في الماضى كنا نتعجب عند سماع قصة أن أحد المحبوسين تمكن من تهريب هاتف محمول أو أجرى مكالمة تليفونية من داخل السجن، نظرا لشدة الرقابة عليهم، ورغم أن الوضع أصبح معقدا عن الماضي، خاصة مع كثرة وجود المعتقلين من الجماعة المحظورة، أو ممن يتبعون ملتها الإرهابية، يصبح من غير المعقول اكتشاف أن هؤلاء المعتقلين يتصلون بالإنترنت، دون أن نعرف كيف تم تهريب وسائل الاتصال بها لداخل السجون، في ظل وجود التفتيش الأمنى في مداخل ومخارج السجن، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على الأمن القومى المصرى.
في العامين الماضيين سمعنا كثيرا عما يسمى بتشكيل الخلية العنقودية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، وقبض على أكثر من ٨٩ متهما من الشباب، وتعود حكاية هذه الخلية إلى ما يسمى بتنظيم كتائب الفرقان الذي أحدث ضجة كبيرة في الرأى العام بعد عملية استهداف سفينة صينية في سبتمبر ٢٠١٣ بقذيفة «آر بى جى»، بجانب قتل العقيد أركان حرب محمد الكومى والتمثيل بجثته.
الشباب المعتقلون في هذه القضية والمقيمون في سجن القنطرة وصفوا سجنهم بأنه إقامة خمسة نجوم، نظرا لأن خدمات النت لم تنقطع عنهم، ومعهم هواتفهم المحمولة التي هربوها داخل السجن، ويعيشون أوقاتا سعيدة بالنسبة لباقى المساجين، ويتمتعون بحياة ترفيهية بالمواقع الاجتماعية، وينشرون مواقفهم المضحكة وصورهم بمواقع التواصل الاجتماعى، وأيضا يحتفلون بأعياد ميلادهم داخل السجن.
بدلا من أن يهتم هؤلاء بمصيبتهم ويتوبوا عما فعلوه ويبحثوا عن مخرج لهم من هذه الأزمة تبادلوا الضحك والأكاذيب فيما بينهم، حيث قال «حودة أشرف»، أحد المعتقلين بسجن القنطرة بمحافظة الإسماعيلية وعمره ٢١ سنة، والطالب بكلية التجارة جامعة الأزهر: «وأنا في الحبس وبتكلم في الموبيل ببقى عايز أقول للى جنبى لو سمحت خد ودنك لاقيتها معايا»، وأضاف: «إن السر الوحيد اللى المعتقل بيحافظ عليه هو اسم أمه»، وهاجم حودة من محبسه الإعلام، واتهمه بخوض حرب ضدهم بالغش والخداع حتى يتم تشويه حلمهم، ولم يبتعد حودة عن السياسة بل ظل يهاجم النظام، ووجه اللوم إلى أصدقائه الذين لم يزوروه في محبسه.
بينما قال «أحمد جلهوم» رئيس اتحاد طلاب كلية آداب جامعة قناة السويس: إن المعتقلين في سجن القنطرة مجتمعون على الشيكولاتة، وقال إنهم أجدع من أنجبت الإسماعيلية في قضية باطلة تسمى إحياء التنظيم السرى أو الخلية العنقودية، جمعوا فيها شباب الإعدادى والثانوى والجامعة، وقال: «إنه لا يعتقد أن أحدا من الموجودين في هذه القضية لا تقول الناس عنهم إلا أنهم أحسن شباب».
«محمد كهربا»، الطالب بمعهد السويس لنظم المعلومات الإدارية، ومن أعضاء حركة وايت نايتس، قال على الـ«فيس بوك»: «إنه يفتخر بالخلايا الإرهابية التي تهمتها حيازة عقل وإلهام حماس الثوار وضم عدد من العناصر الشبابية بإقناعهم واستقطابهم لاستخدام العنف ضد قوات الجيش والشرطة لترسيخ بعض المفاهيم المتطرفة، وأنهم لو خطفوا من بيوتهم مرارا وتكرارا لن تضيع، الثورة أو تموت منهم»، وقال: «إحنا من الجيل اللى خلينا الكلابش لعبة في إيدينا»، كما ردد هتافات «زنزانة فيها أحرار منها ابتدا المشوار».
أسامة الفقى، الطالب بالمعهد العالى للخدمة الاجتماعية ببورسعيد، قال لأصدقائه: «سحلونا وعذبونا واعتقلونا، ولم يرحموا الشيوخ والأطفال والنساء والشباب والفتيات، فإنى استقوى بقوتك وجبروتك عليهم اللهم افتك عظامهم وشل أركانهم وحطم مفاصلهم أرنا فيهم يوما أسود عليهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك».
