مصر من أولى دول العالم التي صدَّقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ومن أولى الدول التي أطلقت إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد.. ولكن شتان بين الأفعال والعمل بها، والأقوال وتطبيقها.
ولو أردنا التحدث عن الفساد الذي بلغ الحلقوم، وملأت رائحته فضاء مصر، وكممت الأفواه وأغلقت قلوب المخلصين، وغيبت عقول المبدعين، نحو الإصلاح والتصحيح وإعادة بناء مصر ٣٠ يونيو، لاحتجنا إلى مجلدات، ويكفى الإشارة إلى ما أعلنته هيئة الرقابة الإدارية في ١٩ ديسمبر الماضى من أن حالات التعدى على أراضى الدولة بلغت ١٧٢٦٢٥ حالة تسببت في ضياع ٢١٤ مليار جنيه على الشعب.
كما تفيد مسوح دولية بأن بلادنا يأتى ترتيبها الـ٩٤ بين الدول ذات الفساد العالى لقطاعها الحكومى، وأن القطاع الخاص بها هو الأكثر فسادا في العالم.. وأن ٢٠٠ مليار جنيه تم تهريبها للخارج، و٩٣ مليارا صرفت في شكل قروض دون ضمانات لرجال مبارك.. و٣٩ مليارا تم إهدارها من خزانة الدولة!
وأفادت التقارير، ومن بينها تقرير لمركز الدراسات الاقتصادية والإستراتيجية بجامعة القاهرة، أن خمسة رجال أعمال استولوا على ١٦ مليون فدان، أي ما يعادل ٦٧ ألف كيلومتر مربع، وهو ما يساوى مساحة خُمس دول عربية مجتمعة، وهى فلسطين ولبنان وقطر والبحرين والكويت، وأن قيمة هذه الأرض تقدر حسب تقديرات الجهاز المركزى للمحاسبات بنحو ٨٠٠ مليار جنيه!
وفى دلالة واضحة على استشراء الفساد وإهدار المال العام، فإن رجل الأعمال «ساويرس» اشترى شركة أسمنت أسيوط بـ٢ مليار جنيه وباعها إلى شركة «لافارج» الفرنسية بعد ٦ أشهر بـ٧٨ مليار جنيه، و«أحمد عز» اشترى حديد الدخيلة بمليار و١٠٠ مليون جنيه، وقيمته تقدر بمائة مليار جنيه، وحصل «أحمد قورة» على ٢٦ ألف فدان بنصف مليون جنيه وعرضها للبيع مقابل ٥٤ مليار جنيه.. و«أحمد المغربى» خصص لنفسه ٥٠ مليون متر تبلغ قيمتها ٨٠ مليار جنيه!
وبعيدا عن التشكيك في مصداقية هذه الأرقام، أو تأكيدها.. فإنه بات لزاما علينا إطلاق «حملة قومية جادة لمحاربة الفساد وملاحقة المفسدين»، ووقف الانجراف نحو الأنظمة السابقة التي تغاضت طويلا عن السرقة والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ حتى توطن هذا السرطان في كل مفاصل الدولة، وراح ينهش في جسدها الهش.. يبدد مواردها ويحرم أبناء الطبقات الكادحة من المناصب العليا، ويوسع فجوة الثروة وانعدام العدالة الاجتماعية.
ولم يقتصر على ذلك بل عمل على ارتفاع الأسعار والتهام أي إنتاج، وأسهم في تغذية التدهور الأخلاقى المستمر الناجم عن بث قيم قبيحة وضارة في نفوس المواطنين وتنشئة الأجيال الجديدة عليه، وكانت النتيجة ما نحن عليه الآن من ضياع للقيم والأخلاق والدين، فأصبح الحديث عن قتل الأبناء لأمهاتهم وآبائهم، وزنى الوالد ببناته، ومشاركة الزوجة في قتل زوجها وأطفالها، من أجل العشيق أمرا مألوفا في حياتنا!
