تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
فى كتاب «السر الشهير» لمؤلفته الأمريكية روندا بايرن الذى يقتنيه عدد كبير من المشاهير فى مصر، يأتى قانون الجذب كعمود فقرى فى تفسير كل النجاحات العظيمة، فهو يقوم على أن الأفكار الإيجابية وحدها قادرة على جذب الإنجازات الكبرى فى الصحة والثروة والسلطة أيضاً، من خلال خطواته الثلاث قرر ثم اعمل ثم تلق النتيجة، فما عليك إلا أن تقرر نجاحك، ثم تجتهد فى العمل على تحقيقه، وبعدها لا يكون عليك إلا انتظار النتيجة التى ستكون حتما فى صالحك.
كنت تقريبا أول من حصل على نسخة من الكتاب فى بدايات العام ٢٠٠٨، قدمت له تلخيصا وافيا، لأجد أن كثيرين من نجوم المجتمع يسألوننى عنه، حرصوا على اقتنائه، وطبقوا ما فيه، ورغم أن كثيرين ممن تحدثوا معى كانوا ناجحين بالفعل، إلا أن من يتذوق طعم النجاح لا يكف عن حصد المزيد منه.
لكن ولأننا كمصريين نمتلك بصمة خاصة، فقد صنعنا من قانون الجذب نسخة سلبية خاصة بنا، فالقانون الذى يمكّن صاحبه إذا ما قام بتنفيذه من النجاح، حولناه إلى صيغة لجلب الفشل وتحقيقه.
يعمل هذا القانون وبكفاءة عالية فيما يخص علاقة الإعلام بعبدالفتاح السيسى، القائد الذى هتفنا له أن يشتبك مع الواقع المزرى الذى أحاطنا به الإخوان المسلمون ورئيسهم «انزل يا سيسى... مرسى مش رئيسى»، استجاب الرجل بانحيازه الى الشعب الثائر فى ٣٠ يونيو، ثم بترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية، بعقد اجتماعى واضح ومحدد، وهو «العمل كل ما أملكه... والعمل كل ما أطلبه»، لم يخدع أحدًا، ولم يقل إن لديه عصا سحرية سينهى بها الأزمات بين يوم وليلة.
من حق الإعلام أن يضع أداء السيسى تحت المجهر، أن يحاسبه على قراراته وسياساته وما يقدم عليه، فلا صلاح لحاكم ينفرد بكل شىء دون أن يحاسبه أحد، وفيما أرى أنه لا يضيق بمن ينتقده - قد يغضب بعض من يحيطون به لكنه لا يفعل- لكن حالة النقد التى نقوم بها- ولا أستثنى أحدًا- تحت الرغبة فى حصد الإعجاب، تتحول فى الغالب إلى ما يشبه حالة إشاعة اليأس والإحباط العامة التى لن يجنى من خلفها السيسى إلا الفشل، ولن نجنى من ورائها إلا الخراب.
إننى لا أبرئ السيسى من شىء، فهو فى النهاية المسئول الأول والأخير عن كل ما يحدث، تجربة دولة ما بعد ٣ يوليو معلقة فى رقبته وحده، حتى لو كان يرى أننا جميعا شركاؤه، فالنجاح له ألف أب، لكن الفشل له أب واحد، ولا أحد يعلم على وجه اليقين كيف سيكون مصيره إذا ما فشل، فعلى قدر الأسطورة ستكون النهاية.
على السيسى أن يقوم بمسئولياته على الوجه الأكمل، أن يراجع كثيرًا من سياساته، ويقوّم كثيرًا طريقة أدائه، أن يستمع لمن يدلونه بصدق على طريق السلامة، أن يحول مصر من دولة الرجل واحد، إلى دولة حقيقية يحكمها القانون ويسودها العدل، لكن فى المقابل علينا أن نقوم نحن أيضًا بمسئولياتنا.
إننا نحيط السيسى بكل أسباب الفشل، نضعه وجهًا لوجه أمام قانون السر لكن بنسخته المصرية، استبدلنا أفكارًا سلبية بالأفكار الإيجابية، لا حديث إلا عن تحركات من خصوم لإسقاطه، ورغم حقيقة ذلك فإننا نبالغ فى ذلك ونتعامل معه على أنه حقيقة، نتعامل مع كل العقبات التى تعترض طريقه على أنها مجرد مرحلة انتقالية للفشل، وكأننا استسلمنا لواقع يقول إنه لن يكمل فترته الرئاسية، والآن نجتهد لتحقيق ما قررنا أو ما توافقنا عليه، ثم ننتظر اللحظة التى سيسقط فيها.
لو سألت أيا ممن يشيعون حالة اليأس والإحباط حول السيسى، هؤلاء الذين يصنعون حالة من القلق مبالغة من حوله: هل تريدون للرجل أن يفشل، سيسارعون بالنفى.. دون أن يدركوا أنهم يقودون الرجل إلى حتفه، وكأننا تحولنا فى الإعلام إلى حانوتية، لا ننتهى من دفن جثة، إلا ونبدأ فى البحث عن جثة جديدة.
ستسألنى عن الحل؟ سأقول لك: اسأل أقدارنا التى تقودنا جميعا، فلله الأمر من قبل ومن بعد.