لا يعدل فن الدخول إلى المسرح إلا لحظة الخروج منه!
وأريد هنا أن أردد العبارة الشهيرة للفنان الكبير «يوسف وهبى»: «ما الحياة إلا مسرح كبير».
هذه حقيقة لأن الحياة بالمعنى الواسع للكلمة أشبه فعلا فى بداياتها ونهاياتها، وفى صعودها وهبوطها بمسرح تتفاعل فيه الأحداث التى قد تكون تراجيدية وقد تكون كوميدية، ويلعب فيه الناس أدوارًا متعددة.
ولحظة الدخول إلى المسرح حاسمة فى مستقبل الناس. فقد يدخل المسرح أشخاص موهوبون، سواء فى مجال السياسة أو الاقتصاد أو الفن أو الفكر والثقافة.
وهذه الموهبة -إن كانت أصيلة حقًا- ستدفع بصاحبها من خلال الجهد الفائق والعمل الدءوب إلى أن يرتقى سلم المجد درجة، درجة ويصيب من الشهرة فى ميدانه ما يستحقه بالفعل.
غير أن بعض الذين يدخلون إلى مسرح الحياة لا يعتمدون على الموهبة الفطرية ولا على التكوين المنظم، ولكن على «الواسطة» أو المحسوبية، وهؤلاء يندر عبر الزمن أن يثبتوا أن لديهم موهبة ما تستحق أن يشار إليها، وأن يلقى صاحبها التقدير المستحق.
وتدور الأيام والسنون بمن يدخلون إلى مسرح الحياة، وقد يتعثرون فى البداية، غير أن بعضهم بحكم الإرادة التى لا تلين يتخطون العثرات ويحاولون من جديد، إلى أن يتم الاعتراف الاجتماعى بقدراتهم الفذة.
ومهما طال العمر فإن هناك لحظة تاريخية يتحتم فيها على الواقف على المسرح، سياسيا كان أو اقتصاديا أو فنانا أو أديبا، أن يقرر الخروج منه بكرامة، بدلا من أن يتم إقصاؤه بشكل مهين جارح للكرامة!
وأذكر بهذا الصدد أن الأديب الكبير «يحيى حقى» قرر فى لحظة ما أن يتوقف عن الإبداع الأدبى. وحين سئل لماذا أجاب بكل ثقة وتواضع لقد نفد معين إبداعى وليس لدى جديد أقدمه لقرائى الذين أعتز بهم وبتقديرهم للأعمال الأدبية التى أبدعتها.
كان «يحيى حقى» يجيد السخرية، وبعض كتبه ومن أشهرها «خليها على الله» زاخرة بالمواقف الكوميدية لأبطاله فى الريف على وجه الخصوص.
وقد قرر حين اتخذ قراره بالتوقف عن الكتابة- أن ينشر كتابا أخيرا أطلق عليه بسخريته المعهودة «كناسة الدكان»! وهو يقصد بذلك ما بقى من وقائع وأشياء يحكيها قبل أن يغلق الدكان ويخرج من المسرح مكرما، بدلا من أن يتم تجاهله أو إقصاؤه بعد عمر مديد من الإبداع الأدبى.
هذا الوعى النقدى الذى مثله «يحيى حقى» والذى يتمثل فى الخروج من المسرح فى الوقت المناسب لا نجده متوافرًا لدى عديد من عواجيز السياسة فى مصر المحروسة!
ويقف الإنسان مندهشًا عند مجموعة من السياسيين المخضرمين الذين وصلوا بعد مشوار طويل سواء مختلطا بالانتهازية أو متسمًا بالاستقامة الأخلاقية إلى عقد الثمانين، ومع ذلك هم واقفون فى المشهد السياسى يزاحمون الشباب والكهول، مع أن زمانهم وصل إلى منتهاه، وليس لديهم أى شىء إيجابى يقدمونه للمجتمع.
ولو أردت تقليد أسلوب «يحيى حقى» الساخر لقلت لهم مستفيدا من خفة دم بعض شعارات التشجيع الرياضى «قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا»!
كانت هذه الهتافات يطلقها فى الزمن الجميل جمهور الأهلى حين ينهزم الزمالك أو جمهور الزمالك حين يسحق الأهلى!
