الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أبو تريكة ليس وليًا من أولياء الله الصالحين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"إحنا شعب أوفر بطبعه"
كان هذا هو التعليق الأول الذي تبادر إلى ذهنى، بعد دقائق من تسريب أخبار التحفظ على أموال لاعب الكرة محمد أبو تريكة، فقد رأيت حالة عنيفة من الهياج، وجدلًا يتزايد وشتائم تقابل كل من يؤيد القرار، وحالة من الغضب العارم تكاد تحرق أكباد من يحملونها، وهذيانًا متواصلًا يشير أصحابه إلى أن ما أقدم عليه النظام مع أبو تريكة فيه نهايته، ومزايدة من أطراف ترى أن التحفظ على أموال اللاعب المذكور ليس كافيًا، فلابد من قطع رقبته هو وكل من يدعم الإخوان، لأنهم يوفرون للجماعة ثمن الرصاصة التي تقتل بها شهداءنا في كل مكان.
ما دعانى لوصف ما جرى بأنه حالة «أفورة» منحطة، إن القرار سيمضى مثل غيره من القرارات، سيأخذ ضجته التي يستحقها فقط، ثم يخبو تمامًا، ليظهر قرار آخر، أو تنفجر أزمة أخرى، ننشغل بها قليلًا، ثم نجلس على مؤخراتنا في انتظار ضجة جديدة نفرغ فيها طاقتنا، وعقدنا النفسية، دون أن نفهم ما يحدث، أو ندرك أبعاد ما يدور حولنا.
لكن قبل أن نطوى صفحة أبو تريكة وقضية التحفظ على أمواله، أحب أن أشير فقط إلى أننا لسنا أمام قديس، حتى لو لقبه من يحبونه بذلك، ولسنا أمام ولى من أولياء الله الصالحين، حتى لو اعتقد من يسيرون خلفه كالدراويش أنه كذلك.
اعترف لكم أننى لا أعرف شيئًا لا قليلًا ولا كثيرًا عن إمكانيات أبو تريكة الكروية، لست مهتمًا به ولا بها، لكننى أعرف أشياء كثيرة عن مستوى ذكائه ووعيه وإدراكه، فهو مواطن بسيط ساذج، جعل الله رزقه في قدمه، فربح كما لم يربح أحد، وعندما قرر أن يشغل دماغه خسر كثيرًا.
من بين ذكاء النجوم الذين يحصدون شعبية طاغية كالتي جمعها أبو تريكة أنهم يضعون أنفسهم ملكًا للجميع، لا يصادرون أنفسهم من فئة أو قطاع، فجماهير الكرة جميعًا يعتبرونه ملكًا لهم، لا يريدون أن يسعدهم فقط وهو يتألق في الملاعب، ولكن يسعدهم في كل حالاته، فالجماهير المتيمة تريد أن يكون نجمها على هواها طوال الوقت.
أثناء الانتخابات الرئاسية التي فاز بها محمد مرسي أعلن أبو تريكة انحيازه التام لمحمد مرسي، بل علق لافتات يؤكد من خلالها ذلك واضعًا صورته إلى جوار صورة المرشح الإخوانى، ضاربًا عرض الحائط بأن هناك ملايين من جماهيره لا تؤيد محمد مرسي، وبعد ٣٠ يونيو ظل على تأييده لمرسي، وكان داعمًا ومؤيدًا لكل المظاهرات التي خرجت تتحدث كذبًا عن شرعية رئيس خائن، ولا أتحدث هنا عن دعم معنوى، فقط ما يؤكد أن أبو تريكة كان داعمًا للمظاهرات الإخوانية ماديًا، بل كان واحدًا ممن أمدوا المعتصمين في رابعة العدوية بالدعم المالى، فعل ذلك وهو يعرف أيضًا أن ملايين من جمهوره يقفون على الضفة الأخرى.
قد تقول إنه حر تمامًا فيما يفعل، سأقول لك هو كذلك، لكننى سأضيف أيضًا أنه وفى هذه الحالة ليس من حقه أبدًا ولا من حق دراويشه أن يتحدثوا عن خطأ أو خطيئة نظام أو حكومة في التعامل مع أبو تريكة، فهو يدفع ببساطة ثمن الموقف الذي انحاز إليه، أم أنه ليس رجلًا بما يكفى ليتحمل نتيجة اختياره.
القرار الذي صدر بحق شركة السياحة التي يملكها أبو تريكة مع شركاء إخوان - وكنت قد كشفت عنها منذ شهور طويلة - لم يتم تفصيله عليه، لدى لجنة التحفظ على أموال الإخوان قواعد ومعايير، طبقتها، سيفها نزل على رقبة أبو تريكة، ليس لأنه معشوق الملايين وساكن قلوبهم، ولكن لأن له نشاطًا إخوانيًا... قام بدعم الإخوان... هذا كل شىء.
المعركة واضحة جدًا، لكننا لا نريد أن نصدق أن البلد في حرب، يسقط فيها أنبل وأخلص أولادنا، ويضيع على هامشها أبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم انخدعوا بأفكار يتاجر أصحابها بالدين ويحولون الله ذاته إلى سلعة، ولذلك فلا تلتفتوا إلى أبو تريكة كثيرًا، ولا تهتموا لشأنه، حتى لو قام كثيرون من السذج المفتونين به بالتهديد والوعيد، فالجميع في مواجهة القانون... أم أنكم تعتقدون أنه أو غيره أقوى من القانون.
ولو قطعت على الطريق، وقلت: ولكنه قانون القوة، لن أعارضك أبدًا، بل سأقرك على كلامك، هو قانون القوة، وهل هناك غير قانون القوة هو الذي يحكم حياتنا؟.