كان من العبث المهني الذي نعاني منه ويعاني منا، أن نجد جريدة يومية تزف إلى قرائها حصولها على انفراد بأن «ملحدين يؤسسون الحزب العلماني»، دعك من المنطق المهني الذي انتحر تمامًا على أعتاب المانشيت الخارق الساحق الماحق، فلن أدوشك بتفاصيل مهنية فقدت أي قيمة في عملنا الصحفي الذي يعاني من الهزال التام، ولكن أورطك في تفاصيل في الغالب لا تهمك..لأنني أعرف أن كثيرًا مما ننشره ونتحدث عنه لا يهمك من الأساس.
لكن دعونا نتخيل الأداء المهني الذي قاد إلى هذا المانشيت الهزلي.
فهل حصل المحرر على تحقيق شخصية مؤسسي الحزب جميعًا، فوجد في خانة الديانة أنهم ملحدون؟ أم أنه قابلهم فردًا فردًا، واعترفوا له دون تراجع ولا استسلام أنهم لا يعترفون بإله ولا يقرون بدين ولا يعترفون بأنبياء؟ أم وقع أسيرًا لخلط مزرٍ بين العلمانية كفكر سياسي والإلحاد كموقف فلسفي، فتشابهت عليه المصطلحات؟ أم أراد أن يؤكد وجوده وحرصه على سلامة المجتمع واستقراره الديني، فقرر أن يستبق الأحداث ويضرب كرسيًا في الكلوب ليدخل مؤسسي الحزب في دوامة الدفاع عن أنفسهم بأنهم ليسوا ملحدين، بدلًا من شرح برنامجهم والحديث عما يريدون تحقيقه في مجتمع لا يؤمن بحرية التفكير ولا يقر بأهمية الاختلاف.
لن ألفت انتباه من تجرأوا على وصف مؤسسي الحزب العلماني جميعًا بأنهم ملحدون إلى أن هذه ليست المحاولة الأولى لتأسيس حزب علماني في مصر، الأولى قام بها الدكتور الشهيد فرج فودة، الذي سعى إلى تأسيس حزب المستقبل، لكن آلة الإرهاب والتطرف اللعينة قتلته، فلم يستكمل حلمه، والثانية عندما فكرت مجموعة من المثقفين المصريين على رأسهم محسن لطفى السيد وسامى حرك في تأسيسه للمطالبة بمدنية الدولة، كان ذلك في ٢٠٠٤، ولما رفضت لجنة شئون الأحزاب مجرد النظر إليه، فكروا في تأسيس الحزب المصري الليبرالى، لكنه لم ير النور أيضًا.
الحديث عن حزب علماني ليس جديدًا إذن، لكن حصار من يتحدثون باسمه ومن صحافة المفروض، أنها تقف في صف الدولة المدنية وضد التطرف الدينى الذي أوردنا موارد التهلكة، هو الجديد والمريب في الوقت نفسه.. إذ ما الفارق بين أنصار الدولة المدنية وبين أنصار داعش في موقفهم ممن يسعون لتأسيس حزب علمانى؟.
لقد استندت الجريدة اليومية إلى كلام قالت إن هشام عوف وكيل مؤسسي الحزب العلماني المصري، كتبه عبر إحدى الصفحات السرية الخاصة بالشباب الملحد على فيس بوك.
لم يقل عوف على الصفحة السرية ـ ولا أدرى لماذا لم يتحدثوا معه وهو على ما أعتقد متاح، وقد تحدثنا معه هنا في «البوابة» عدد أمس الجمعة ـ إنه ملحد، أو إنه سيطالب بالحق في الإلحاد، قال فقط إن العلمانية نظام سياسي يتعامل مع المواطن على أنه مواطن بغض النظر عن ديانته، وتوجه الحزب ليبرالي، وسيركز بشكل كبير على قضايا المواطنة، وإقرار قوانين مدنية للزواج والمواريث والأحوال الشخصية، وازدراء الأديان وإلغاء خانة الديانة من الرقم القومي.
ما الذي سيفعله الحزب على وجه التحديد، كما أعلن وكيل مؤسسيه وقاله لنا في تقرير نشرته الزميلة مارسيل نظمي أمس إنه سيطالب بحذف مواد الهوية واعتماد دستور حداثي قائم على المساواة والمواطنة، وإلغاء الأحزاب الدينية، وتقليص دور الأزهر والمؤسسات الدينية في الحياة السياسية، وسيعمل على تنظيم حق الزواج المدني للمسلمين والمسيحيين إلى جانب الزواج الديني أو الكنسي، كما سيعملون على العلمنة الكاملة للتعليم وجميع الخدمات التي تقدمها الدولة.
لم يقل الحزب جديدًا على الإطلاق، إنها دعوات تتبناها اتجاهات سياسية عديدة، لكن الفارق أن مؤسسي الحزب العلماني يتحدثون بصراحة مطلقة عما يريدونه، وعما سيجتهدون لتحقيقه، ويبدو أن صراحتهم كانت جارحة، فجرت الآلة الاجتماعية المنافقة لتشويه التجربة قبل أن تظهر للنور، ولأن الاتهام بالإلحاد كافٍ جدًا في مجتمع يدعي أنه متدين لتشويه من يعتنقه، فقد سارعت الجريدة اليومية باتهام جميع مؤسسي الحزب بالإلحاد، واعتبرت أن هذا انفراد.