كان ذلك قبل أن تهب على البلاد عواصف «الألتراس» وسلوكهم التخريبى والإجرامى الذى يتمثل فى الاعتداء على قوات الأمن، أو اقتحام مبانى اتحاد الكرة وتخريبها عامدين متعمدين!
ولو ألقينا النظر على المشهد السياسى المصرى الآن لفوجئنا بأن أحد كبار الضباط ممن كانوا يتصدرون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أن اعتزل الخدمة العسكرية، يقرر تكوين حزب سياسى! أليس هذا مدهشًا؟
الرجل لا سابقة له فى العمل بالسياسة، وليس متمرسا بكواليسها ودروبها المعقدة ما الذى يجعله فى لحظة رعونة خارقة- يقرر أن يشكل حزبا سياسيًا؟
ولو تأملت المشهد السياسى لوجدت رجل أعمال شهيرا مصمما على أن يكون رئيس حزب معروف بالعافية!
وهو فى سبيل البقاء على الكرسى لا يتوانى عن شق صفوف حزبه وإلغاء عضوية المعارضين، حتى يضمن أن يكون على القمة السياسية لحزبه إلى الأبد!
وهناك ناشطون سياسيون عواجيز كانت لهم «شنة ورنة» فى عصر «مبارك» غير أنهم وصلوا إلى نهاية الشوط، ومع ذلك فهم متشبثون بلعب أدوار سياسية بالرغم من أنهم ومن واقع تصريحاتهم التافهة فى الجرائد والقنوات التليفزيونية- يقومون فى الواقع بأدوار كوميدية تثير ضحك المشاهدين، وبعضهم تحول من دور البطولة إلى دور الكومبارس ومع ذلك فهو مصمم على أن يتم إقصاؤه من المسرح بالقوة!
الذى لا يستطيع أن يضيف شيئا جديدا فى ميدانه سواء كان ذلك فى السياسة أو الاقتصاد أو الآدب أو الثقافة عليه أن يرحل معززا مكرما، بدلا من أن تتصاعد الهتافات الساخرة فى وجهه «قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا»!
وأريد هنا أن أردد العبارة الشهيرة للفنان الكبير «يوسف وهبى»: «ما الحياة إلا مسرح كبير».
هذه حقيقة لأن الحياة بالمعنى الواسع للكلمة أشبه فعلا فى بداياتها ونهاياتها، وفى صعودها وهبوطها بمسرح تتفاعل فيه الأحداث التى قد تكون تراجيدية وقد تكون كوميدية، ويلعب فيه الناس أدوارًا متعددة.
ولحظة الدخول إلى المسرح حاسمة فى مستقبل الناس. فقد يدخل المسرح أشخاص موهوبون، سواء فى مجال السياسة أو الاقتصاد أو الفن أو الفكر والثقافة.
وهذه الموهبة -إن كانت أصيلة حقًا- ستدفع بصاحبها من خلال الجهد الفائق والعمل الدءوب إلى أن يرتقى سلم المجد درجة، درجة ويصيب من الشهرة فى ميدانه ما يستحقه بالفعل.
غير أن بعض الذين يدخلون إلى مسرح الحياة لا يعتمدون على الموهبة الفطرية ولا على التكوين المنظم، ولكن على «الواسطة» أو المحسوبية، وهؤلاء يندر عبر الزمن أن يثبتوا أن لديهم موهبة ما تستحق أن يشار إليها، وأن يلقى صاحبها التقدير المستحق.
وتدور الأيام والسنون بمن يدخلون إلى مسرح الحياة، وقد يتعثرون فى البداية، غير أن بعضهم بحكم الإرادة التى لا تلين يتخطون العثرات ويحاولون من جديد، إلى أن يتم الاعتراف الاجتماعى بقدراتهم الفذة.
ومهما طال العمر فإن هناك لحظة تاريخية يتحتم فيها على الواقف على المسرح، سياسيا كان أو اقتصاديا أو فنانا أو أديبا، أن يقرر الخروج منه بكرامة، بدلا من أن يتم إقصاؤه بشكل مهين جارح للكرامة!
