منذ سنوات.. وبالتحديد عام ٢٠٠٠.. كنت مضطرًا للبحث عن حضانة.. مجرد حضانة لإنقاذ طفل رزقنى الله به.. مصابًا بعدد كبير من التشوهات.. يومها شوفنا الأمرين من أطباء مستشفى أبوالريش.. يومها كانت المديرة بتاعته طبيبة شهيرة يتم الحجز فى عيادتها قبلها بشهور.. وصدمتنى الطبيبة الكبيرة -علمًا واسمًا- بأن هناك مئات الآلاف من الأطفال يحضرون إلى أبوالريش بمثل هذه الحالات ولا مكان لهم.. المهم أنه لولا تدخل الوزير مفيد شهاب وقتها ما سأل فينا أحد.. ولمدة ثلاثة أشهر التقيت عشرات العلماء فى طب الوراثة والعيوب الخلقية وطب تشخيص الجنين.. وطيلة ذلك الوقت وأنا أبحث وأحلم بمجرد بناء مركز للحضانات بقريتى أو أى محافظة بالصعيد فالنسبة الأكبر من الأطفال المصابين تأتى من هناك.. وحسب الدراسات الموجودة.. فى المركز القومى للبحوث تصل النسبة إلى ٣٣٪ من المواليد بسبب زواج الأقارب.. المهم أن مشاكل الحضانات زادت ووصلت النسبة الآن حسب شهود عيان من الأطباء إلى ٩٥٪ من الأطفال يولدون ناقصى نمو.. غير أولئك المصابين بعيوب خلقية معظمها فى القلب.. والأسباب معروفة - المبيدات.. وسرطنة الفاكهة والزراعات.. والصرف الصحى وغيرها.
منذ أيام علمت من أستاذى د. مصطفى رجب أن طبيبًا مصريًا شابًا من دشنا - صعيدى يعنى - يعد واحدا من عشرة على مستوى العالم فى تخصصه - جراحات عيوب الوجه - عاد إلى الصعيد.. وبعلاقاته بأساتذة فى أهم الجامعات الأمريكية استطاع الحصول على موافقة أهم معهد بحثى وطبى فى العالم على نقل خبراتهم إلى مصر وتأسيس مركز لعلاج حالات عيوب الوجه عند الأطفال.. ليصبح هذا المركز هو الوحيد من نوعه فى جامعات الشرق الأوسط - يوجد مركز بإسرائيل فقط - وحصل طبيبنا الشهم والعالم.. وهو أديب وعضو باتحاد الكتاب فى نفس الوقت على موافقة جامعة سوهاج عام ٢٠٠٨ على إنشاء عيادة متعددة التخصصات ثم وافقت الجامعة على تخصيص قطعة أرض مساحتها ألف متر داخل الحرم الجامعى لإنشاء المركز.. ووافق المجلس الأعلى للجامعات على إنشاء وحدة ذات طابع خاص، وتم وضع لائحة مالية اعتمدت من وزارة المالية.. وانتهى الفريق المكلف بمتابعة الأمر من تجهيز الرسومات الهندسية واستصدار رخص البناء اللازمة.. استمر الأمر سنوات حتى يحدث ذلك.. وفجأة توقف كل شيء.. فلا توجد أموال من الأصل للبناء.. إزاى معرفش.. طب الجامعة والمالية والوزارة.. عملت ده كله وهى مش عارفه هتمول منين.. عموما كتر خير اللى عملوه.. الحكومة فين من ده بقي.. فين معالى الوزير اللواء عادل لبيب اللى شايف إن الصعيد مش مهمش ولا حاجة وإن إحنا موهومين بكده وخلاص.
هل يعلم سيادته أن هذا المركز العالمى لن يتكلف سوى ١٤ مليون جنيه فقط.. بتصرفها حكومته على المياه المعدنية التى حرموا شربها أول ما جات الحكومة وبعدين رجعوا فى كلامهم.. والعطش قتلهم.
أين وزراء التخطيط والصحة والتعليم العالي.. ما يطلبه أبناء الصعيد من هذه الحكومة ليس منة منها.. لكنها حقوق للناس.. همّا الصعايدة ما بيدفعوش ضرايب!!
المهم أن الدكتور على جمعة وكان مسئولاً عن مؤسسة «مصر الخير» وعد بخمسة ملايين جنيه.. لكن الوعد تبخر.. يعنى من الآخر.. لا الحق نافع.. ولا الشحاته.. نافعة.. وآلاف الأطفال ينتظرون من يرحمهم.. ويبدو أن لا أحد سيفعل ذلك.. وحسب المعلومات المتاحة فإن هناك واحدا من بين كل ٢٥٠ طفلا يصاب بعيوب خلقية فى الوجه.. هذا ما تسجله الإحصاءات العالمية أما فى مصر والنسبة قطعا أكبر فلا معلومات ولا نيلة.
المهم.. اتعمل بورد علمى عالمى للمركز من أرفع القامات العلمية - بعيدًا عن بتوع الكفتة - وإجراء عدد من الورش لخبراء عالميين.. وهناك ورشة أخرى فى أكتوبر القادم.. هى الأضخم عالميًا بحضور علماء مصريين وأجانب.
كل هذا يحدث فى صعيد مصر - المهمش - سواء رضى علينا السيد عادل لبيب أو لم يرض.. ولا أحد فى هذه الحكومة يريد أن يمد يده.. وهو الأمر الذى جعل البعض ينتظر - وعشمه فى الله - أن ينتبه سيادة رئيس الوزراء ويأمر بتوفير المبلغ اللازم لبناء هذا المركز العلمى الطبى العالمي.. والذى سيلفت النظر إلى سوهاج والصعيد كمزار سياحى مهم.. فالسياحة العلاجية أحد أهم مصادر الدخل فى دول عديدة منها الصين وإسرائيل للأسف.. ومن ناحية أخرى أنا أعرض الأمر على من يهمه الأمر-أفرادًا أو حكومة- يمكن يحس ويلحق يداري اللي عملته الحكومات الفاشلة فى وش الصعيد الذى لا يزال طفلاً.