حسنا فعلا السيد رئيس الجمهورية حينما أعلن
أن "الانتخابات لازم تتم علشان يبقى عندنا برلمان بيشرع، وبيراقب، ولا يمكن إجراؤها
أثناء شهر رمضان المقبل بسبب الشهر الكريم، وامتحانات الثانوية العامة..."
وذلك في خطابه بمناسبة عيد العمال وهذا التصريح بدد الشائعات التي سرت في أروقة
المجتمع. وكل واحد اختار بل ألف الشائعة التي تتمشى وفق أهوائه السياسية.
فقوى الإرهاب فرحت بعدم إجرائها، وأحست
بأن أعمالها الإرهابية من قتل، وتدمير، وتخريب نجحت في عدم إجرائها، وأن سلطة ثورة
30 يونيو فشلت، وغير صادقة فيما أعلنته من مبادئ خاصة باستكمال خريطة الطريق. وزاد
لديهم الأمل في حالة إجراء مصالحة أو رضوخ للضغوط الخارجية بعودة الجماعة الإرهابية
بأن يشاركوا في البرلمان القادم.
أما الطابور الخامس فأشاع أن الحكومة
خشيت من اكتساحه الانتخابات، والفوز بالأغلبية خاصة أنه صرف مبالغ مالية كبيرة في
شراء المرشحين، والدوائر، والتي تلقاها من الخارج.
وشاركه في هذه الشائعات الفلول، والقوى
الظلامية التي تريد أن تحل محل الجماعة الإرهابية – جماعة الإخوان المسلمين، وحلفائها
من الإرهابيين وهناك من قال، إن الحكومة الحالية لا ترغب في إجراء الانتخابات
لتضمن البقاء، والاستمرار على كراسيها حتى لا يتم تغييرها، وأنها بدأت تخسر الكثير
من رصيدها بسبب عدم السيطرة على ارتفاع الاسعار، واغلبيتهم محل سر.
لا يتحركون باستثناء السيد رئيس الوزراء
المهندس إبراهيم محلب، ووزير الدفاع، ووزير الداخلية اللذين تحملا التصدي بكل قوة
لكل المخططات الإرهابية الداخلية، والأجنبية للنيل من استقرار مصر، ونتيجة تقاعس
الوزارة أصبح العبء كبيرا، وثقيلا على مؤسسة رئاسة الجمهورية والحمد لله أن هذا
التصريح جاء على لسان السيد الرئيس ليؤكد للجميع أننا عازمون على استكمال خريطة
الطريق، ولن ترهبنا قوى الإرهاب أو سيطرة القوى المعادية على البرلمان القادم، لأن
الشعب الذي قام بثورتين في فترة زمنية بسيطة قادر على التصدي لهذه القوى، وإسقاطها
لأنه قادر على الفرز ويعلم تمام العلم من وقف معه وقت الشدة، ومن تخلى عنه، وباعه
بأرخص الأثمان أو مقابل حفنة من الدولارات، فالمبدأ الأساسي لثورتي 25 يناير، 30 يونيو
هو إقامة حياة برلمانية حقيقية، وسليمة، خالية من التزوير، والتزييف سواء بشراء الأصوات
أو تسويد البطاقات كما كان يحدث أيام المخلوع أو بشنط الدقيق، والسمن، والزيت أو
البطاقة الدوارة، والوعد بالجنة كما كان يحدث أيام المعزول.
ومهما كانت مبررات البعض بعدم إجرائها أو
تأجيلها مدة طويلة بسبب الحرب على الإرهاب أو ضعف الأحزاب، والقوى السياسية، أو
الطعون من راغبي الشهرة أو الخلل في بعض النصوص بسبب خطأ ترزية القوانين الذين
ابتلينا بهم.
فكل هذا غير مقبول، ولابد من إجرائها، وثقتنا
في شعبنا لا حدود لها، والتجربة أكدت ذلك، فالتأجيل، والتأخير خسارة كبيرة لنا
ويخدم مصلحة الأعداء.
فلا خوف على الشعب المصري وثورته لأنه
عرف الحياة النيابية منذ عام 1824 عندما أنشأ محمد علي المجلس العالي الذي يعد أول
مجلس تمثيلي.
وفي عهد الخديوي إسماعيل في عام 1866 تم
إنشاء مجلس شورى النواب وتم عمل لائحة تأسيسية أخذت موادها من اللوائح البرلمانية
المعمول بها في أوروبا.
وكان أحد مطالب الثورة العرابية في 9 سبتمبر
1881 تشكيل مجلس النواب الذي تم افتتاحه، وسمي مجلس النواب المصري في 26 ديسمبر
1881، وصدر قانونه الأساسي الذي جعل الوزارة مسئولة أمام مجلس النواب، وله سلطة
التشريع، ومساءلة الوزراء من خلال الاستجوابات، ومدته كانت خمس سنوات، وبسبب
الاحتلال الانجليزي توقفت الحياة النيابية في مصر.
وحينما قامت ثورة 1919 كان مطلبها الأساسي
الحرية، والاستقلال، وإقامة حياة نيابية، وديمقراطية كاملة، وتم انتزاع دستور 1923
حيث أخذ بالنظام النيابي البرلماني القائم على أساس الفصل والتعاون بين السلطات، ونظم
العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية على أساس الرقابة، والتوازن، وأخذ بنظام المجلسين
الشيوخ والنواب، وأن تكوم مدته خمس سنوات، وتم الاعتداء على هذا الدستور بإصدار
دستور1930 .
إلا أن الشعب المصري قادم ونجح بحركته
الشعبية في انتزاع الأمر الملكي رقم 124 لسنة 1935 الذي أعاد العمل بدستور 1923، ومع
نمو وازدهار الحركة الوطنية خاصة كفاح الطلبة، والعمال، والرأسمالية الوطنية لم
يجد اعداء الوطن سوى حريق القاهرة في 26 يناير 1952 حيث أعلنت الأحكام العرفية . وكان هذا التمهيد لثورة 23 يوليو
1952، وإذا كانت اخطأت في حل الأحزاب، إلا أنها شكلت أول مجلس نيابي في 22 يوليو
1957 ثم مجلس الأمة المشترك نتيجة الوحدة ما بين مصر وسوريا حتى سقوط الوحدة، وتم
الانقضاض على الثورة بانقلاب 15 مايو 1971، وتم إجراء انتخابات مجلس الشعب وفقا
لأحكام الدستور الدائم الذي تم الاستفتاء عليه في 11 سبتمبر 1971 ليستمر هذا
المجلس لمدة خمس سنوات، وكان لمجلس الشعب الذي تك تشكيله في ظل التعددية الحزبية
بإصدار القانون رقم 40 لسنة 1977 الذي حول المنابر إلى أحزاب الفضل في فضح، وتعرية
اتفاق الصلح مع إسرائيل، الأمر الذي دفع الرئيس الراحل أنور السادات إلى حله، وعقب
تولي المخلوع السلطة بعد اغتيال الرئيس السادات على يد القوى الظلامية، وتزاوج السلطة
والثروة الأمر الذي كان أحد أسباب ثورة 25 يناير، حيث تم تزوير الانتخابات بشكل فج،
وإقصاء كل القوى السياسية، وارتكب ذات الخطأ المعزول بإقامة مجلس الأهل والعشيرة
فكانت ثورة 30 يونيو، والأمل في إقامة حياة نيابية حقيقية جديرة بأعظم شعب صاحب أقدم
الحضارات الإنسانية على السلطة القائمة.