تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
استكمالا لما بدأناه فى الأسبوع الماضى من تفنيد ودحض ما جاء فى كتاب «دراسات فى المسرح والسينما عند العرب» للناقد والمؤرخ الإسرائيلى يعقوب لنداو، فإننا نتوقف عند العبارات التى دسها فى كتابه وباتت مع الأيام حقائق تاريخية رسختها رسائل الماجستير والدكتوراة التى اعتمدت على هذا الكتاب، واعتبرته مرجعا أساسيا لها، فأكدت ما ذكره من أن مؤسس المسرح المصرى هو «يعقوب روفائيل صنوع»، ولو أنك بحثت فى جوجل أو فى معظم المراجع عن مؤسس المسرح المصرى، لقيل لك إنه يعقوب صنوع، ولو أنك بحثت عن مؤسس السينما فى مصر لقيل لك إنه توجو مزراحى، وهذا غير صحيح بالمرة، فلقد تناسى لنداو بقصد كل من سبق صنوع فى المسرح، وكل من سبق توجو مزراحى فى السينما، وكاتب هذه السطور له دراسة علمية أكاديمية منشورة فى كتاب بعنوان «المسرح الشعبى عن مسرح ما قبل يعقوب صنوع»، والذى أغفله لنداو ليصل إلى ما يريده، وهو أن اليهود هم أصحاب فضل علينا فى كل شىء، متناسيا أن الفراعنة قد عرفوا المسرح ومارسوه فى احتفالات التتويج ومتناسيا أن بالأقصر حجرا نقش عليه بالهيروغليفية عبارات شكر من ممثل شاب لأستاذه الذى علمه فن التمثيل، وتناسى أيضا لنداو الأشكال الشعبية المسرحية المصرية، كالسامر الذى مارسه الفلاحون المصريون فى ليالى الحصاد، حيث كانوا يجتمعون ليقدموا اسكتشات فكاهية يسخرون فيها من أحوالهم ويحاكون العمد، تناسى كذلك الفرق المسرحية الشامية التى زارت مصر والفرق الأجنبية التى جاءت لتقديم عروضها، ومنها عروض الأوبرا، وعندما يتحدث لنداو عن صنوع، فإنه يرفعه إلى مرتبة أعلى من البشر، فشيخ مسجد الشعرانى طمأن والدة صنوع بأن طفلها الذى كانت تحمله فى بطنها سيكون مباركا من الله ومحبوبا من الشعب، ويستطرد لنداو طويلا فى الحديث عن ثقافة صنوع وعلمه الواسع، وحفظه للقرآن الكريم فى بيئة إسلامية مما يجعله يتأثر بهذا المناخ ويؤثر فيه، وهكذا نكتشف أننا أمام محاولة قديمة للتطبيع رغم أننا لسنا فى حاجة لمن يحدثنا عن صنوع، فهو فى النهاية مصرى ولكن للحق هو ليس مؤسس المسرح فيها، ولن نعترف بأنه أول من أقنع امرأة بالوقوف على خشبة المسرح، وهى المسماة إستر شطاح، وهى فتاة يهودية علمها يعقوب التمثيل فصارت أول ممثلة فى مصر، وهكذا فإن اليهود كما يرى لنداو هم الذين لهم الفضل فى كل مجالات الفن المصرى، وأحمد الله تعالى أنه فى الآونة الأخيرة قد ظهر بعض الأقلام التى تنبرى لوقف مهزلة اسمها «يعقوب صنوع مؤسس المسرح المصرى»، وكتاب لنداو يحتوى على كثير من السموم فى إناء العسل مثل قوله «إن اللغة العربية الفصحى لا تفهمها غير قلة من مرتادى المسرح، بل وربما تسبب ضحكا غير مقصود عند المتفرج» يقول هذا رغم أن معظم المسرحيات الناجحة التى قدمت فيما بعد صنوع، كانت لكلاكسيكيات عالمية وباللغة العربية، ومما يقرره فى كتابه أن زكى طليمات قدم مسرحية تاجر البندقية نتيجة لدعمه من الدوائرالدينية، التى تريد مهاجمة اليهود وهذه المسرحية كما هو معروف تعادى اليهود والسؤال الآن: هل الدوائر الدينية إذا دعمت المسرح هل لها أن تختار مسرحية لشكسبير لمجرد أنه يعادى فيها اليهود أم تراها ستختار مسرحية دينية أو تاريخية لشوقى أو لباكثير أو لغيرهما ويتهم لنداو الرقابة المصرية بالتطرف فيقول «أهم هذه الحالات وأكثرها تطرفا قرار حظر الأفلام التى يمثل فيها دانى كاى وميكى رونى فى جميع بلاد القطر المصرى، وذلك بتهمة أنهما تبرعا ببعض الأموال لإسرائيل إبان حرب فلسطين» هذه هى كلماته بالنص وهذه بعض آرائه، وليست جميعها ولكن واأسفاه، لقد اعتمدنا على ما جاء فى هذا الكتاب كمرجع أساسى لرصد تاريخ المسرح العربى ولو بحثت عن قائمة المراجع فى رسائل الماجستير والدكتوراه المتعلقة بالمسرح المصرى، ستجد أن اسم «يعقوب لنداو» يزينها بقوة، لقد أن الآوان أن نفند مزاعم لنداو، وأن يمنع طلاب أكاديمية الفنون من دراسة هذا الكتاب الإسرائيلى، الذى لا أدرى كيف تسلل إلى حياتنا الثقافية، وكيف نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب وقت حرب الاستنزاف؟