كتابة المسرحيات ليست عملا أو وظيفة أو مجرد مهنة، إنها عملية خلق تقوم على الدراما أكثر من أي شىء آخر.
والمقالات النقدية مهمتها أن تحاول البحث عن الصراع الدرامى في كل عمل، فهو الأساس الذي يسبق الإخراج وغيره من تقنيات المسرح، وهو ما ذهب إليه الأستاذ جرجس شكرى، الناقد الرصين، وهو يرصد الأعمال التي كان موضوعها ثورة ٢٥ يناير.
ورغم أنى تخرجت في قسم النقد والأدب المسرحى فقد أخذت قرارا منذ البداية بألا أكتب النقد ما دمت أكتب للمسرح. وكنت وأنا صغير أتابع كل المسرحيات القديمة التي يعرضها التليفزيون والمسرحيات الجديدة التي تعرض عدة مرات، وصولا إلى متابعة المسرحيات الجديدة التي شاهدتها في المسرح طيلة سنوات كثيرة.
لكننى اعترف أنى لم أشاهد الأعمال التي ظهرت وبسرعة بمناسبة وقوع الثورة، وإنما تعرفت إليها من خلال كتاب جرجس شكرى لها كلها تقريبا. فلم أجد رائحة الدراما في أغلبها كما كنت أتوقع، فهى تعيد تمثيل حوادث الثورة التي وقعت وكانت تقع خلال هذا الوقت، رغم أن المتفرج شاهد الكثير منها بشكل حى وواقعى من خلال الفضائيات والمقالات والتعليقات والتوك شو، فوجدتها لا تقترب من حقيقتها أو تحليل معنى ما حدث فيها، كأنها كتبت ومثلت لتؤكد فقط حدوثها وعلى ثورية الذين قدموها.
وكان عنوان كتاب جرجس «الخروج بالملابس المسرحية» خير معبر عن ذلك.
وبعد أن قرأت المقالات الأولى أدركت مغزى العنوان الذي أدهشنى من البداية، فأغلب ما كتب عنه يعنى أن العاملين في أكثرها كأنهم خرجوا بملابس المسرح للشارع، لتأكيد أن الثورة قامت وأنهم ثوار ووقف بعضهم خارج المسرح ليدعو الناس إلى الثورة التي كانت قائمة بالفعل وكأنهم هم الذين صنعوها!
بينما لم يكن هناك ساعتها من ينكر الثورة، أما ما حدث بعد ذلك بقليل والذي نعيشه إلى اليوم فلا يتفق مع هذا، فالكل يشكو ويتألم ويصرخ في الشوارع عن حق أو عن باطل.
كان مبارك قد صرح قبل الثورة فلخص الأمر قائلا «إما أنا أو الفوضى»، وكان الأجدر به أن يقول إما أنا أو الإخوان والغرب.
انظر اليوم إلى أغلب هذه المسرحيات التي تمت بالأمس القريب لتعرف أننا لم نتقدم كثيرا، فالعدو هو مبارك المستبد وبطانته، ورفع شباب الثورة هتاف «يسقط.. يسقط حكم العسكر» وكانوا يحملون صور عبد الناصر في زيه العسكري القديم! وبعد نحو العام ظهر الإخوان والسلفيين وكثير من التنظيمات من الاشتراكيين الثوريين وأنصار حمدين صباحى… إلخ، ثم بدأ ظهور أعوان تركيا وقطر وطهران وأمريكا وأوربا.
رأيت في كتاب جرجس أنه يتحدث دون أن يقول ذلك بصراحة -ولعلى مخطئ- بأن المسرحيات التي كتب عنها كانت في الكثير منها احتفالية بالنصر زائد بكائية على الشهداء.
ومع تقديرى لتراثنا من التمثيل الهزلى والخطاب الحماسى والاستعانة بفن الأراجوز والمواويل والأهازيج والأغانى والحكايات الشعبية واسترجاع قصص تاريخنا، بدءا من العصر الفرعونى، ومرورا بكل تاريخنا، رغم أنه لم يكتب بعد، ولا أعرف متى سيُكتب بحق ويُدرس في مدارسنا وجامعاتنا جنبا إلى جنب مع ميراثنا الذي يدرس في الأزهر وفى جميع مساجدنا وكل الجمعيات التي تعلم وتنشر السلفية الوهابية.
أي تحول المسرح إلى نشرات يومية تواكب الأحداث التي تتغير من لحظة إلى أخرى وما زلنا. وخرج أيضا خطباء المساجد بملابسهم المسرحية! أليس هذا المشهد يوحى لنا بدراما حقيقية؟ فالمسرح ليس احتفالية بنصر لم يتبلور بعد، وليس ذكرى مهيبة للشهداء وضحايا الإرهاب اليومى، أو منشورات تلهب حماسة المتفرجين والذين لا تنقصهم هذه الحماسة.
لقد خرج أعضاء الفرق المسرحية الشبابية الكثيرة إلى الشارع بملابسهم المسرحية ليمثلوا لنا وتركوا خلفهم الصراع الدرامى الحقيقى الذي مازال قائما ولا نعرف له نهاية بعد.