وعبر الفقى عن حزنه لتغير أيديولوجية الشعب الذي أصبح كارها للإخوان حسب وصفه، بعد أن كانوا يدا واحدة في بداية ثورة يناير، وأضاف أن خروج البنات حاليا في المظاهرات حرام شرعا، لأنه يعرضها للاغتصاب والاعتقال، ودور النساء تربية الجيل على الجهاد وليس الجهاد نفسه، والنساء في عهد الرسول كانت تخرج في الغزوات، ولكن لم تقاتل، وأضاف لا تتاجروا بعرض نسائكم، وأنهى حديثه بأن الكلبشات أصبحت أسلوب حياة.
الجدير بالذكر، أن قضية الخلية العنقودية المتهم فيها هؤلاء الشباب شكلها شخص اسمه محمد أحمد نصر، وشهرته الدكتور، وهو أمين التنظيم، وكان يعمل مدرسا بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس، وهو هارب حاليا، وقد طلب التصرف في أسلحة لإمداد التنظيم، واشتري ٤ بنادق آلية وصندوق ذخيرة بقيمة ٧٤ ألف جنيه، وأيضا طلب شراء «آر بى جيه» لاستهداف المنشآت الحيوية وكمائن الجيش، وحصل عليه من كتائب عز الدين القسام.
بعد تحريات الأمن الوطنى ومجهود مكثف بمحافظة الإسماعيلية تم القبض على هؤلاء الطلاب أعضاء الخلية الإرهابية التي تم تشكيلها بواسطة ثلاثة طلاب بجامعة قناة السويس، بعد أن تخصصت هذه الجماعة في صناعة القنابل الناسفة والحارقة.
وحسب المصادر الأمنية فإن هؤلاء الطلاب كانت معهم قنابل بدائية الصنع، بها مواد تحرق وتشوه كل من في مكان الانفجار، ويتم تفجيرها عن طريق الريموت الكنترول، كما تم ضبط معمل مصغر يستخدمه الطلاب به كميات كبيرة من هيدروكلورويد الصوديوم، ونترات البوتاسيوم، وأقطاب نحاس، وكربون وبطاريات كهربائية، وبطاريات «قلم»، وأقماع معايرة وأنابيب اختبار، وقنابل مصغرة يتم اختبارها.
وعثر بحوزتهم على أوراق تنظيمية تتضمن مخططاتهم التي تسعى لإشاعة الفوضى والعنف المسلح، وإرهاق الشرطة وبث الرعب بين أوساط المواطنين، والتخطيط للهجوم على المنشآت العامة والحيوية، واستهداف رجال القوات المسلحة والشرطة.
وبدأت أولى جلسات محاكمة المتهمين في القضية الجنائية برقم ٤٢٧٧ لسنة ٢٠١٤ جنايات ثان الإسماعيلية، والمقيدة برقم ٢٣٣٢ لسنة ٢٠١٤ جنايات كلى الإسماعيلية بمجمع محاكم الإسماعيلية وسط إجراءات أمنية مشددة، وانتشار مكثف لعناصر الأمن المركزى داخل المجمع وبمحيطه.
وكانت النيابة قد وجهت للمتهمين تهم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، وهى جماعة الإخوان المسلمين، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، وشاركوا في الاعتداء على الحريات الشخصية وغيرها من الحريات العامة، وأضروا بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، وكان الإرهاب الوسيلة التي استخدموها في تحقيق ذلك.
وأشارت تحقيقات النيابة العامة إلى أن المتهمين انضموا لحركات كانت تهدف للتخريب والعنف تحت مسى حركات «مجاهدون - ولع -جيفارا- مجهولون»، وشاركوا في إضرام النيران بعدد من سيارات رجال الشرطة والقضاء ومقهى، كما حازوا على أسلحة ومفرقعات ومولوتوف ومواد مشتعلة وكاميرات تصوير.
وقررت محكمة جنايات الإسماعيلية في جلستها المنعقدة يوم الأحد الماضى تأجيل محاكمة ٨٩ متهما في القضية المعروفة باسم «الخلايا العنقودية»، بعد اتهامهم بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين في وقائع حرق سيارات شرطة وسيارات خاصة لرجال الأمن والقضاء بالإسماعيلية إلى جلسة ٣٠ يوليو المقبل.
النسخة الورقية