السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

قصر عابدين.. شاهد على مصر الحلوة والمُرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقف قصر عابدين شاهدًا على التاريخ، يذكرك بعظمة غابرة تجاوزها الزمن، بوابة بين ماض سحيق كانت فيه مصر دولة لها شأن، وواقع مرير تظهر آثاره على وجوه المارة بالحى الشعبى حول القصر، بل ووجوه العاملين به، يوجه القصر نظرة اتهام للجميع، نظرة عابسة مرسومة بأسلاك شائكة وحواجز حديدية متناثرة على وجهه.
بوابته الخشبية تفصل بين فوضى الواقع (عملية إرهابية لاغتيال ثلاثة قضاة بالعريش، وأحكام بالسجن على رئيس مخلوع، وأخرى بالإعدام على رئيس معزول، وحياة سياسية متردية واقتصادية صعبة، واستماتة حكومية في الدفاع عن سعر البامية، وجهات سيادية تنفى عن نفسها تهمة مصادرة حرية الرأى)، وبين فخامة ملكية وعراقة تاريخية لن يستطيع بؤس الواقع أن يمحوها من التاريخ.
باب خشبى عملاق أشبه بثقب كونى ينقلك إلى عالم مواز، يرسم حدا فاصلا بين آلاف المصريين الهاربين من جنسيتهم، ملقين بأنفسهم في مياه الهجرة بحثًا عن حياة كريمة، وبين اعتزاز وفخر لا يوصفان بعراقة الأصل، شتان بين مصر العارية ومصر ذات الأردية المخملية.
مبارك لم يستخدم عابدين إلا في زيارات رسمية قليلة لإقامة حفلات ومآدب عشاء
في«القصر» شعرت بآثار أقدام الملك فاروق على الأرض.. وتنفست آثار تبغ السادات وأدركت عظمتنا الموجودة في متحف
رائحة الهواء مختلفة، تتنسم فيها أنفاس ملكية لم تلوثها عوادم السيارات وسرطان الرئة، تستقبلك حديقة مبهجة، أقل ما يقال عنها، ألوان الورود والزهور المتناسقة تظهر فيها يد العناية والاهتمام، يخيل إليك أنك ترى الملكة فريدة تتبعها وصيفاتها تتنسم هواء الحديقة الصيفية.
بجوار كشك الموسيقى أمام النافورة الصغيرة تحسست خطواتى حتى لا تخطئ قدماى فتمحى آثار أقدام للملك فاروق في أحد الطرقات المتشعبة للقصر في حديقته مترامية الأطراف، أو خطوات متأنية للرئيس السادات أثناء تدخينه لغليونه مع أحد ضيوفه.
فالقصر الملكى يغلق فمه على كثير من الأسرار ليست الملكية فقط ولكن الرئاسية أيضًا، لم يكن بعيدًا عن التورط في النظام الجمهورى فقد اتخذه الرئيس السادات مقرًا للحكم خلال عهده، بينما كان يفضل عبد الناصر قصر القبة، ولم يستخدمه مبارك إلا في زيارات رسمية قليلة لإقامة حفلات ومآدب عشاء رسمية.
وبه جزء كبير من ديوان الرئاسة، فبه مكتب رئيس الديوان، وأمناء قصر عابدين، ومخصص به مكتب للرئيس بقاعة قناة السويس، والتي تعد أكبر قاعة بقصر عابدين، والمتضمنة مكتب الرئيس واستراحته وحماما خاصا، وقاعة لاجتماعات الوزراء، كما يضم القصر إدارة للمتاحف الخاصة بالقصر، والإدارة العامة للهدايا.
زاره الرئيس الروسى، فلادمير بوتين، مرة واحدة في عام ٢٠٠٥، استقبله مبارك استقبالا أسطوريا، ونظم له استقبالا رسميا حافلا ورفيع المستوى، واستقبله بقصر عابدين الأفخم والأكثر عراقة في الشرق الأوسط بقاعة الجمهورية، حيث أقام مأدبة عشاء له والوفد المرافق له وعدد من الكتاب المصريين والشخصيات العامة الشهيرة، كما أقام حفلا موسيقيًا بقاعة المسرح بالقصر.
