انتقد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل سياسات الدول المانحة ومفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تجاه أزمة اللاجئين السوريين، رافضا السياسات الحالية التي يراها تحمل إيحاءات مبطنة بتوطين النازحين السوريين في لبنان.
وقال باسيل، خلال اختتام ورشة عمل بعنوان: "مؤتمر السلام عبر الطفولة المبكرة" في بيت الطبيب اللبناني برعايته،: "نحن شعب يريد السلام، لكن إسرائيل ترفضه من خلال انتهاكها سيادتنا يوميا، وهي يحكمها عقل عنصري وعسكري يقوم على أبارتهايد ممنهج بحق إخوتنا في فلسطين. لكننا سنستمر بتمسكنا بالسلام من دون تمييز بين الطفل والعجوز، بين الرضيع والشيخ، بين الرجل والمرأة.
وقال "يواجه لبنان هذه التحديات بالرغم من إمكاناته المحدودة وبالرغم من الوعود المالية الدولية والتي تبقى حبرا جافا على أوراق غير نقدية. ومن أبرز التحديات، تلك المتعلقة بالتربية وبتعميم التعليم على جميع الأطفال على الأراضي اللبنانية، انطلاقا من قناعتنا بأن المدرسة هي الحلقة الأولى التي يدخلها الفرد في مسيرته الاجتماعية. فأقصى ما تم التوصل إليه هو تعليم 25% من الأطفال السوريين (تم استيعاب 105 آلاف تلميذ سوري في المدارس الرسمية اللبنانية بينما يقدر عدد السوريين في سن التعليم بـ400 ألف)، في حين يبلغ عدد التلاميذ اللبنانيين في المدارس الرسمية 190 ألفا. تبين الإحصاءات أن 73% من الأطفال في الشوارع هم سوريين، و40% من الأطفال في الشوارع هم غير متعلمين.
وتابع قائلا إن من شأن زيادة المساعدات الدولية إلى الدولة اللبنانية أن يسهم مباشرة في زيادة عدد التلاميذ التي يمكن استيعابهم في المدارس بدل تعليمهم فنون القتال والتدرب المتدرج على العنف".
وأضاف: يبدو أن الجهات المانحة تعاني من "تعب" يؤدي إلى تقليص حجم المساعدات المالية (في مؤتمر الكويت الأخير، تم جمع تبرعات ومساعدات بقيمة 3.5 مليار دولار بينما كانت الجهات الدولية تسعى إلى جمع 8 مليارات دولار أمريكي) ومن جهة أخرى تستمر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتسجيل نازحين إضافيين، وهو ما يزيد ثقل العبء الواقع على الدولة اللبنانية، (بينما تهدف سياسة الحكومة اللبنانية إلى تقليص عدد النازحين في لبنان، انطلاقا من حصر منح صفة النازح بمستحقيها ووضع حد لإستفادة غير المستحقين واستغلالهم للمساعدات الإنسانية الدولية عن غير حق).
وقال إن السلطات اللبنانية المعنية لا تزال تنتظر تسلم المعلومات الخاصة بالنازحين المسجلين لدى المفوضية، تمهيدا لقيامنا بمسح شامل لواقع النزوح السوري، عملا بحقنا السيادي واستنادا إلى مراسلات واضحة بهذا الخصوص بين وزارة الخارجية والمفوضية. إلا أنه يتبين أن المفوضية السامية لم تفِ بما كان قد اتفق عليه.
وأشار إلى أن المفوضية قامت بتسجيل 42 ألف نازح إضافي منذ بداية العام الحالي (من ضمنهم 6500 نازح حديثي الولادة)، وهو ما يتناقض مع قرار الحكومة اللبنانية ذي الصلة، التي كان يتوجب بعد قرارها أن لا يتم تسجيل أي نازح إضافي. بالإضافة، لا تزال أعداد النازحين الذين تقبلهم دولا ثالثة ضئيلة جدا، كأن هذه الدول لا تعي حجم العبء الذي يحمله لبنان.
واستغرب ما تتضمنه تقارير بعثات أجنبية، وآخرها بعثة من دول الاتحاد الأوروبي زارت لبنان الشهر الفائت، وخلصت إلى المطالبة بمنح النازحين حقوقهم في إقامات طويلة الأمد وبتسهيل دخولهم إلى سوق العمل وحتى بالطلب إليهم بدفع الضرائب".
ورأى في "هذه التوجهات والتوصيات تناقضا كبيرا بين ما تقوم به أوروبا حاليا على شواطئ المتوسط وما يتم تداوله مؤخرا في أروقة الأمم المتحدة حول الحصول على قرارات دولية تتيح حتى بالضربات العسكرية منعا لدخول اللاجئين إلى أوروبا. هل في هذا إنسانية، وفي إجراءات لبنان الحدودية الخجولة لا إنسانية؟ ألا يحق لنا أن نتعامل مع النزوح الكثيف على غرار ما تقوم به السويد التي تحيل النازحين طالبي اللجوء إلى محاكم خاصة تنظر في ملفاتهم قبل قبولهم على الأراضي السويدية، فتعيد إلى بلدهم النازحين الذين وصلوا إليها من غير مبرر؟. وقال: "نرى في هذه التوصيات إيحاءات مبطنة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى توطين النازحين السوريين وهو ما نرفضه رفضا كاملا، حماية لنسيج لبنان الاجتماعي وصونا لهويتنا ودفاعا عن صيغة لبنان الفريدة القائمة على توازن دقيق.