ونعود إلى الحوار الجميل الذى نشره نصر فى آخر الكتاب والذى دار بينه وبين محاوره فى طرقات جامعة ليون وشوارع المدينة الشديدة الهدوء سأله المحاور:
س: هل تعتبر حياتك فى خطر؟
ج: «الحياة دائما فى خطر دائما فى عالمنا هذا الثالث والرابع.. لذلك لم أعر كثيرا اهتماما لخطابات التهديد التى لقيتها فى سياق حملة التكفير التى شنها ضدى بعض خطباء المساجد، وبعد صدور حكم محكمة الاستئناف بتكفيرى وإلزامى بتطليق زوجتى بيوم واحد أعلنت منظمة الجهاد عن طريق رسالة بالفاكس نشرت فى كثير من الصحف العربية إهدار دمى وأن من واجب كل مسلم أن يسعى لقتلىـ، بل أهدرت دم كل من يتصدى للدفاع عنى.
وهنا أحست مؤسسات الدولة أن التهديد جد لا هزل فاتخذت إجراءات حراسة مشددة حول المسكن، وأصبحت حركتنا مرهونة بموافقة الأمن والإجراءات المناسبة» (ص٢٢٤).
وأتوقف لأكمل ما قاله نصر فى حواره فقد حكى لى خلال زيارتى له فى منزله بليدن أنه كان يقيم فى ٦ أكتوبر ولا يمتلك سيارة ولا يعرف قيادة السيارة وأن تحركه كان يتطلب أن يحشر نفسه - وهو لمن لا يعرفه بالونة ضخمة فى الأتوبيس ومعه حراس بالرشاشات وهذا مستحيل.
ومن ثم كان الرحيل خيارا وحيدا. ونعود إلى نصر حامد أبوزيد فى حواره، ونقرأ «بعد أربع سنوات كاملة من الحياة فى الغرب الأوروبى وفى مناخ علمى وأكاديمى مغاير كما وكيفا، وبرغم الظروف الكريهة التى ألجأتنى قسراً للرحيل إلى منفاى لا يزال كثير من قناعاتى الأساسية فى السياسة والاجتماع والثقافة والفكر تكتسب ثباتا، ولعل على رأس هذه القناعات الإيمان بضرورة التجديد الدينى بصفة خاصة وذلك انطلاقا من طبيعة التحديات التى لا أزال أراها تواجه عالمنا العربى والإسلامى.
ولعل من أهم تلك التحديات ذلك الاستخدام الأيديولوجى النفعى للإسلام لتحقيق مصالح وغايات ذات طبيعة فئوية محلية عاجلة. وسواء تم هذا الاستخدام من جانب جماعات سياسية بعينها، أو من جانب أنظمة وسلطات فاقدة للمشروعية الاجتماعية والسياسية والقانونية، فالنتيجة واحدة، وهى تحويل الإسلام إلى أداة من الأدوات واختزاله فى وظائف وغايات ذات طبيعة دنيوية متدنية» (ص٢٢٤).
ويواصل نصر حامد أبوزيد «لننظر مثلا فى مقولة أن الإسلام دين شمولى ينظم شئون الحياة الإنسانية الاجتماعية والفردية فى كل صغيرة وكبيرة بدءا من النظام السياسى ونزولا حتى إلى كيفية ممارسة الفرد لنظافته الذاتية فى الحمام».
ويمضى د. نصر متململا وخائفا من تغلغل من لا يعلمون للإفتاء فى قضايا لا يعرفون عنها شيئا، وحين تأخذ أسئلة الحياة اليومية هذا المنحى يتحتم أن يكون رجل الدين عالما فى كل المجالات وخبيرا فى كل القضايا حتى أكثرها تخصصا.
وأستأذن فى أن أترك حوار د. نصر قليلا لأتذكر حوارا جرى فى إحدى لجان مجلس الشورى حول نقل الأعضاء، وكيفية التأكد من وفاة الإنسان، وتحدث أطباء عن حالة وفاة إكلينيكية يموت فيها جذع المخ وتبقى بقية أعضائه صالحة للنقل.
