الثلاثاء 18 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

هوس القائمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تقود بعض الأحزاب السياسية، وعلى رأسها حزب الوفد، معركة شرسة شديدة الوطيس حول النظام الانتخابي في الدستور، وترى هذه الأحزاب أنه من الأجدر لمصر الآن أن تأخذ بنظام القائمة، وهم يذهبوا في أسانيدهم إلى أن الأخذ بهذا النظام هو الأفضل بعدة اعتبارات، منها، أولاً: نظام القائمة يؤدي إلى تقوية الحياة الحزبية والنظام السياسي، ثانيًا: تقليل العنف الانتخابي، ثالثا: سيؤدي حتمًا إلى تقليص دور المال السياسي، ورابعًا: تمثيل عادل للمرأة والأقباط في البرلمان.
وعلى الرغم من وجاهة هذه الحجج والأسانيد، إلا إنه مردود عليها بالتالي:
أولاً: أن الربط بين النظام الانتخابي وتقوية الأحزاب، هو قول باطل يراد به باطل، حيث تبلغ عدد الأحزاب في مصر الآن حوالي 86 حزبًا لا يعرف رؤساء هذه الأحزاب بعضهم بعضًا، كما يصعب على المتخصصين أن يفرقوا بين هذه الأحزاب على أساس برامجها، حيث هناك تشابه كبير بين برامج الأحزاب اليسارية والليبرالية وذات المرجعية الدينية.
بمعنى آخر، إنه لا توجد خطوط تمايز واضحة أو فاصلة بين هذه الأحزاب وبعضها البعض، ما يكرس لدى المواطن أنها أحزاب “,”مصلحية“,” و“,”شخصية“,”، وليست مؤسسية، وهي بالفعل كذلك، بل ما زاد الطين بلة أنها – من وجهة نظر المواطن- سبب التشرذم والتناحر السياسي الذي لم تشهده مصر من قبل.
والسؤال هنا: ما هو عدد أعضاء هذه الأحزاب مجتمعة؟ وما هي الأحزاب التي استطاعت أن تقوم بوظائفها الطبيعية في التجنيد السياسي – وهي من الوظائف الأساسية- بضم أعضاء جدد لها في ظل أجواء مفعمة بالسياسة والاهتمام بها من قبل المواطنين، كما إنه هناك عدد من الدول راسخة الديمقراطية تجري فيها الانتخابات بالنظام الفردي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ثانيًا: أن الربط بين النظام الفردي والعنف الانتخابي، ليس صحيحًا، لأن قضية العنف الانتخابي مرتبطة أساسًا بالخصائص والسمات الدولة النامية والفقيرة، إلا أن إجراء الانتخابات بنظام القائمة بعد ثورة 25 يناير لم يمنع حدوث العنف، بل على العكس كان هناك عنف مادي ومعنوي حينما تم اتهام البعض بأنه ضد الإسلام، وهناك ضرورة لانتخاب الإسلام “,”الأصح أو الأدق“,”، ألا يسمى هذا عنفًا معنويًا وتكفيرًا للآخرين.
ثالثًا: الدور المالي السياسي في العملية الانتخابية، في الواقع لم يمنع الأخذ بنظام القائمة سطوة المال السياسي على العملية الانتخابية، وهذا ما أكدته دراسة قامت بها شركة “,”أبسوس العالمية للأبحاث والدراسات الإعلامية“,”، حيث قدرت حجم الإنفاق المالي للأحزاب في انتخابات 2011 في التليفزيون فقط قرابة 483 مليون جنيه، في حين كان عام 2010 أكثر من 110 ملايين جنيه، أما في الصحف فبلغ أكثر من 13 مليون جنيه، في حين كان أكثر من 3 ملايين جنيه عام 2010، وفي الراديو بلغ أكثر من 12 مليون جنيه في حين كان أكثر من 800 ألف جنيه عام 2010، وبلغ الإجمالي أكثر من 509 ملايين جنيه في حين كان عام 2010 أكثر من 114 مليون جنيه.
رابعًا: القائمة وتمثيل المرأة والأقباط، أن مسألة التمثيل العادل لكل فئات المجتمع هي إحدى الإشكاليات الكبرى التي تواجه المجتمع، وهي مرتبطة بالثقافة التقليدية السائدة أكثر منها النظان الانتخابي، والدليل على ذلك أن نسبة تمثيل المرأة في برلمانات تمت بالنظام الفردي مثل 2005 و2000 قريبة جدًا إلى إجراء الانتخابات بنظام القائمة مثل 2011.
ومن الأهمية القول، إذا كانت هناك رغبة حقيقية من الأحزاب في تقوية نفسها، فإنه عليها أولاً: إعادة قراءة خطابها وصياغة برامجها السياسية بمنظور يواكب حاجات المجتمع، ويجد حلول لمشاكله المتفاقمة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ثانيًا: فتح حوار حقيقي جاد بين الجميع للوصول إلى ميثاق شرف تلتزم به جميع الأطراف بما يضمن ليس فقط نزاهة العملية الانتخابية واحترام نتائجها ويضمن مبدأ تكريس التداول السلمي للسلطة، ولكن أيضًا وضع المرأة والأقباط في سلم القوائم الانتخابية لضمان التمثيل، ثالثًا: تشكيل جماعات ضغط، من الأقباط والمرأة، تعمل من خلال النضال السياسي ومن خلال مؤسسات الدولة على إعادة صياغة الأنظمة الانتخابية بما يضمن تمثيلهم، وأخيرًا: ضرورة قيام الأحزاب بإعادة صياغة أنظمتها الداخلية بحيث تحدد آليات عملية وملزمة لانتخاب المرأة والأقباط والشباب في المواقع القيادية فيها، وذلك لحل مشكلة تعاقب الأجيال وإعطاء الفرصة للأجيال الشابة وتمثيل الجميع، ووضع نصوص صريحة وواضحة لذلك.