وأذكر بهذا الصدد أن الأديب الكبير «يحيى حقى» قرر فى لحظة ما أن يتوقف عن الإبداع الأدبى. وحين سئل لماذا أجاب بكل ثقة وتواضع لقد نفد معين إبداعى وليس لدى جديد أقدمه لقرائى الذين أعتز بهم وبتقديرهم للأعمال الأدبية التى أبدعتها.
كان «يحيى حقى» يجيد السخرية، وبعض كتبه ومن أشهرها «خليها على الله» زاخرة بالمواقف الكوميدية لأبطاله فى الريف على وجه الخصوص.
وقد قرر حين اتخذ قراره بالتوقف عن الكتابة- أن ينشر كتابا أخيرا أطلق عليه بسخريته المعهودة «كناسة الدكان»! وهو يقصد بذلك ما بقى من وقائع وأشياء يحكيها قبل أن يغلق الدكان ويخرج من المسرح مكرما، بدلا من أن يتم تجاهله أو إقصاؤه بعد عمر مديد من الإبداع الأدبى.
هذا الوعى النقدى الذى مثله «يحيى حقى» والذى يتمثل فى الخروج من المسرح فى الوقت المناسب لا نجده متوافرًا لدى عديد من عواجيز السياسة فى مصر المحروسة!
ويقف الإنسان مندهشًا عند مجموعة من السياسيين المخضرمين الذين وصلوا بعد مشوار طويل سواء مختلطا بالانتهازية أو متسمًا بالاستقامة الأخلاقية إلى عقد الثمانين، ومع ذلك هم واقفون فى المشهد السياسى يزاحمون الشباب والكهول، مع أن زمانهم وصل إلى منتهاه، وليس لديهم أى شىء إيجابى يقدمونه للمجتمع.
ولو أردت تقليد أسلوب «يحيى حقى» الساخر لقلت لهم مستفيدا من خفة دم بعض شعارات التشجيع الرياضى «قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا»!
كانت هذه الهتافات يطلقها فى الزمن الجميل جمهور الأهلى حين ينهزم الزمالك أو جمهور الزمالك حين يسحق الأهلى!
كان ذلك قبل أن تهب على البلاد عواصف «الألتراس» وسلوكهم التخريبى والإجرامى الذى يتمثل فى الاعتداء على قوات الأمن، أو اقتحام مبانى اتحاد الكرة وتخريبها عامدين متعمدين!
ولو ألقينا النظر على المشهد السياسى المصرى الآن لفوجئنا بأن أحد كبار الضباط ممن كانوا يتصدرون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أن اعتزل الخدمة العسكرية، يقرر تكوين حزب سياسى! أليس هذا مدهشًا؟
الرجل لا سابقة له فى العمل بالسياسة، وليس متمرسا بكواليسها ودروبها المعقدة ما الذى يجعله فى لحظة رعونة خارقة- يقرر أن يشكل حزبا سياسيًا؟
ولو تأملت المشهد السياسى لوجدت رجل أعمال شهيرا مصمما على أن يكون رئيس حزب معروف بالعافية!
وهو فى سبيل البقاء على الكرسى لا يتوانى عن شق صفوف حزبه وإلغاء عضوية المعارضين، حتى يضمن أن يكون على القمة السياسية لحزبه إلى الأبد!
وهناك ناشطون سياسيون عواجيز كانت لهم «شنة ورنة» فى عصر «مبارك» غير أنهم وصلوا إلى نهاية الشوط، ومع ذلك فهم متشبثون بلعب أدوار سياسية بالرغم من أنهم ومن واقع تصريحاتهم التافهة فى الجرائد والقنوات التليفزيونية- يقومون فى الواقع بأدوار كوميدية تثير ضحك المشاهدين، وبعضهم تحول من دور البطولة إلى دور الكومبارس ومع ذلك فهو مصمم على أن يتم إقصاؤه من المسرح بالقوة!
الذى لا يستطيع أن يضيف شيئا جديدا فى ميدانه سواء كان ذلك فى السياسة أو الاقتصاد أو الآدب أو الثقافة عليه أن يرحل معززا مكرما، بدلا من أن تتصاعد الهتافات الساخرة فى وجهه «قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا»!