السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

اقتصاد

تجمع "بريكس" يرسم مسارًا جديدًا لدول العالم النامي في مواجهة العولمة وتكتلات الأغنياء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نجح تجمع دول (بريكس) في ايجاد مسار جديد على خارطة الاقتصاد العالمي تستطيع دول العالم النامي انتهاجه بما يعزز قدرتها على الصمود في مواجهة استئساد التكتلات الاقتصادية الكبري لدول العالم الاكثر ثروة وتقدما، واستطاعت دول "بريكس" الخمسة التأكيد على قدرة بلدان العالم الأقل نموا على مقاومة الانسحاق أمام بلدان العالم الاكثر ثروة وتقدما إذا توافرت الإرادات السياسية الجادة والصادقة والمؤمنة بإمكانية تحقيق النصر.
وتعد جنوب إفريقيا، بما لها من قدرات اقتصادية وتصنيعية ضخمة، البلد الإفريقي الوحيد العضو في تجمع دول بريكس BRICS وهو الأسم المختصر الذي يشير إلى الأحرف الأولى للدول الاعضاء في هذا التجمع وهى علي الترتيب: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا التي تعد العضو الأحدث انضماما لهذا التكتل بعد مساع جادة صاحبها تصحيح لمسار الاقتصاد وهياكل الانتاج الكلي استغرقت عامين وفاء بمعايير الانضمام إلى هذا التكتل.
وقد تشكل تجمع بريكس في عام 2001 بمبادرة من الخبير الاقتصادي الدولى جيم اونيل وهو الرئيس التنفيذي لمؤسسة جولدمان ساكس العالمية للاستثمارات بهدف بناء كيان اقتصادي ذو طابع دولي يضم بلدانا ذات اسهام ضخم في شبكة التجارة العالمية خارج دائرة الدول العظمى الغربية.
وفى العام 2006 بادرت دول بريكس بعمل أول تنسيق على المستوى السياسى والاستراتيجى بين دول البريكس وذلك على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تجلى فيه ذلك التجمع الوليد كقوة مؤثرة فى عالم السياسات الدولية، وانضمت جنوب إفريقيا إلى تجمع بريكس في ختام قمة استضافتها نيودلهى لقادة دول التجمع فى العام 2011 مكللة مساعيها السياسية للانضمام إلى هذا التجمع الوليد الواعد والتى بدأتها فى العام 2009.
واعتبارا من هذا التاريخ تمت إضافة الحرف الأول لجنوب إفريقيا الى المسمى الرمزي لهذا التجمع ليتحول من مجموعة BRIC إلى مجموعة BRICS وحددت المجموعة هدفها الاستراتيجي وهو إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي الجديد بما يجعله أقل قسوة فى معاييره الرأسمالية وأكثر مراعاة للابعاد الاجتماعية مع احترام مبادئ السوق الحر وحرية التجارة وهو ما يشكل نهجا جديدا في اقتصاديات العالم الناشئة.
ويعقد قادة تجمع بريكس قمما سنوية منتظمة للتشاور والتنسيق كانت أولاها فى البرازيل عام 2010 والثانية فى نيودلهى عام 2012 والثالثة فى دوربان بجنوب افريقيا عام 2013، وكانت قمة بريكس الاخيرة فى روسيا عام 2014، واستطاع قادة بريكس بناء تفاهمات جادة للتعامل مع تكتلات العالم الاقتصادية الاخرى وفى مقدمتها مجموعة الدول العشرين الكبرى وكذلك التعامل مع مؤسستى صندوق النقد والبنك الدوليين، كما توافقت تفاهمات قادة بريكس على ضرورة العمل المشترك من أجل اصلاح منظومات العمل فى الامم المتحدة.
وإزاء تغول مؤسسات التمويل الدولية في التعامل مع اقتصاديات العالم الناشئة بادرت دول بريكس إلى إنشاء بنك تمويل خاص بها برأسمال قدره 50 مليار دولار امريكي، واتفقت دول بريكس كذلك على انشاء ألية مالية تدخلية فى أوقات الازمات والطوارئ والأزمات الاقتصادية التي قد تتعرض لها أي منها برأسمال ابتداء قيمته 100 مليار دولار أمريكى وذلك بهدف التخفيف من الضغوط الاقتصادية فى حالة تعرض أى منها لاية ضغوط مالية تؤدى إلى نقص السيولة في بلدان التجمع الخمس وبفضل هذه الالية استطاعت دول بريكس الصمود إبان الازمة المالية العالمية خلال العام 2008.
