد المطلوب منه، لكن السؤال الذى لا بد أن يواجهه الرئيس ورئيس حكومته هو: هل يؤدى كل هذا العمل والجهد إلى نتيجة يَرضى عنها الناس؟ هل حالة التركيز التى يبدو عليها رئيس الدولة طوال الوقت، وحالة الإجهاد التى يبدو عليها رئيس الحكومة طوال الوقت، من الممكن أن تقودنا إلى الاستقرار الذى ننشده جميعا؟
يمكن أن أريحك وأستريح تماما، وأقول إن الرئيس يعرف ما الذى يفعله، وإن رئيس الحكومة يدرك دوره تماما ويقوم به، فليس لنا أن نتابعهما، بل علينا فقط أن ننتظر النتيجة، حتى لو طال بنا الزمن، فإذا أخفق النظام فهو وحده من سيدفع الثمن، لكن هذا الكلام يدخل فى مساحة الهذيان، لأن الفشل هذه المرة لن يكون للنظام وحده، رئيس يرحل وحكومة تدخل السجن، فنحن جميعا الذين ندفع الثمن، وهو ما يقف بوضوح وراء حالة القلق التى تنتاب الجميع، فالسيسى لم يصل إلى الحكم لمجرد أنه أراد ذلك، بل لأن ملايين المصريين وقفوا خلفه، وإذا كان هناك من يعتبره خصما فإن كل من سانده وفوضه وانتخبه ومدحه ودافع عنه يدخلون فى خانة خصوم من لا يزالون يعتبرون أنفسهم أصحاب الشرعية.
أعرف أن السيسى نزل على عرش مصر، ليجد تحته وطنا متهالكا تماما، لا شىء فيه متماسك على الإطلاق، وطن علاجه الوحيد أن تتم إزالته تماما، تمهيدا لإعادة بنائه من جديد، ولأنه لا توجد فرصة أو إمكانيات تساعد على البناء من جديد، فقد اختار النظام سياسة الترقيع، وهى سياسة مرهقة لن تأتى بخير مهما كانت النوايا حسنة والقلوب طيبة.
لقد تعاطف الكثيرون مع حالة إبراهيم محلب وهو يقف بين مرضى معهد القلب فى إمبابة، كان يبدو حزينا ومرهقا وغاضبا، بالنسبة إلىّ كان المشهد مستفزا جدا، بدا محلب مصدوما كأنه لا يعرف الحالة المزرية التى وصلت إليها كل مرافق الدولة، صحيح أنه أصدر قرارات حاسمة، تلقاها الرئيس ليقرر التدخل لإنقاذ معهد القلب، لكن ما الذى سيفعله فى بقية مرافق الدولة.
الحكومة ليست جادة فى العمل، لأنها تعمل على طريقة تاجر التجزئة، زار محلب معهد القلب اكتشف أنه متهالك فقرر التدخل، ما الذى سيفعله المواطنون إذن فى بقية المستشفيات المتهالكة، هل ينتظرون زيارة من رئيس الحكومة، وما الذى سيفعله من يعملون فى المحاكم وأقسام الشرطة والمدارس والجامعات ودواوين الوزارات غير الآدمية؟
سيقول المطيباتية إن التركة ثقيلة، سأقول لك: مَن تقدموا لتولى الأمر كانوا يعرفون تماما، لا يمكن أن نعاملهم بقاعدة العذر بالجهل، بل لا بد أن نحاسبهم على أنهم لا يملكون خطة، ولا يعتمدون استراتيجية كاملة تمكنهم من الإنقاذ، إنهم يعملون بطريقة عشوائية وجزئيا.
هل تريدون دليلا على ذلك؟
سأحيلكم فقط إلى أزمة لحم الحمير التى تفجرت فى وجه الجميع خلال الأيام الماضية، دع عنك حالة الأفورة والاستخفاف التى تعاملنا بها مع الأزمة، فهذه عادتنا ولن نشتريها، توقف فقط أمام تعامل الحكومة مع الأزمة، كانت غائبة تماما، وكأن الأمر لا يعنيها، تركت الجميع يتحدثون، حتى تحول الأمر إلى فوضى.
وقبل أن تسأل وما الذى كان على الحكومة أن تفعله؟ سأقول لك.
فى هذه الأزمة كان لا بد أن تشكل الحكومة غرفة عمليات تضم ممثلين عن وزارتى الصحة والداخلية، ومتحدثا تسمى باسمها، يقول للناس حقيقة ما حدث على الأرض، بدلا من أن يتركوا الناس للشائعات والتخمينات والمؤامرات.
أزمة الحمير لا تقف عند خوف الناس من أكل لحم الحمير، ففى وطن يأكل أهله من صناديق الزبالة، لن يكون مفزعا أن يأكلوا لحم الحمير، ولكن المسألة تتعلق بالأمن القومى، فأزمة لحوم الحمير ضربت موسم سياح قادم، واسألوا خبراء السياحة فى ذلك، حتى لا يتهمنى أحد بالإفتاء فيما لا أعلم، أو التهويل فيما هو هين بالفعل.
الأزمة الكبرى التى نعانى منها بالفعل أننا أمام إدارة لا تحسن التصرف فى الأزمات الطارئة، تتعامل معها باستهانة، دون أن تدرك أن معظم النار من مستصغر الشرر، فهل ينتظرون حتى نحترق جميعا؟ أتمنى من الله ألا نصل إلى هذه النقطة أبدا... لكن من قال إنه بالدعاء وحده تنجو الأوطان؟