فى حلقة للأستاذ خيرى رمضان فى برنامجه (ممكن)على قناه c.B.c بتاريخ 23/4/2015 على ما أذكر، وكان ضيفه فى هذه الحلقة كل من الدكتور أسامة الأزهرى، والدكتور معز مسعود، وقد فعل خيرى رمضان خيرًا عندما فتح باب المناقشة العلمية بين إسلام البحيرى وبين ممثلون عن علماء الدين على رأسهم الدكتور أسامة الأزهرى والحبيب الجعفري، وكثير من الناس استحسنوا ما فعله خيرى رمضان، رافضين أن يتم إسكات برنامج إسلام البحيرى بجرة قلم، ويترك الناس في حيرة من أمرهم هل إسلام البحيرى صح أم خطأ؟
فكان يجب مناقشة إسلام البحيري وما يطرحه على الناس على الملأ، كما كان برنامجه يذاع على الملأ فيجب أن يكون الرد بنفس كيفية العرض، فخيرًا فعل خيرى رمضان، وبعد هذه المقدمة فإن الموضوع الذى نعرضه في هذا المقال ينقسم إلى قسمين.
القسم الأول- خطأ وقع فيه الدكتور أسامة الأزهرى ولو كان له تعقيب فمرحب به.
القسم الثانى- خطورة ما يدعو إليه إسلام البحيرى من هدم التراث سواء كان يعلم أو لا يعلم.
أما الخطأ الذى وقع فيه الدكتور أسامة الأزهرى عندما كان يرد على من أنكر حديث البخارى الذى ورد في سحر النبي (صلى الله عليه وسلم) على يد (لبيد بن الأعصم اليهودى) فعدد من السادة العلماء الأفاضل أنكروا صحة هذا الحديث وقالوا عنه من فعل الزنادقة والملحدين، وأنكره كذلك الشيخ محمد عبده، وأظن أن كل من أنكر هذا الحديث أكثر علما من الشيخ أسامه الأزهرى، ولكنه من أجل أن ندافع عن كل ما ورد في البخارى فقد وقع في أكبر من ذلك عندما نسب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه أصابه سحر (لبيد بن الأعصم اليهودى)
فهذا يتعارض مع عصمت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الثابته بالقرآن فى قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين) (المائدة 67).
فعصمة النبي ثابتة بالقرآن الكريم، والقرآن قطعى الثبوت، والحديث الذى في البخارى ظنى الثبوت، وفي علم التعارض والترجيح في الشريعة الإسلامية فإن قطعى الثبوت يؤخذ به ويترك ظنى الثبوت إذا تعارضا، ولذلك ترك السادة العلماء هذا الحديث لأنه متعارض مع الآية القرانية، وهي قطعية الثبوت، وعندما حاول الدكتور أسامة الأزهري أن يثبت أنه ليس هناك تعارضا بين الآية والحديث وقع في خطأ أصولي آخر خطير، ومن لم يعلم نيته الحسنة وأنه من العلماء الأفاضل أصحاب العلم الغزير لاتهموه بإلباس الحق بالباطل، فقد قال الشيخ أسامة إن ما وقع النبي من السحر مثله مثل ما وقع مع موسى عليه السلام، واستدل بقوله تعالى (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) طه 66، فمثلما تخيل لموسى فإنه كان يتخيل أيضا للنبى (صلى الله عليه وسلم ) وهذا يا شيخ أسامة يسمى فى أصول الفقه القياس الفاسد فالآية فى سوره طه تقول: (قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) طه 66.
فالسحر من سحرة فرعون وقع على حبالهم وعصيهم ولم يقع على موسى بل إن موسى مثله مثل باقى البشر خدع بالنظر إلى هذه الحيلة من السحرة، فلذلك قال الله تعالى (فأوجس فى نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى) طه 67,68.
فسحر السحرة لم يمس موسى ولم يسحر موسى، فموسى مصون بصون الله له وحفظ الله له عندما قال له (لا تخافا إننى معكما أسمع وأري) أما قصه لبيد بن الأعصم اليهودى فإن الحديث يذكر بأن سحره وقع على ذات النبى (صلى الله عليه وسلم) وهى الذات المصونة والمعصومة بعصمة الله، فكان يظن أنه فعل الشيء وهو لم يفعله، كيف ذلك يا شيخ أسامة؟
ونحن نسألك، فالله سبحانه وتعالى يقول للنبى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) فإذا تخيل النبى بأنه بلغ عن ربه وهو لم يبلغ فما هو الحكم كما ورد فى حديث سحر النبى أنه كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله فإذا ظن أنه بلغ عن ربه وهو لم يبلغ خيل إليه أنه بلغ ولم يبلغ فما هو الحكم؟
فهل النبى مآخذ من الله على هذا التقصير فى عدم الإبلاغ الذى وقع فيه بسبب السحر، فما هو الجواب يا شيخ أسامة هل هو معزور بالسحر أم بالمرض الذى سببه السحر فى عدم التبليغ عن ربه؟
فأنت يا شيخ أسامة تدافع عن خرافة اسمها سحر النبى وضعها الملحدون والزنادقة تمهيدًا لهدم رسالة النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى يأتى من يقول لنا هل حرم النبى هذا الشيء وقت ما كان مسحورا أم فى حال عافيته، وهكذا تدافعون عن تخاريف بحجة وجودها فى صحيح البخارى.