وقد بادرت جنوب إفريقيا إلى طرح تصور لانشطة تجمع البريكس فيما بعد عام 2015 وحددت هدفا استراتيجيا في هذا الصدد وهو مكافحة أشكال الفقر والعوز في دول التجمع وضمان ديمومة حالة النمو الاقتصادى لها وتفادى الارتدادات الاقتصادية السالبة التي تنتج عن تيارات الانكماش التي تصيب اقتصاديات الغرب بين الحين والأخر وتلقى بظلالها السوداء على اقتصاديات بلدان العالم الاقل ثروة.
ويشكل تكتل دول بريكس نسبة 26% من مساحة الرقعة الأرضية للعالم ويعيش فى بلدان بريكس 46 % تقريبا من اجمالى سكان العالم وتشكل اقتصاديات بريكس نسبة تصل الى 18 % من اجمالى الناتج المحلي العالمي فى الوقت الراهن وهي النسبة التى كانت 2ر14 % من اجمالى الناتج المحلى العالمى وقت تدشين هذا التجمع عام 2001.
وتشير البيانات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية إلى ارتفاع إجمالى اسهام دول تجمع بريكس فى حركة الصادرات الدولية بنسبة 16 % خلال عام 2011 وهى النسبة التى لم تكن تتجاوز 8 % فى عام 2011 الذى تأسس فيه هذا التكتل، كما استطاع تكتل بريكس فى غضون خمسة أعوام فقط من ميلاده زيادة القيمة الاجمالية لصادرات بلدانه الاعضاء بنسبة 500 % عما كانت عليه قبل ميلاد هذا التجمع، كما استطاعت دول بريكس خلال الفترة من 2001 و حتى 2011 زيادة قيمة تجارتها البينية بنسبة 922 % من 27 مليار دولار امريكى الى 276 مليار دولار متجاوزة بذلك نسبة النمو فى حجم التجارة العالمية خلال ذات الفترة الزمنية والتى لم تتجاوز 195 % حيث نمت تجارة العالم من 7ر4 تريليون دولار إلى 1ر6 تريليون دولار خلال ذات الفترة الزمنية.
وفضلا عن قضايا التجارة والاستثمارات، استطاع قادة بريكس بناء رؤى موحدة فى القضايا ذات الطابع السياسى ولاجتماعى والأمنى حيث شكلت دول التجمع اعتبارا من العام 2013 بنكا للافكار وألية للتعاون الأكاديمي والبحثي الرامي إلى التطوير الصناعي وكذلك اهتمت بقضايا الانماء البشري من خلال تبادل منح التدريب والدراسة لشباب دول التجمع الذي تتمتع كل من دولة بميزة نسبية تستفيد منها بقية دول التجمع في إطار من التعاون البناء.
وفى عام 2010 أقامت دول بريكس تحالفا لبنوك التنمية الوطنية فى دولها الأعضاء ضم بنك التصدير والاستيراد الهندي وبنك التنمية الصيني ومؤسسة تمويل التنمية في جنوب إفريقيا والصندوق الروسي للتنمية ومؤسسة التمويل البرازيلية حيث تم انشاء بنك للانماء الاجتماعى والاقتصادي يدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة في دول التجمع الخمسة وفى العام 2013 نفسه تلاقت ارادات قادة دول بريكس على أن يتم توجيه تمويلات هذا البنك إلى مشروعات الانماء البشري لشعوب دول بريكس صحيا وتعليميا وتدريبيا باعتبارها القطاعات الأولى بالدعم والتمويل في دول التجمع وبهد الحد من فجوة الكفاءة البشرية مع الغرب.
ويقول الخبراء أن قمة بريكس الخامسة التي استضافتها مدينة دوربان في جنوب افريقيا فى السابع والعشرين من مارس عام 2013 كانت علامة فارقة في مسيرة هذا التجمع الوليد حيث تبنى قادته خلال تلك القمة أجندة عمل استراتيجية لمكافحة الارهاب والعنف والجرائم الاليكترونية باعتبارها معوقات لاهداف تحقيق التنمية المستدامة لاقتصاديات دول التكتل الخمسة يتعين مواجهتها وتحقيق نصر حاسم عليها.
ويرى الخبراء أن تجمع بريكس قد تحول وفق هذه الرؤية إلى تكتل ذو أفق اقتصادي واجتماعي وسياسي لخمس من دول العالم المناضلة التى تسعى الى الحفاظ على بقائها وصمودها أمام أغنياء العالم الغربي الذين يمثلهم تكتل مجموعة الثمانية.