السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تحيا مصر.. بس سيبوها وهي تحيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يحتاج الرئيس عبد الفتاح السيسي لمن يصفق له، لا يحتاج لمن يرفع صوره ويغنى من أجله، لا يريد من يحولون كلماتهم لقصائد من المديح الذي يصل في كثير من الأحيان إلى حد الابتذال، لا ينتظر من يرددون بمناسبة وغير مناسبة أنهم يحبونه، ليس لأنه يستحق ذلك، فهو يستحق ما هو أكثر، لكنه حدد ما الذي يريده وبدقة من الجميع، العمل ولا شىء غير العمل.
مبكرًا جدًا وضع السيسى لنفسه برنامجًا، لخصه في كلمتين فقط: تحيا مصر، كان هذا هو الشعار الذي وضعه لحملته الانتخابية، عاب عليه البعض أنه لم يحتم بشعار مبتكر، فيه شىء من الإبداع، يكون جاذبًا للناس، لكنه اختار أن يعلن ما يريد أن يفعله دون دغدغة لمشاعر الناس أو خداعهم، فهو يرغب أن تحيا مصر، تقف على قدميها، ترفع قامتها، وتنصب ظهرها، ولا يستطيع أن يكسر أنفها أحد.
بعد أن أصبح رئيسًا، تعود السيسى أن يختم أي كلمة يلقيها بـ«تحيا مصر» لا ليتذكر، فقد ألزم نفسه بها من البداية، بل ليُذكر الجميع أن هذا برنامجه الذي لن يتخلى عنه.
من ناحيته فهو يعمل، على الأقل يعمل ما يعتقد أنه صواب، لكن هل يعمل من يحيطون به، هل يعمل من يؤكدون على حبهم له، هل يعمل من يسيرون خلفه في كل مكان وأى مكان هاتفين ومهللين، محولين مواكبه إلى زفة بلدي، لا تليق بمقام ولا بمكانة رئيس دولة عظيمة مثل مصر، والسؤال الأهم هل ينتبه هو إلى أن كثيرًا مما يحيط به ليس إلا سرابًا سرعان ما سيتبدد؟
يعيب البعض أن هناك من بين صفوف ٣٠ يونيو من يعترض وينتقد ويناقش، وهى أصوات لا يستطيع أحد أن يشكك في نزاهتها السياسية، أو يزايد على موقفها الوطنى، هؤلاء من يحتاج أن يسمع لهم السيسى وينصت إليهم جيدًا، لا يجب تجاهلهم أو تشويههم، أو التعامل معهم على طريقة أن من لا يمدحنى أو يمجدنى، ويرى فيما أفعله الصواب المطلق فهو حتما خصمى وعدوى ولا قيمة لما يقوله.
أعرف أنه لا وجهات نظر في معنى الوطن، لكن هناك وجهات نظر كثيرة في طريقة بناء هذا الوطن، وهى وجهات نظر ليست حكرًا على أحد على الإطلاق، الكل يجب أن يشارك، أن يتحدث، أن يناقش، وأن يعترض أيضًا، هؤلاء يتحدثون مع الرئيس وله من داخل الصف وليس من خارجه، يريدون بناءً لا هدمًا، تقدمًا لا انهيارًا، يرغبون أن تحيا مصر لكن على أسس صحيحة وقوية تمكنها من الاستمرار، لا أن تحيا على شفا جرف هار سرعان ما سينهار بها أمام الجميع.
في الحياة السياسية المصرية الآن تتكون ما يمكننا التعامل معه على أنه معارضة، المطلوب أن تنمو هذه البذرة، فالنظام القوى يحتاج إلى معارضة قوية، يحتاج لمن يقف على يساره، فأهل اليمين لا يعرفون إلا الهتاف بشعارات جوفاء، حماسهم وهم يرددونها يتوقف على المصلحة التي تتحقق لهم، وهؤلاء في الحقيقة لا يمكن التعويل عليهم في إحياء وطن أو بنائه.
لقد كان ما حدث في ألمانيا من الوفد الشعبى المرافق للرئيس مخجلًا، رأت فيه الصحف الألمانية خللًا واضحًا، فمن ذهبوا مع الرئيس كان يجب أن يقوموا بدور آخر، من بينهم صحفيون كبار، لماذا لم يرتب هؤلاء لقاءات مع كبار الصحفيين الألمان لينقلوا لهم حقيقة ما حدث في مصر؟ لماذا لم يحملوا معهم فيديوهات ووثائق ومستندات تؤكد إرهاب جماعة الإخوان، وأن ما حدث في مصر كان ثورة شعب حر؟ لماذا لم يقوموا بزيارات إلى الصحف الألمانية الكبرى، وينقلوا لمن يعملون فيها ما يحدث على الأرض.
لماذا لم يذهب رجال قانون مع الرئيس ليتحدثوا مع من بأيديهم صنع القرار في ألمانيا عن حقيقة الوضع القانونى لمحمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، بدلًا من أن يتركوا الرئيس يتحدث وحده عن الأمر في مؤتمره الصحفى مع ميركل؟
لماذا لم نجد الفنانين المصريين وهم يجلسون مع الفنانين الألمان، ليفتحوا معهم حوارًا عن خطورة جماعة الإخوان وذكرها الإرهاب وموقفها من الإبداع والمبدعين؟
لقد رفع من سافروا مع الرئيس شعار «لست وحدك»، لكن الواقع يقول إنه كان وحده تمامًا، قام بما يجب أن يفعله، أما الآخرون فقد اكتفوا بالهتاف، مرددين: تحيا مصر، ولا أجد ما أقوله لهؤلاء إلا: فعلًا تحيا مصر... بس سيبوها وهى تحيا.