وماذا تقول للشيعة أن تحريم نكاح المتعة لا نأخذ به لأن النبى قاله وهو مسحور ؟
فهذا يا شيخ أسامة هدم فى أصول الدين فليس سحر سحرت فرعون الذى وقع على الحبال والعصى كسحر لبيد ابن الأعصم الذى وقع على النبى نفسه هذا هو القياس الفاسد يا شيخ أسامة.
ثم إن مجمع البحوث الإسلامية لهو كتاب اسمه (الحديث النبوى بين الدراية والرواية) ظهر فيه أن البخارى به مائة حديث عابوها بالشذوذ والوقف والقطع، وأن الدكتور عبد الله سلامة نصر أستاذ الحديث بالأزهر الشريف فى جريدة العربى سنه 2004 قال إن هناك أثرا للزنادقة وأعداء الإسلام فى نسخ كتب التراث دسوا فيها أحقادهم كما دلسوا فى أحاديث النبى وذكر البخارى ومسلم من الكتب التى نالها هؤلاء الزنادقة من أحقادهم، والمعلوم أن البخارى رضى الله ورحمه توفى سنه 256 هجرى وأقدم نسخة من صحيح البخارى بين أيدينا الآن مكتوبة سنة 495 هجريا أى بعد وفاة البخارى بحوالى 240 سنة.
فأنت يا شيخ أسامة لا تقبل الطعن على حديث ورد فى البخارى ربما وضعه أصحاب النيات السيئة ومعلوم فى علم الحديث أن الوضاعين يأتون بالحديث المكذوب ويركبونه على سلسلة صحيحة فتكون السلسلة صحيحة والمتن مكذوب يلتبس على الجهلة بعلم الحديث، وهكذا تضر بالدين من حيث تريد أن تنفعه وليس ذلك كما قلت كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا لأنهم قالو إن موسى مكبوب أو غير ذلك من التهم التى تطعن فى أصل الرسالة وليس ذلك أيضا كما قلت وذكرت قوله تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) الأنفال 30.
لأن كل ذلك لا يطعن فى أصل الرسالة، فقد قتل زكريا عليه السلام ويحيى عليه السلام وغيرهما من الأنبياء كثير ولا يطعن ذلك فى أصل رسالته، ولكن المسحور هو طعن فى أصل الرسالة لأن تصرف المسحور لا يأخذ بهى ولا يعتد بهى فهو كالمجنون لا يأخذ بفعله فهل كان النبى فى حالة سحره لا يؤخذ بفعله؟
أجب لنا عن هذا السؤال يا شيخ أسامة وليس كذلك بقولك إنهم كانوا يسبون النبى ويتهمونه بأنه ساحر أو مجنون لأنها تهم كاذبة نفاها الله سبحانه وتعالى عنه ونفى أنه ساحر أو مجنونا وأكذب الكافرين وهذا دليل آخر على كذب لبيد ابن الأعصم بسحر النبى لأن الله سبحانه وتعالى نفى عنه فى أكثر من موضع فى القرآن بأنه ساحر، وبالتالى ليس مسحورا، ومن قال عن النبى إنه ساحر كفر كفرا مخرجا من ملة الإسلام بنص القرآن، فمن باب القياس الأولى أنه ليس مسحورا لقوله تعالى بالسحر (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين من أحد إلا بإذن الله) الآية سورة البقره 102.
فهل أذن الله للبيد بن الأعصم أن يأذي النبى (صلى الله عليه وسلم) بسحره؟ وتلتبس عليه الأمور فيظن أنه فعل الشيء ولم يفعله؟
الردود كثيرة يا شيخ أسامة على هذا الزعم، ولكن نكتفى بذلك مع كل التقدير والاحترام لشخصك ولعلمك، وهذا هو القسم الأول، ولنا عودة بإذن الله للكتابة عن القسم الثانى، وهو خطورة ما يدعو إليه إسلام البحيرى من هدم التراث.