وهنا انبرى شيخ معمم أتى ليمثل الأزهر فأفتى قائلا «أنا ما ليش دعوة بالكلام ده، أنا أجيب مراية وأحطها أمام النائم فإن شبرت (أى أتاها بخار من أنفاس) النائم يكون حيا ومفيش حاجة اسمها جذع المخ ولا كلام من ده».
وسألته: يا مولانا هل كانت هناك مرايا فى زمن الرسول؟ وصمت الشيخ.
وأعود إلى ما قاله نصر فى حواره المنشور فى كتابه «وقد عهدنا ممن يعتبرون أنفسهم قيمين على حماية الدين فى كل عصر من العصور إذا سئلوا عن رأى الدين فى شأن من الشئون فإنه يصعب على الواحد منهم أن يقول مثلا «هذا أمر لا شأن للدين به» ذلك أن من شأن هذا الجواب أن يزعزع مقولة الشمولية التى يستند الخطاب الدينى عليها فى ممارسة سلطته.
ويتناسى هؤلاء أن نبى هذا الدين ومتلقى وحيه من الله عز وجل بواسطة الروح القدس جبريل لم يجد غضاضة حين لم ينجح اقتراحه فى تأبير النخل أن يعلن أن هذا كان رأيا ارتآه ولم يكن وحيا من عند الله وقال «أنتم أدرى بشئون دنياكم» (ص٢٢٥).
ورداً على سؤال: ما الذى تغير فى مفهومك لتجديد الفكر الديني؟ قال: لقد أدى الفهم السقيم للإسلام إلى ترسيخ سلطة كل من نصب نفسه حاميا للدين.
وبرغم الدعاوى الفارغة القائلة بأنه لا سلطة دينية فى الإسلام، فإن الواقع الفعلى يؤكد وجود هذه السلطة، بل وجود محاكم تفتيش فى حياتنا» (ص٢٢٦) ويقول «نحن بحاجة إلى التجديد الفكرى والسياسى والاجتماعى وفى كل مجالات المعرفة لكن التجديد فى الفكر الدينى أصبح الآن أكثر إلحاحا وضرورة» (ص٢٢٦).
ويا أخى نصر سلاما لك وتحية. وستبقى دوما مضيئا فى سماء الوطن.
س: هل تعتبر حياتك فى خطر؟
ج: «الحياة دائما فى خطر دائما فى عالمنا هذا الثالث والرابع.. لذلك لم أعر كثيرا اهتماما لخطابات التهديد التى لقيتها فى سياق حملة التكفير التى شنها ضدى بعض خطباء المساجد، وبعد صدور حكم محكمة الاستئناف بتكفيرى وإلزامى بتطليق زوجتى بيوم واحد أعلنت منظمة الجهاد عن طريق رسالة بالفاكس نشرت فى كثير من الصحف العربية إهدار دمى وأن من واجب كل مسلم أن يسعى لقتلىـ، بل أهدرت دم كل من يتصدى للدفاع عنى.
وهنا أحست مؤسسات الدولة أن التهديد جد لا هزل فاتخذت إجراءات حراسة مشددة حول المسكن، وأصبحت حركتنا مرهونة بموافقة الأمن والإجراءات المناسبة» (ص٢٢٤).
وأتوقف لأكمل ما قاله نصر فى حواره فقد حكى لى خلال زيارتى له فى منزله بليدن أنه كان يقيم فى ٦ أكتوبر ولا يمتلك سيارة ولا يعرف قيادة السيارة وأن تحركه كان يتطلب أن يحشر نفسه - وهو لمن لا يعرفه بالونة ضخمة فى الأتوبيس ومعه حراس بالرشاشات وهذا مستحيل.
ومن ثم كان الرحيل خيارا وحيدا. ونعود إلى نصر حامد أبوزيد فى حواره، ونقرأ «بعد أربع سنوات كاملة من الحياة فى الغرب الأوروبى وفى مناخ علمى وأكاديمى مغاير كما وكيفا، وبرغم الظروف الكريهة التى ألجأتنى قسراً للرحيل إلى منفاى لا يزال كثير من قناعاتى الأساسية فى السياسة والاجتماع والثقافة والفكر تكتسب ثباتا، ولعل على رأس هذه القناعات الإيمان بضرورة التجديد الدينى بصفة خاصة وذلك انطلاقا من طبيعة التحديات التى لا أزال أراها تواجه عالمنا العربى والإسلامى.