إن حملة التطهير التي نطالب بها لا تقتصر فقط على جرائم إساءة استغلال السلطة والرشوة والاختلاس والإثراء غير المشروع، وإنما أيضا مخالفات البيروقراطية والمظهرية والإسراف والتقصير وانتهاك المصالح الشخصية وحقوق المواطنين، وتقليد المناصب العليا لأنصاف الموهوبين ومنعدمى الكفاة و«خوابير» المعرفة والعلم الفاشستى!
ولنا في تجربة الصين المثل عندما أطلقت حملة شعواء ضد الفساد منذ أواخر ٢٠١٢، كان من نتيجتها معاقبة ٢٣٢ ألف مسئول على جميع المستويات خلال ٢٠١٤ بزيادة سنوية ٣٠٪، وتمت محاكمة ٧٢ ألفا لجرائم وظيفية، منها الاختلاس والرشوة والإهمال في الواجبات ومنهم على مستوى وزارى أو أعلى، ونحو ٨ آلاف من مقدمى الرشاوى. وانطوت الأحكام على الإعدام والسجن لمدد تصل إلى مدى الحياة، مع الحرمان من الحقوق السياسية ومصادرة الثروة.
بينما تضمنت عقوبات الانتهاكات الأقل الطرد من صفوف الحزب وتخفيض درجة المنصب أو التنحية منه، ونشر الأسماء علنا في «قوائم العار»، فضلا عن إقالة المئات من وظائف بالشركات جمعوا بينها وبين مناصبهم الحكومية.
كما تمت معاقبة ٤٠٠ مسئول بالهيئات النيابية، بخلاف أكثر من ألفين من القضاة وموظفى المحاكم لانتهاك اللوائح والقوانين.. وتم في العامين الماضيين معاقبة أكثر من ٧٨٠ ألف مسئول لمخالفتهم قواعد مكافحة البيروقراطية.
إذا كنا نشترى من الصين كل شىء، فهل نشترى تجربتهم «المجانية» في محاربة الفساد.
ولو أردنا التحدث عن الفساد الذي بلغ الحلقوم، وملأت رائحته فضاء مصر، وكممت الأفواه وأغلقت قلوب المخلصين، وغيبت عقول المبدعين، نحو الإصلاح والتصحيح وإعادة بناء مصر ٣٠ يونيو، لاحتجنا إلى مجلدات، ويكفى الإشارة إلى ما أعلنته هيئة الرقابة الإدارية في ١٩ ديسمبر الماضى من أن حالات التعدى على أراضى الدولة بلغت ١٧٢٦٢٥ حالة تسببت في ضياع ٢١٤ مليار جنيه على الشعب.
كما تفيد مسوح دولية بأن بلادنا يأتى ترتيبها الـ٩٤ بين الدول ذات الفساد العالى لقطاعها الحكومى، وأن القطاع الخاص بها هو الأكثر فسادا في العالم.. وأن ٢٠٠ مليار جنيه تم تهريبها للخارج، و٩٣ مليارا صرفت في شكل قروض دون ضمانات لرجال مبارك.. و٣٩ مليارا تم إهدارها من خزانة الدولة!
وأفادت التقارير، ومن بينها تقرير لمركز الدراسات الاقتصادية والإستراتيجية بجامعة القاهرة، أن خمسة رجال أعمال استولوا على ١٦ مليون فدان، أي ما يعادل ٦٧ ألف كيلومتر مربع، وهو ما يساوى مساحة خُمس دول عربية مجتمعة، وهى فلسطين ولبنان وقطر والبحرين والكويت، وأن قيمة هذه الأرض تقدر حسب تقديرات الجهاز المركزى للمحاسبات بنحو ٨٠٠ مليار جنيه!
