الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بلطجية الشوارع

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تقوم الدنيا ولا تقعد لو تعرض واحد من «مشاهير الفضاء الإلكتروني» لخدش فى إصبعه، حتى أننى من فرط المزايدات فى حملات التضامن مع الشهير المعروف، تجد نفسك رافضًا حتى قراءة تفاصيل حادثته إذ أن ما يحدث بالشارع المصرى يومياً من عشرات الحوادث الصغيرة المؤلمة يهمنى أكثر، فى الأسبوع الماضى اعترض اثنان من البلطجية طريق طالبة بكلية الآداب بالمنصورة لخطف هاتفها المحمول وتم سحلها عشرات الأمتار وهى متمسكة ترفض الاستسلام للبلطجية الذين هربوا بموتوسيكل ملعون بدون أرقام.
هنا أتوقف كثيراً عند ما جرى وما يجرى فى شوارع المحروسة فأتأمل فيديو تم تصويره فى مارس الماضى بالإسكندرية عن كتيبة مسلحة بما يشبه السيوف تصعد إلى منزل فقير ثم تهبط منه بشاب وتمزقه أمام عيون الناس، لصوص الموتوسيكل وسحل فتاة المنصورة وعصابة السيوف بالإسكندرية وعشرات إن لم يكن مئات من التجارب المشابهة ترتع فى شوارع بلادنا.
نعم جهاز الأمن مرهق من فرط اعتداءات المتأسلمين ومن فرط نهم الفاسدين بالسرقات المتكررة من مالنا العام، ولكن أمان الناس من البلطجة العشوائية أمر فى غاية الأهمية، ويجب أن نشعر بتقدم فى أولويات العمل الأمنى حتى يأمن المواطن البسيط فى سيره بشوارع بلاده، وإذا تعاملنا مع وجهة نظر بأن هؤلاء البلطجية هم الرصيد الاحتياطى للإرهابيين سنعرف مدى خطورة ما يحدث فى المدن الصغيرة وفى الأحياء وفى العشوائيات من عنف منظم وبلطجة منهجية.
ليست البطالة وحدها هى بذرة إنتاج المجرمين، فكم من فقراء نراهم فى ميدان العمل يأكلون من عرق جبينهم، ولكن الارتخاء فى تطبيق القانون الرادع والعاجل فى ذات الوقت هو الطريق للفوضى، وتنظيف شوارع المحروسة من قطعان العصابات الصغيرة يحتاج إرادة قوية وانتباه من الدولة، حتى لا تفلت الأمور ذات يوم ويحاول كل صاحب حق استرداد حقه بذراعة، هنا ستكون الكارثة التى تتجاوز الإرهاب المتأسلم.
وبعيداً عن لغة النفاق التى ترى أن جبهتنا الداخلية متماسكة تعالوا نعترف أن بلادنا تعانى من أزمة مجتمعية تأسست بفعل غياب العدالة الاجتماعية ومع ذلك الغياب الطويل نشأت لدينا مشكلة اسمها العنف المجتمعى لا يجب الصمت عنها، ولما كانت خطوات التنمية ومواجهة الفساد قد بدأت فى التحرك للأمام منذ ٣٠ يونيو الماضي، لتنتقل الآن مواجهة بلطجية الشوارع خطوة للأمام من خلال تطبيق صحيح للقانون ومن خلال القضاء على بطء الإجراءات أمام المحاكم.
ولأننى لست خبيراً قانونياً فلن أتداخل فى تفاصيل صلاحيات القاضى وتعامله مع الخصومة القضائية، ولكن ببساطة أقول إنه كلما كانت العدالة ناجزة وسريعة استقر المجتمع، وفى المقابل فإن تعطيل العدالة يغرى المجرمين ليتمادوا فى غيهم ويدفع المواطن البسيط الثمن دائماً.
لا يوجد طريق آخر سوى القانون والعدالة، لا يوجد طريق آخر سوى تفكيك القنابل الموقوتة فى بعض القوانين التى بسببها يتصادم الناس ابتداء من قانون الإيجار القديم فى المساكن وصولاً لسيولة استيراد الدراجات النارية والمفرقعات، بلادنا تستحق منا الكثير على مختلف المستويات، سواء تشريعيا أو تنفيذيا، فصاحب الحق إذا اطمأن إلى قانون رادع وسرعة فى التقاضى وسرعة البت فى القضايا وسرعة تنفيذ الأحكام، وقتها ستولد آليات جديدة لضبط ايقاع المجتمع الذى ينفلت يوماً بعد يوم.
وقتها تكون الثقة بالقضاء ثقة عمياء ويعرف الجميع أننا فى بلد القانون وتموت إلى الأبد ردات الفعل السلبية التى تدفع كثيرا من الناس إلى الرجوع لعادة الثأر وانتزاع الحقوق بطرق غير مشروعة.