ولعل من أهم تلك التحديات ذلك الاستخدام الأيديولوجى النفعى للإسلام لتحقيق مصالح وغايات ذات طبيعة فئوية محلية عاجلة. وسواء تم هذا الاستخدام من جانب جماعات سياسية بعينها، أو من جانب أنظمة وسلطات فاقدة للمشروعية الاجتماعية والسياسية والقانونية، فالنتيجة واحدة، وهى تحويل الإسلام إلى أداة من الأدوات واختزاله فى وظائف وغايات ذات طبيعة دنيوية متدنية» (ص٢٢٤).
ويواصل نصر حامد أبوزيد «لننظر مثلا فى مقولة أن الإسلام دين شمولى ينظم شئون الحياة الإنسانية الاجتماعية والفردية فى كل صغيرة وكبيرة بدءا من النظام السياسى ونزولا حتى إلى كيفية ممارسة الفرد لنظافته الذاتية فى الحمام».
ويمضى د. نصر متململا وخائفا من تغلغل من لا يعلمون للإفتاء فى قضايا لا يعرفون عنها شيئا، وحين تأخذ أسئلة الحياة اليومية هذا المنحى يتحتم أن يكون رجل الدين عالما فى كل المجالات وخبيرا فى كل القضايا حتى أكثرها تخصصا.
وأستأذن فى أن أترك حوار د. نصر قليلا لأتذكر حوارا جرى فى إحدى لجان مجلس الشورى حول نقل الأعضاء، وكيفية التأكد من وفاة الإنسان، وتحدث أطباء عن حالة وفاة إكلينيكية يموت فيها جذع المخ وتبقى بقية أعضائه صالحة للنقل.
وهنا انبرى شيخ معمم أتى ليمثل الأزهر فأفتى قائلا «أنا ما ليش دعوة بالكلام ده، أنا أجيب مراية وأحطها أمام النائم فإن شبرت (أى أتاها بخار من أنفاس) النائم يكون حيا ومفيش حاجة اسمها جذع المخ ولا كلام من ده».
وسألته: يا مولانا هل كانت هناك مرايا فى زمن الرسول؟ وصمت الشيخ.
وأعود إلى ما قاله نصر فى حواره المنشور فى كتابه «وقد عهدنا ممن يعتبرون أنفسهم قيمين على حماية الدين فى كل عصر من العصور إذا سئلوا عن رأى الدين فى شأن من الشئون فإنه يصعب على الواحد منهم أن يقول مثلا «هذا أمر لا شأن للدين به» ذلك أن من شأن هذا الجواب أن يزعزع مقولة الشمولية التى يستند الخطاب الدينى عليها فى ممارسة سلطته.
ويتناسى هؤلاء أن نبى هذا الدين ومتلقى وحيه من الله عز وجل بواسطة الروح القدس جبريل لم يجد غضاضة حين لم ينجح اقتراحه فى تأبير النخل أن يعلن أن هذا كان رأيا ارتآه ولم يكن وحيا من عند الله وقال «أنتم أدرى بشئون دنياكم» (ص٢٢٥).
ورداً على سؤال: ما الذى تغير فى مفهومك لتجديد الفكر الديني؟ قال: لقد أدى الفهم السقيم للإسلام إلى ترسيخ سلطة كل من نصب نفسه حاميا للدين.
وبرغم الدعاوى الفارغة القائلة بأنه لا سلطة دينية فى الإسلام، فإن الواقع الفعلى يؤكد وجود هذه السلطة، بل وجود محاكم تفتيش فى حياتنا» (ص٢٢٦) ويقول «نحن بحاجة إلى التجديد الفكرى والسياسى والاجتماعى وفى كل مجالات المعرفة لكن التجديد فى الفكر الدينى أصبح الآن أكثر إلحاحا وضرورة» (ص٢٢٦).
ويا أخى نصر سلاما لك وتحية. وستبقى دوما مضيئا فى سماء الوطن.