تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
من الفخر لكاتب هذه السطور أن تجمعه صلة قرابة بهذا البطل، ومن الفخر أيضًا أن يكون أول من سجل قصة حياته فى مسلسل إذاعى بعنوان «طيف الشهيد» إذيع فى بالبرنامج العام بالإذاعة المصرية فى شهر أكتوبر سنة ٢٠٠٤، وقام الفنان ياسر جلال بدور البطل أو الشهيد الحى إبراهيم زيادة، وقصة هذا البطل تعود إلى ما بعد انتهاء حرب أكتوبر ٧٣، حيث تم إبلاغ قرية الشون بمحافظة كفر الشيخ نبأ استشهاد ابنهم المقدم إبراهيم عبد العزيز زيادة أثناء المعركة، وصدرت شهادة وفاة باسمه ووثيقة شرف من إدارة شئون الضباط، وأقيم العزاء بالقرية، وأصيبت زوجته الشابة بصدمة نفسية عميقة، إذ استشهد زوجها تاركا لها ثلاث بنات فى عمر الزهور، ولكن والده كان يشعر بأنه لم يزل حيا، وطلب من ابنه الأصغر أنور شقيق إبراهيم وهو ضابط أيضًا بالقوات المسلحة أن يبحث مع الصليب الأحمر عن جثمان البطل بسيناء، وعاد أنور ولم يعثر على شىء وفقد الأمل فى وجود شقيقه حيًا، واستسلم الجميع للأمر، وبدأت الزوجة فى صرف معاش الشهيد، ومرت الأيام الحزينة على هذه الأسرة، ورضى الأب بقضاء الله ولكن مع قدوم شهر مارس عام ١٩٧٤، جاء ما لم يكن فى الحسبان، لقد عاد الشهيد فجأة إلى الحياة، فهو لم يمت كما تصور الجميع، كانت لحظة درامية مؤثرة ومليئة بالدهشة والحزن والفرح، هاقد عاد المقدم إبراهيم زيادة بعد غياب دام لأكثر من ١٥٠ يومًا قضاها خلف خطوط العدو فى سيناء، ترى ما الذى كان يفعله هناك؟ لقد دخل سيناء عصر السادس من أكتوبر بواسطة طائرة هليكوبتر مع مجموعة من رجال الصاعقة إلى منطقة وادى فيران فى جنوب سيناء، وهناك كتبت هذه المجموعة ملحمة من أجمل ملاحم النصر، لقد تصدوا لحافلة تحمل ستين ضابطا إسرائيليًا فتم تدميرها بالكامل بمن تحمل، وهنا أيقن العدو أن أفرادًا من الجيش المصرى قد تسلل إلى هذا المكان، فأرسلوا الطائرات بحثًا عن الأبطال، وبالفعل قاموا بأسر بعضهم وقتل بعضهم، لكن إبراهيم أختبأ فى مغارة فى بطن أحد الجبال، واتخذها موقعًا له يشن من خلاله الهجمات الفردية على عربات وجنود إسرائيل، ثم يعود إلى هذه المغارة مرة أخرى، ولما فقد الماء والطعام لجأ إلى تناول الحشرات وإلى شرب بوله، وأيقنت إسرائيل أن هناك بطلًا مصريًا لم يزل على قيد الحياة فى هذا المكان، وراحت الطائرات الإسرائيلية تحمى رجالها، وترصد المنطقة رصدًا دقيقًا للوصول إلى إبراهيم، لكنهم فشلوا للمرة الثانية، والتقى زيادة برجل من سيناء، فأمده بجلباب للتخفى، وراح يتحرك وكأنه أحد أبناء سيناء، وكان يقوم بأعمال بطولية جعلت العدو يرصد مكافأة ضخمة لمن يدلهم عليه، وكانوا قد توصلوا إلى اسمه من خلال رسالة كتبها لزوجته، ووقعت فى أيديهم فراحوا يبحثون عنه، ولكن دون جدوى، ويلتقى إبراهيم بأربعة جنود ضلوا الطريق فى سيناء، فيكون منهم مجموعة لمهاجمة مخازن العدو فى وادى فيران، وكما يحدث فى الأساطير والحكايات الوهمية يستوقفه أحد ضباط العدو ويسأله عن اسمه وعما يفعله، فيرد إبراهيم فى ثبات مدعيًا أنه أحد أفراد قبيلة سيناوية، ويتحدث بلهجة بدوية أقنعت الإسرائيلى أنه بالفعل من أهل سيناء، وكانت لحيته قد طالت بعض الشىء، فجعلته أقرب ما يكون إلى البدو، وسأله الضابط عن إبراهيم زيادة الذى يقوم بأعمال إجرامية فى حق جيش الدفاع، فأخبره بأنه لا يعرفه، وواصل إبراهيم عملياته بتدمير معدات إسرائيلية بحرقها، وبعد إعلان وقف إطلاق النار وصل إلى أول مجموعة مصرية على الضفة الشرقية للقناة وسلم نفسه إليها، فأعادته إلى السويس، ومنها إلى بلدته، ليكتشف أهله أن الشهيد لم يزل حيًا، ورقى إبراهيم زيادة إلى رتبة العميد، ونال العديد من الأوسمة تقديرًا لبطولته، ورحل عن دنيانا فى عام ٢٠٠٤، بعد صراع لم يدم طويلًا مع المرض. اقتباس: فى مارس عام ١٩٧٤ جاء ما لم يكن فى الحسبان، لقد عاد الشهيد فجأة إلى الحياة، فهو لم يمت كما تصور الجميع، كانت لحظة درامية مؤثرة ومليئة بالدهشة والحزن والفرح