ولعل كتاب جرجس شكرى ينبه إلى كل هذا، وهو جدير بأن يقرأه كل من يتعاطف مع المسرح.
والمقالات النقدية مهمتها أن تحاول البحث عن الصراع الدرامى في كل عمل، فهو الأساس الذي يسبق الإخراج وغيره من تقنيات المسرح، وهو ما ذهب إليه الأستاذ جرجس شكرى، الناقد الرصين، وهو يرصد الأعمال التي كان موضوعها ثورة ٢٥ يناير.
ورغم أنى تخرجت في قسم النقد والأدب المسرحى فقد أخذت قرارا منذ البداية بألا أكتب النقد ما دمت أكتب للمسرح. وكنت وأنا صغير أتابع كل المسرحيات القديمة التي يعرضها التليفزيون والمسرحيات الجديدة التي تعرض عدة مرات، وصولا إلى متابعة المسرحيات الجديدة التي شاهدتها في المسرح طيلة سنوات كثيرة.
لكننى اعترف أنى لم أشاهد الأعمال التي ظهرت وبسرعة بمناسبة وقوع الثورة، وإنما تعرفت إليها من خلال كتاب جرجس شكرى لها كلها تقريبا. فلم أجد رائحة الدراما في أغلبها كما كنت أتوقع، فهى تعيد تمثيل حوادث الثورة التي وقعت وكانت تقع خلال هذا الوقت، رغم أن المتفرج شاهد الكثير منها بشكل حى وواقعى من خلال الفضائيات والمقالات والتعليقات والتوك شو، فوجدتها لا تقترب من حقيقتها أو تحليل معنى ما حدث فيها، كأنها كتبت ومثلت لتؤكد فقط حدوثها وعلى ثورية الذين قدموها.
وكان عنوان كتاب جرجس «الخروج بالملابس المسرحية» خير معبر عن ذلك.
وبعد أن قرأت المقالات الأولى أدركت مغزى العنوان الذي أدهشنى من البداية، فأغلب ما كتب عنه يعنى أن العاملين في أكثرها كأنهم خرجوا بملابس المسرح للشارع، لتأكيد أن الثورة قامت وأنهم ثوار ووقف بعضهم خارج المسرح ليدعو الناس إلى الثورة التي كانت قائمة بالفعل وكأنهم هم الذين صنعوها!
بينما لم يكن هناك ساعتها من ينكر الثورة، أما ما حدث بعد ذلك بقليل والذي نعيشه إلى اليوم فلا يتفق مع هذا، فالكل يشكو ويتألم ويصرخ في الشوارع عن حق أو عن باطل.
كان مبارك قد صرح قبل الثورة فلخص الأمر قائلا «إما أنا أو الفوضى»، وكان الأجدر به أن يقول إما أنا أو الإخوان والغرب.
انظر اليوم إلى أغلب هذه المسرحيات التي تمت بالأمس القريب لتعرف أننا لم نتقدم كثيرا، فالعدو هو مبارك المستبد وبطانته، ورفع شباب الثورة هتاف «يسقط.. يسقط حكم العسكر» وكانوا يحملون صور عبد الناصر في زيه العسكري القديم! وبعد نحو العام ظهر الإخوان والسلفيين وكثير من التنظيمات من الاشتراكيين الثوريين وأنصار حمدين صباحى… إلخ، ثم بدأ ظهور أعوان تركيا وقطر وطهران وأمريكا وأوربا.
رأيت في كتاب جرجس أنه يتحدث دون أن يقول ذلك بصراحة -ولعلى مخطئ- بأن المسرحيات التي كتب عنها كانت في الكثير منها احتفالية بالنصر زائد بكائية على الشهداء.
ومع تقديرى لتراثنا من التمثيل الهزلى والخطاب الحماسى والاستعانة بفن الأراجوز والمواويل والأهازيج والأغانى والحكايات الشعبية واسترجاع قصص تاريخنا، بدءا من العصر الفرعونى، ومرورا بكل تاريخنا، رغم أنه لم يكتب بعد، ولا أعرف متى سيُكتب بحق ويُدرس في مدارسنا وجامعاتنا جنبا إلى جنب مع ميراثنا الذي يدرس في الأزهر وفى جميع مساجدنا وكل الجمعيات التي تعلم وتنشر السلفية الوهابية.
أي تحول المسرح إلى نشرات يومية تواكب الأحداث التي تتغير من لحظة إلى أخرى وما زلنا. وخرج أيضا خطباء المساجد بملابسهم المسرحية! أليس هذا المشهد يوحى لنا بدراما حقيقية؟ فالمسرح ليس احتفالية بنصر لم يتبلور بعد، وليس ذكرى مهيبة للشهداء وضحايا الإرهاب اليومى، أو منشورات تلهب حماسة المتفرجين والذين لا تنقصهم هذه الحماسة.
لقد خرج أعضاء الفرق المسرحية الشبابية الكثيرة إلى الشارع بملابسهم المسرحية ليمثلوا لنا وتركوا خلفهم الصراع الدرامى الحقيقى الذي مازال قائما ولا نعرف له نهاية بعد.
ولعل كتاب جرجس شكرى ينبه إلى كل هذا، وهو جدير بأن يقرأه كل من يتعاطف مع المسرح.