اعترف نادر بكار، نائب رئيس حزب النور، في بجاحة يُحسد عليها، بلقائه، بصحبة قيادات من الحزب، مسئولين وسياسيين أمريكيين داخل السفارة الأمريكية بالقاهرة.
وقال «بكار»، في مداخلة تليفزيوينة لبرنامج «حضرة المواطن» على قناة «العاصمة»، مساء أمس الأول الثلاثاء: «نعم التقينا سياسيين أمريكيين، كما التقى معهم (المصريين الأحرار)، وغالبية الأحزاب المصرية»، مضيفا «أن الصحف التي ذكرت أننا التقينا المخابرات الأمريكية، عليها أن تتقدم بمستندات إلى النائب العام تثبت تخابرنا ضد مصر».
وتابع الرجل: «يعنى إيه بنعرض نفسنا بديلا للإخوان؟ نحن لا نعرض أنفسنا على دول قد تكون راغبة في إسقاط مصر»، مشيرا إلى أن «الحزب تناول مع السياسيين الأمريكيين داخل السفارة الأوضاع الداخلية للبلد».
والسؤال الأول- الذي يبدو ساذجا- بماذا نسمى، يا سيد بكار، تناول وتوصيف الأوضاع الداخلية لمصر مع سياسيين وصحفيين ورجال أمن واستخبارات تابعة لدولة أجنبية، داخل سفارة تتمتع أرضها بكل ما تتمتع به الأرض الأمريكية من خصائص باعتبارها أرضا أجنبية ذات سيادة؟ إذ لا تجوز مراقبة ما يدور داخلها أو التعرض لمن فيها أو اقتحامها، حتى وإن مثل ما يحدث داخلها جريمة بكل ما تعنيه الجريمة من معنى ومغزى؟! والسؤال الأكثر أهمية: ألا يعلم السيد بكار أن عددا ممن جالسهم هم رجال استخبارات يعملون تحت غطاء دبلوماسى كما هو متعارف لدى كل السفارات في العالم أجمع، وأنهم يقومون بجمع المعلومات لصالح تلك الأجهزة التي يعملون لصالحها، وأن مناقشة الوضع الداخلى للبلاد معهم يقع في إطار وخانة لا نريد توصيفها، لأن تلك الجريمة، كما أوضحنا، وقعت على أرض غير مصرية بحكم توصيف السفارة الأمريكية في القانون الدولى والأعراف الدبلوماسية المتبعة في أي بلد؟
والسؤال الثالث: لماذا لم يبادر السيد بكار وقادة حزبه قبل أن ننشر نحن هنا في «البوابة» الخبر يوم الثلاثاء (٢/٦/٢٠١٥) بالإعلان عن اللقاء وتفاصيله وعدد الحضور وأسمائهم ووظائفهم، حتى يطمئن المصريون أن اللقاء جاء في إطار سياسي محترم؟
والسؤال الأخير: لماذا لم يذكر السيد نادر بكار وهو يتحدث عن الأحزاب التي أجرت مقابلات مثل تلك التي أجراها قادة حزب النور مع الأمريكان سوى حزب المصريين الأحرار، التابع للمهندس نجيب ساويرس، رجل أمريكا الأول في مصر، وهل هذا يعنى أن هذين الحزبين فقط هما من شاركا في تلك اللقاءات وإلى ماذا يرمز ذلك؟!
هذه الأسئلة وغيرها كان لا بد أن يجيب عنها السيد نادر بكار قبل أن يتبجح في وجه المصريين بالقول: نعم قابلنا سياسيين أمريكيين في السفارة الأمريكية، وإذا كان ذلك يعتبر تجسسا فلتقدمونا إلى النائب العام.
تلك البجاحة التي تحمل تحديا لإرادة أمة تخوض حربا ضروسا مع أجهزة استخبارات عدة تأتى الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمتها.
قد يقول قائل، ولديه مائة حق، فلماذا تتعامل الحكومة المصرية مع الحكومة الأمريكية إذن وعلى أكثر من اتجاه؟! ونجيب عما سبق أن قلناه من قبل، للحكومات ضروراتها وللشعوب خياراتها، فلا يعقل أن تتعامل الحكومة المصرية مع العدو الصهيونى، وجهاز الموساد الإسرائيلى، في قضايا بعينها، فأذهب أنا كمواطن وأتعامل معهم تحت دعوى أن حكومتى لديها اتفاقية سلام مع إسرائيل وتتعامل مع ذلك الجهاز، والأمر ينسحب هنا على منظمات ودول عديدة تجد الحكومة نفسها مضطرة، سواء للتعامل الدبلوماسى أو التجارى أو الأمنى معها، ولكن المواطن المصرى تكون له وجهة نظر أخرى في الموضوع، لأنه ليست لديه ضرورات الحكومة.
وقد ضربت أمثلة عديدة من قبل، بقطر وتركيا، وقلت إنه ليس معنى أن يستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى الأمير تميم حاكم قطر في مطار شرم الشيخ عند مشاركته في القمة العربية، أن على المصريين أن يطووا صفحة الماضى ويتعاملوا مع قطر كدولة صديقة، بل أكاد أجزم أن أجهزة المعلومات المصرية، ورغم ذلك الاستقبال، ما زالت تتعامل مع قطر كدولة ذات توجهات عدائية ضد مصر، تستأهل التعامل بحذر مع تحركاتها، خصوصا داخل إقليم الشرق الأوسط والمنطقة العربية بشكل خاص.
ومن هنا ما كان يجب التبجح بأن أحزابا أخرى كـ«المصريين الأحرار» قابلت الأمريكان، لأن ما هو معلوم بالضرورة وردده قادة حزب النور كثيرا، وربما نسوه لطول الزمن، أن ساويرس رجل أمريكا الأول في مصر، وأنه الوحيد الذي ما زال مرتبطا بالرؤية الأمريكية فيما يتعلق بمصر والشرق الأوسط، أم أن متغيرا جديدا طرأ على الساحة السياسية أصبح ساويرس بمقتضاه عرّاب صفقة كبرى بين السلفيين، ممثلين في حزب النور والأمريكان؟!
سؤال قد نجد إجابته في ما تسفر عنه تطورات الأحداث في الأيام المقبلة.