السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

محافظات

مغامرة لـ"البوابة" تكشف أسرار "دولة المتسولين"

فى "وجه قبلي" لـ"الشحاتة أصول"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«المحرر» ارتدى «ملابس مهترئة» وتقمص شخصية «الشحاذ» وقلد عباراته جمع 300 جنيه في ساعتين بشعار «وحياة ربنا إدينى جنيه» ولا وجود شرطيًا.. والمتسولون يبيعون «الترامادول»

البعض يراها وباء اجتاح الوطن، وشريحة أخرى تعترف بأن أصحابها ضحايا للحاجة والعوز وضيق الحال.
هناك من يرى أنها حرفة من السهل أن تمتهنها إذا كنت تبحث عن مصدر للرزق يدر عليك دخلا عظيما، لكن قبل هذا وذاك لا بد أن تقتل بداخلك كرامتك وأى شيء آخر يتعلق بإنسانيتك.
«البوابة» حتى تفك لغز «التسول» كانت لها مغامرة صحفية داخل قطار الوجه القبلى، انتهت على أرصفة محافظتى سوهاج وأسيوط.
في البداية، أعلن ناظر المحطة عن وصول القطار المتجه إلى مدينة نجع حمادى شمال محافظة قنا، توجهت مسرعًا إلى القطار، بعد أن ارتديت ملابس تبدو كأنها كانت لآخر قبل مائة عام مثلا، تسهل علىّ التسول بين كل هذه الوجوه المسافرة، فالأمر ليس سهلا، ففضلًا عن صعوبة تقمص شخصية المتسول وتقليد عباراته وأكاذيبه المتعارف عليها، فإن ممارسة التسول تمثل جريمة بحد ذاتها يعاقب عليها القانون.
المغامرة لا تخلو من الإثارة، حيث تطلبت جمع أكبر قدر من المال خلال ساعات محدودة، دون الاحتكاك بالمتسولين الحقيقيين الذين يعرفون بعضهم البعض، ولا يسمحون للغرباء باقتحام عالمهم السري.
«يا رب يخليك يارب، إن شاء الله ما يوقعك في ضيقة، أنا من قنا ومش معايا فلوس أروح.. هات جنيه والنبي»، بهذه العبارات وغيرها استعطفت الركاب قبل النزول لمحافظة أسيوط، فمنهم من أعطانى جنيهًا ومنهم من أعطانى أكثر، ومنهم من رفض وسبنى وطلب منى أن أبحث عن عمل شريف، ومن بينهم من حاول الاعتداء علىّ.
بعد النزول من القطار، بدأت التجول بالقرب من البنوك ومكاتب البريد والمناطق الأكثر ازدحامًا في سوهاج، وأثناء جولتى اكتشفت أن التسول بجوار البنوك ومكاتب البريد يجعلك تجمع أكبر قدرًا من المال، وفى هذه الأثناء مرت إحدى الدوريات الشرطية التي يتواجد بها ضابط وعدد من أمناء الشرطة، وكادت أن تلقى القبض علىّ، لكن تركونى وشأنى بعد أن استعطفت الضابط الذي أعطانى جنيهًا وتركنى ورحل.
أثناء تجولى في محافظة سوهاج، بدت المخاطر تظهر، حيث واجهت سيدة متسولة طلبت منى أن أترك ميدان «العارف» لها، معللة ذلك بأنه المكان الخاص بها، وأنها تحدثت مع «عرفات وبهيج»، من كبار المتسولين، وقالا لها إن ذلك هو مكانها فقط ولن يقوم أحد بالتسول في نفس المنطقة، وبعد أن بدأت في التحدث معها لإقناعها أنه مكانى، وأن هذين اللذين ذكرتهما لى هما من أرسلانى إلى هنا.
خابت كل محاولاتى مع هذه السيدة في حقيقة الأمر، حيث اكتشفت لهجتى ثم حاولت أن تعتدى على بـ«مطواه» فتركت لها المنطقة، وهربت إلى محطة قطار سوهاج ممسكًا بما جمعته من مال.
لم يستمر عملى في ميدان السيد عبدالرحيم القنائى كثيرًا عقب خروجى من أبواب محطة قطار قنا، حيث مكثت هناك قرابة الـ٢٠ دقيقة، حاملًا بعض الجمل الاستعطافية مثل: «وحياة ربنا ادينى جنيه، والله عاوز أفطر ومش معايا فلوس، ربنا يخليلك حبيبتك والنبى وينولك مرادك»، المدهش أن أكثر من استجاب إلى من السيدات والفتيات.
تركت ميدان القنائى متجها إلى محطة القطار مرة أخرى، وذهبت إلى محافظة الأقصر حيث ميدان أبوالحجاج الأقصرى، وبدأت في التسول داخل الميدان، لم أستمر في العمل بجوار ساحة الميدان كثيرًا، بسبب سيطرة بعض الأشخاص على المهنة هناك، ومحاولة أحدهم الاحتكاك بى، أو أن «أقسم معه» ما جمعته طوال فترة جلوسى في المنطقة، فتركت الساحة وفضلت الابتعاد عن المواجهة.
أثناء المغامرة في سوهاج وقنا والأقصر، اكتشفت أن عصابات التسول في المحافظات الثلاث تختلف عن بعضها البعض، من حيث الجنس وأعمار المتسولين، ففى محافظة سوهاج تنتشر السيدات في التسول عن طريق إحدى العصابات التي تقوم بتسريحهن وتتراوح أعمارهن ما بين ٣٠ و٤٠ عامًا، أما في محافظة قنا فينتشر الأطفال بشكل أكبر، وفى محافظة الأقصر الشباب يكتسح مهنة التسول بين أعمار تتراوح بين الـ٢٠ و٣٠ عامًا، والسيدات يتراوح عمرهن ما بين ٣٠ عاما و٤٠ عامًا.
الغريب أن التسول كان سببًا في رواج تجارة الأقراص المخدرة، حيث تقدم أحد الأشخاص نحوى في ميدان القنائى قائلا: «معاك فيزا تراما»، قاصدًا حبوب الترامادول، وهو ما قد يشير إلى أن المتسولين يتاجرون في الأقراص المخدرة في بعض المحافظات.
بعد نهاية المغامرة عدنا إلى محافظة قنا، وأنا في حالة إعياء شديدة، وكانت الحصيلة التي جمعتها من محافظة سوهاج ١٩٤ جنيهًا لمدة عمل قاربت ٦٠ دقيقة، وفى محافظة قنا جمعت ٦١ جنيهًا في مدة عمل قاربت الـ٢٠ دقيقة، وفى محافظة الأقصر جمعت ما يقرب من الـ٣١ جنيهًا خلال ١٥ دقيقة.
٢٨٦ جنيهًا في مدة لم تتعد الساعتين، أي ما يعادل ٨٥٨٠ جنيهًا شهريًا وهى تتساوى وراتب مدير عام في مؤسسة حكومية يعمل لمدة قاربت على الـ ٥٠ عامًا.
النسخة الورقية