وفى دلالة واضحة على استشراء الفساد وإهدار المال العام، فإن رجل الأعمال «ساويرس» اشترى شركة أسمنت أسيوط بـ٢ مليار جنيه وباعها إلى شركة «لافارج» الفرنسية بعد ٦ أشهر بـ٧٨ مليار جنيه، و«أحمد عز» اشترى حديد الدخيلة بمليار و١٠٠ مليون جنيه، وقيمته تقدر بمائة مليار جنيه، وحصل «أحمد قورة» على ٢٦ ألف فدان بنصف مليون جنيه وعرضها للبيع مقابل ٥٤ مليار جنيه.. و«أحمد المغربى» خصص لنفسه ٥٠ مليون متر تبلغ قيمتها ٨٠ مليار جنيه!
وبعيدا عن التشكيك في مصداقية هذه الأرقام، أو تأكيدها.. فإنه بات لزاما علينا إطلاق «حملة قومية جادة لمحاربة الفساد وملاحقة المفسدين»، ووقف الانجراف نحو الأنظمة السابقة التي تغاضت طويلا عن السرقة والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ حتى توطن هذا السرطان في كل مفاصل الدولة، وراح ينهش في جسدها الهش.. يبدد مواردها ويحرم أبناء الطبقات الكادحة من المناصب العليا، ويوسع فجوة الثروة وانعدام العدالة الاجتماعية.
ولم يقتصر على ذلك بل عمل على ارتفاع الأسعار والتهام أي إنتاج، وأسهم في تغذية التدهور الأخلاقى المستمر الناجم عن بث قيم قبيحة وضارة في نفوس المواطنين وتنشئة الأجيال الجديدة عليه، وكانت النتيجة ما نحن عليه الآن من ضياع للقيم والأخلاق والدين، فأصبح الحديث عن قتل الأبناء لأمهاتهم وآبائهم، وزنى الوالد ببناته، ومشاركة الزوجة في قتل زوجها وأطفالها، من أجل العشيق أمرا مألوفا في حياتنا!
إن حملة التطهير التي نطالب بها لا تقتصر فقط على جرائم إساءة استغلال السلطة والرشوة والاختلاس والإثراء غير المشروع، وإنما أيضا مخالفات البيروقراطية والمظهرية والإسراف والتقصير وانتهاك المصالح الشخصية وحقوق المواطنين، وتقليد المناصب العليا لأنصاف الموهوبين ومنعدمى الكفاة و«خوابير» المعرفة والعلم الفاشستى!
ولنا في تجربة الصين المثل عندما أطلقت حملة شعواء ضد الفساد منذ أواخر ٢٠١٢، كان من نتيجتها معاقبة ٢٣٢ ألف مسئول على جميع المستويات خلال ٢٠١٤ بزيادة سنوية ٣٠٪، وتمت محاكمة ٧٢ ألفا لجرائم وظيفية، منها الاختلاس والرشوة والإهمال في الواجبات ومنهم على مستوى وزارى أو أعلى، ونحو ٨ آلاف من مقدمى الرشاوى. وانطوت الأحكام على الإعدام والسجن لمدد تصل إلى مدى الحياة، مع الحرمان من الحقوق السياسية ومصادرة الثروة.
بينما تضمنت عقوبات الانتهاكات الأقل الطرد من صفوف الحزب وتخفيض درجة المنصب أو التنحية منه، ونشر الأسماء علنا في «قوائم العار»، فضلا عن إقالة المئات من وظائف بالشركات جمعوا بينها وبين مناصبهم الحكومية.
كما تمت معاقبة ٤٠٠ مسئول بالهيئات النيابية، بخلاف أكثر من ألفين من القضاة وموظفى المحاكم لانتهاك اللوائح والقوانين.. وتم في العامين الماضيين معاقبة أكثر من ٧٨٠ ألف مسئول لمخالفتهم قواعد مكافحة البيروقراطية.
إذا كنا نشترى من الصين كل شىء، فهل نشترى تجربتهم «المجانية» في محاربة الفساد.