عن نفسى أعرف بعضًا ممن يشاركون في تأسيس الحزب، وأعرف أنهم ليسوا ملحدين، رغم أنني أرفض هذه الطريقة، فليس من حقي ولا من حق أحد أن يفتش في ضمائر الناس، ولكني أستطيع بحكم معرفتي بهم، أن أقول ومن باب انفراد بانفراد إن مؤسسي الحزب العلماني ليسوا ملحدين..ويا عزيزى انفراد، كم من المخازي ترتكب باسمك.
لكن دعونا نتخيل الأداء المهني الذي قاد إلى هذا المانشيت الهزلي.
فهل حصل المحرر على تحقيق شخصية مؤسسي الحزب جميعًا، فوجد في خانة الديانة أنهم ملحدون؟ أم أنه قابلهم فردًا فردًا، واعترفوا له دون تراجع ولا استسلام أنهم لا يعترفون بإله ولا يقرون بدين ولا يعترفون بأنبياء؟ أم وقع أسيرًا لخلط مزرٍ بين العلمانية كفكر سياسي والإلحاد كموقف فلسفي، فتشابهت عليه المصطلحات؟ أم أراد أن يؤكد وجوده وحرصه على سلامة المجتمع واستقراره الديني، فقرر أن يستبق الأحداث ويضرب كرسيًا في الكلوب ليدخل مؤسسي الحزب في دوامة الدفاع عن أنفسهم بأنهم ليسوا ملحدين، بدلًا من شرح برنامجهم والحديث عما يريدون تحقيقه في مجتمع لا يؤمن بحرية التفكير ولا يقر بأهمية الاختلاف.
لن ألفت انتباه من تجرأوا على وصف مؤسسي الحزب العلماني جميعًا بأنهم ملحدون إلى أن هذه ليست المحاولة الأولى لتأسيس حزب علماني في مصر، الأولى قام بها الدكتور الشهيد فرج فودة، الذي سعى إلى تأسيس حزب المستقبل، لكن آلة الإرهاب والتطرف اللعينة قتلته، فلم يستكمل حلمه، والثانية عندما فكرت مجموعة من المثقفين المصريين على رأسهم محسن لطفى السيد وسامى حرك في تأسيسه للمطالبة بمدنية الدولة، كان ذلك في ٢٠٠٤، ولما رفضت لجنة شئون الأحزاب مجرد النظر إليه، فكروا في تأسيس الحزب المصري الليبرالى، لكنه لم ير النور أيضًا.
الحديث عن حزب علماني ليس جديدًا إذن، لكن حصار من يتحدثون باسمه ومن صحافة المفروض، أنها تقف في صف الدولة المدنية وضد التطرف الدينى الذي أوردنا موارد التهلكة، هو الجديد والمريب في الوقت نفسه.. إذ ما الفارق بين أنصار الدولة المدنية وبين أنصار داعش في موقفهم ممن يسعون لتأسيس حزب علمانى؟.
لقد استندت الجريدة اليومية إلى كلام قالت إن هشام عوف وكيل مؤسسي الحزب العلماني المصري، كتبه عبر إحدى الصفحات السرية الخاصة بالشباب الملحد على فيس بوك.
لم يقل عوف على الصفحة السرية ـ ولا أدرى لماذا لم يتحدثوا معه وهو على ما أعتقد متاح، وقد تحدثنا معه هنا في «البوابة» عدد أمس الجمعة ـ إنه ملحد، أو إنه سيطالب بالحق في الإلحاد، قال فقط إن العلمانية نظام سياسي يتعامل مع المواطن على أنه مواطن بغض النظر عن ديانته، وتوجه الحزب ليبرالي، وسيركز بشكل كبير على قضايا المواطنة، وإقرار قوانين مدنية للزواج والمواريث والأحوال الشخصية، وازدراء الأديان وإلغاء خانة الديانة من الرقم القومي.
ما الذي سيفعله الحزب على وجه التحديد، كما أعلن وكيل مؤسسيه وقاله لنا في تقرير نشرته الزميلة مارسيل نظمي أمس إنه سيطالب بحذف مواد الهوية واعتماد دستور حداثي قائم على المساواة والمواطنة، وإلغاء الأحزاب الدينية، وتقليص دور الأزهر والمؤسسات الدينية في الحياة السياسية، وسيعمل على تنظيم حق الزواج المدني للمسلمين والمسيحيين إلى جانب الزواج الديني أو الكنسي، كما سيعملون على العلمنة الكاملة للتعليم وجميع الخدمات التي تقدمها الدولة.
لم يقل الحزب جديدًا على الإطلاق، إنها دعوات تتبناها اتجاهات سياسية عديدة، لكن الفارق أن مؤسسي الحزب العلماني يتحدثون بصراحة مطلقة عما يريدونه، وعما سيجتهدون لتحقيقه، ويبدو أن صراحتهم كانت جارحة، فجرت الآلة الاجتماعية المنافقة لتشويه التجربة قبل أن تظهر للنور، ولأن الاتهام بالإلحاد كافٍ جدًا في مجتمع يدعي أنه متدين لتشويه من يعتنقه، فقد سارعت الجريدة اليومية باتهام جميع مؤسسي الحزب بالإلحاد، واعتبرت أن هذا انفراد.
عن نفسى أعرف بعضًا ممن يشاركون في تأسيس الحزب، وأعرف أنهم ليسوا ملحدين، رغم أنني أرفض هذه الطريقة، فليس من حقي ولا من حق أحد أن يفتش في ضمائر الناس، ولكني أستطيع بحكم معرفتي بهم، أن أقول ومن باب انفراد بانفراد إن مؤسسي الحزب العلماني ليسوا ملحدين..ويا عزيزى انفراد، كم من المخازي ترتكب باسمك.