تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أتابع بشغف شديد كل ما يقال وينشر عن مشروع المليون فدان.. وأضع يدى على قلبى من مافيا بيع الأوهام.. وتجار الذمم.. وناهبى الأحلام.. والأرض بما عليها.. فلا فرص أخرى ستتكرر حتى يقوم هذا البلد إلا بذلك الطريق.
احنا بتوع زراعة.. ربنا خلقنا كده.. من أول التاريخ.. الأرض اللى شايلانا هى اللى علمت الدنيا الحضارة.. وهى اللى عملت مصر.. اللى قادرة لحد دلوقتى تقف على رجليها وتهضم كل سفالات العالم فى معدتها ثم تعيد تدويرها «تينا وزيتونا».
الزراعة والأرض والفلاحون هم سر هذا البلد.. بهم تقوم وبدونهم تحبو وتنطفئ.. فمن يملك قوت يومه.. يملك قراره.. واللى خربوها وتعدوا على ملكها كانوا عارفين ده.. وسمحوا لعدوها بأن يسلب أعز ما تملك عندما سمحوا بتبوير أراضيها وزرع الخرسانات فى أحشائها.. وتدمير قلبها وشبابها بالمبيدات المغشوشة وهرمونات آل صهيون.
وتجربة محمد على وعبدالناصر نموذج حى على تلك الفترات «اللى قامت فيها البلد.. وسمعنا حسِّها.. وتجربة السادات ومن بعده مبارك شاهد مضاد على ضياعها وهوانها.. حينما قررا تدمير زراعاتها تلك السنوات العجاف، هى أيام ما قبل يوسف النبى الذى فهم سرها أيضًا وأنقذها وأنقذ العالم من المجاعة.. و«هى دى الفولة».. اللى كله فاقسها ومطنش.. عمدًا فى حين.. وجهلاً فى غالب الأحيان.
لهذا كله أفهم أغنية صلاح جاهين الشهيرة «القمح مش زى الدهب.. القمح زى الفلاحين» فى سياقها الطبيعي.. ولهذا أيضًا أجدنى مشدودًا لتفاصيل مشروع المليون فدان.. وهى مرحلة أولى كما قيل تمثل ربع الحلم.. فالمستهدف زراعة وإعمار ٤ ملايين فدان كاملة.. فهل بدأنا؟
الأخبار المنشورة مؤخرًا كارثية وتشير إلى أن هناك من يعبث بحاضرنا ومستقبل أولادنا.. وبمشروع الرئيس أيضًا.. فليس من الصدفة أن ينفصل فى لقاء ميدانى أذاعته المحطات التليفزيونية ونقلته الصحف، ويشير إلى أننا نعجز عن حفر أربعة آلاف بئر.. تروى المليون فدان الأولي!! ثم يفاجئنا البعض من داخل وزارة الرى بأن المناقصة التى طرحتها الوزارة أو تنوى طرحها لحفر تلك الآربار وصلت إلى ١٣ مليار جنيه.. ومن طرف خفى يشير المصدر إلى إهدار عشرة مليارات منها كبدلات ومكافآت ومصروفات نثرية على السادة الموظفين بالوزارة فى شقق مفروشة ومكيفة وفاخرة لحفر تلك الآبار.. الرقم مفزع.. فحسبة بسيطة إذا قلنا إن الأربعة آلاف بئر ستروى المليون فدان يعنى هذا أن كل بئر ستروى ٢٥٠ فدانًا.. وأى فلاح فى مصر يعرف أن تكلفة حفر بئر وتشغيلها لرى تلك المساحة لن تزيد على نص مليون جنيه.. فيما يصل فى حال صحة المعلومات الواردة من وزارة الرى إلى ٣ ملايين جنيه تقريبًا يعنى خمسة أضعاف تكلفته الحقيقية.. فمن هو ذلك العبقرى الذى يريد أن يلهف تلك المليارات العشرة أو بمعنى أدق يهدرها.. واحنا فى عرض مليم؟!
وزير الزراعة أعلن أنهم وجهوا تسعة آلاف إنذار للمعتدين على أراضى الطرق الصحراوية.. وكشف تقرير من داخل الوزارة أن المعتدين يمثلون ٦٤٥ شركة و٣٥٠ رجل أعمال.. تصل مخالفات هؤلاء المعتدين إلى ١٥٠ مليار جنيه سيتم تحصيل ٣٥ مليارًا منها كمرحلة أولى للصرف على البنية الأساسية لمشروع المليون فدان.. يعنى من الآخر احنا فى عرض الحرامية.. والوزارة بتدلعهم وتبعت لهم تسعة آلاف إنذار فى الوقت اللى ليها ٢٠ سنة مطلعة عين المزارعين الجادين اللى عايزين يقننوا أوضاعهم.. وهذا أمر غير مفهوم بالمرة.. سوى أنها فرص إضافية تمنح لناهبى المال العام وسارقى الأحلام وجيوبنا ومستقبلنا.. يعنى بالبلدى كده اللى اعتدى على الأرض وحولها لفيلات ومنتجعات وباعها.. لا زرع ولا خضر ولا نيّل.. نطبطب عليه ومش مهم البلد ولا المشروع ولا الحلم.. ولا أى حاجة.. لماذا هذه اليد المرتخية تجاه هؤلاء فى الوقت الذى تقوم الدنيا ولا تقعد على واحد سرق فرخة.. استفيقوا يرحمكم الله.. ويا أهل الحل والعقد.. الفرص لن تنتظرنا كثيرًا.. والأعمال الصالحة ليست بالنيات وحدها!!