وما زال العاملون يتذكرون زيارة خوان كارلوس، ملك إسبانيا، للقصر برفقة مبارك، وخلال عام من حكم الجماعة، أبت الجماعة أن تمر دون أن تسجل حضورها في دفتر أسرار قصر عابين، زار مرسي قصر عابدين في سبتمبر ٢٠١٢، وقام بعقد عدة لقاءات، منها مع رئيس الوزراء آنذاك، الدكتور هشام قنديل.
قررت أن أطرد من ذهنى كل مشاهد الواقع، وأن استمتع برحلتى الملكية التي اصطحبنى فيها مضيف مهذب من إدارة المتاحف بالقصر، أشبه ببكاوات الزمن الجميل، بأناقته، وإنجليزيته المتقنة.
قصر عابدين قصر الملوك والرؤساء
قصر عابدين هو قصر بناه الخديو إسماعيل الذي تربى وعاش أغلب سنوات عمره في باريس، وتأثر بالنهضة والحضارة الفرنسية فقرر أن يطبق كل ما رأه في باريس من طرز معمارية في الشوارع والمبانى والحدائق بالقاهرة.
بعد توليه الحكم عام ١٨٦٣، قرر أن يبنى قصرا جديدا كمقر للحكم والمعيشة للأسرة المالكة، ورفض الإقامة في قصر القلعة، وبحث عن موقع يتوسط قلب القاهرة لبناء قصر جديد عليه.
تم تشييد القصر على مساحة ٢٥ فدانًا، كانت مملوكة لأحد ضباط الجيش المصرى، ويدعى عابدين بك، وكانت الأرض في حيازة أرملته، فدخل الخديو إسماعيل في مفاوضات معها للحصول على الأرض بأى مبلغ تطلبه أرملة عابدين بك، والتي وافقت على منح الأرض للخديو بدون أي مقابل مادى، بشرط أن يتم إطلاق اسم زوجها على قصر الحكم تخليدًا لذكراه ونوع من الوفاء لزوجها، وهو ما وافق عليه الخديو وأطلق اسم قصر عابدين على القصر، وعلى الحى بأكمله.
القصر صممه وبناه مهندس فرنسى يدعى دى كوريل روسو، واستعان به إسماعيل لأنه كان أشهر المهندسين العالميين في تشييد وبناء القصور، واستغرق بناء القصر عشر سنوات كاملة، وانتهى من بنائه في عام ١٨٧٣، عابدين شأنه شأن القصور التركية مقسم إلى سلامليك وحرمليك، والسلامليك هو القسم الخاص بالتشريفات والرسميات، والحرمليك القسم الخاص بالمعيشة والحياة الخاصة بالملك والملكة والأميرات.
يتكون القصر من ٥٥٠ غرفة، وتكلف بناؤه مليونًا ومائتي وخمسين ألف جنيه ذهب، وتكلفت التحف والأنتيكس والموبيليا نحو ٧٥٠ ألف جنيه ذهب، وهى لأكبر الفنانين بإنجلترا وفرنسا وألمانيا.
ويضم القصر أربعة متاحف، متحف الأسلحة تم تأسيسه عام ١٩٢٨ من قبل الملك فؤاد، ومتحف الأوسمة والنياشين، أسسه الملك فاروق ويضم مجموعة من التحف اشتراها فاروق من مزادات عالمية أو تلقاها كهدايا.
متحف هدايا رئاسة الجمهورية، وتوضع فيه الهدايا التي تمنح لرئيس الدولة، أسس في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ويعرف بمتحف السلام، ويضم كل الهدايا الرئاسية من عهد مبارك مرورًا بالرئيس المعزول محمد مرسي، والرئيس السابق المستشار عدلى منصور، وحتى الرئيس الحالى الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ومتحف الفضيات والذي يضم أدوات المائدة والأكل والشرب الفعلية التي استخدمتها الأسرة المالكة، وأخيرًا متحف الوثائق والمخطوطات.
النسخة الورقية