في بيان الأزهر الذي أصدره لمحاصرة الفكر الإنساني ومنعه من البحث حول جملة من الحقائق مشتبكة بمتشابهات تراثية أخرجها إسلام بحيري وغيره إلى العلن عبر برنامجه "مع إسلام" بعدما كانت مدفونة في جوف كتب التراث ينال الناس آثارها دون أن يعرفوا كثيرا عن طبيعتها ليتساءل صمتهم.. هل هي من الله فعلا أم من الذين يكتبون ويفسرون ويخطبون ويغطون على النصوص بهواهم ثم يقولون للناس هو من عند الله وما هو من عند الله؟!! وهي حرفة تراثية مستقرة في شرايين التناحر المذهبي الذي غيب عن الناس وجه الدين الحقيقي بعدما أخرجوه لهم بوجه الشيوخ وآرائهم.. في هذا البيان وصمات انكسار ستظل تلاحق الأزهر وشيوخه حينما أرادوا به بناء بيت للكهنوت لا يستقيم مع الأصول الجامعة لحرية التفكير في الرسالة الخاتمة.. لقد بنوه من خيوط العنكبوت ليصنع بصمة في التاريخ تدينهم دون أن يكون للبيان من قوة أو أثر على ردع من يريد أن يعرف الله بقلبه وضميره وعقله من خلال كتابه الناطق بالحق المبين شارحا بساطة المطالب الأخلاقية والإيمانية من عباده..!! إلا أن البيان قد ترك سطرا غامضا ظل هو حديث الناس وحوله عقدت محاكم التفتيش جلساتها ونهضت بسلطانها من رواق الكهنوت لتطالب مؤسسات الدولة بغلق البرنامج ومحاكمة إسلام بحيري بتهمة هلامية مطاطة.. تدعي أنه يهدم ثوابت الدين.. فما هي يا ترى ثوابت الدين التى هدمها إسلام أو سعى في خرابها..؟ هل من مجيب يقول لنا عنها شيئا بخمسة سطور فقط.. ما هي ثوابت الدين يا شيخ الأزهر؟.. ماذا تقصد بثوابت الدين التى أساء إليها إسلام بحيري بربك؟.. وهو الذي ببيانه ينافح عن قيم الحرية والإنسانية ويدفع الشبهات التى لبستموها وجه الشريعة بزواج الصغيرات ورضاع الكبير الذي نبت الشعر بعارضيه.. علينا أن نتفق الآن أن ما يجب أن يطلق عليه ثوابت للدين يجب أن تنبع من الكيان الذاتي للدين وتنبثق من تعاليمه الإلهية الواضحة وتكون مبثوثة في آيات الكتاب المحكمة وما صح من السنن التى تشبه آيات القرآن الكريم!!.. فهل قصدتم حديث بُني الإسلام على خمس.. وليس من بينها واحدة أهدر فاعليتها برنامج إسلام؟.. أم تقصدون بها الإسلام الذي عرفه الرسول في حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين وهو أصح وأبلغ في الحديث عن خصال الإسلام ومبادئه الكبرى من حديث بُني على خمس إذ لا بد أن تكون المبايعة على الإسلام شاملة لأهم خصاله وخصائصه عندما قال في ليلة بيعة العقبة وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أتباعه: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ.. والحديث أشبه بكتاب الله الذي يقول.. "لا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".. والآية كما نرى بتعاليمها أولى بالرعاية والنشر لورودها بكتاب الله الذي يعيش مهجورا بين الناس لا يدرون عنه شيئا ... ولأن قول الحق مؤلم فهجروه لصالح الطقوس وأخفوه عن صفحة النفوس .. بعدما جعلتوا دين الله مجموعة شعائر تعيش بالباحة الخلفية لا ترد المخالفين لأخلاق الفضيلة ولا تصنع المسلمين الفاهمين لمقاصد الشريعة!!.. عندما يقول الله ... "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز".. أرأيت أحد أهم ثوابت الشريعة التى تنظم أهدافها .. ليقوم الناس بالقسط ... هي غاية كبرى يا شيخ الأزهر أرسل الله الرسل لأجلها وأصبحت كل العبادات وسائل لبلوغ القسط الغائب عن عالمنا وعن أزهرنا أيضا ...!! فهل هزم إسلام القسط؟.. هل ضيع وسائله بترك الصلاة والدعوة إلى الإثم؟.. هذا ما نعرفه عن الثوابت الكبرى في كتاب الله الذي جاء بالهداية للناس ... فإذا اختلفوا كان مرجع الجميع إلى الله .. لا النائب العام . أما إذا كنت تقصد بثوابت الدين أنها آراء رجال المذاهب وشُراح المتون ومن كَتب سطور التفاسير وجمع الأقوال ونَظم الكتب ووضع بعض المناهج كطرق لاستنباط الأفكار والعقائد ... فاسمح لي أن أتساءل ... هل هذه الثوابت التى تقصدها هي إنتاج بشري أم إلهي ...؟ وطبعا لا نملك غير أن نقول أنها جهود بشرية محضة حول النصوص المقدسة المنسوبة لله قطعا ولرسوله ظنا ... حينها يكون السؤال الذي حير الناس .. كالتالي ... كيف جعلتم لدين إلهي ثوابت بشرية لا تنبع منه وتحاولون أن تلبسوها فيها ..؟ والله يحذر الجميع بالويل لمن يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله ... !! والآية صريحة في دعواها لمواجهة كل من يفعل ذلك في كل الملل والنحل ولا نستطيع حبسها في اتجاه واحد أو توجيهها لأمة بعينها ... فالإدانة تلمس كل من يفعل ذلك على حد سواء ...! كيف لبشر أن يكون عملهم من ثوابت دين الله رب العالمين ..؟ والسؤال الآخر .... هل كان الدين قبل هؤلاء أم بعدهم قد نشأ ..؟ فإن كان قبلهم وعاش سنين طويلة بسيطا رائعا هاديا مبينا فهل كان يعيش بلا ثوابت حتى جاءه من وضعوا ثوابته ؟ وإن كان الدين كما هو بثوابته ومعالمه فما قول كل الناس حوله إلا إنتاج بشري يؤخذ منه ويرد عليه.. فليست هناك سطور عصمة إلا بكتاب الله وما صح عن رسوله الكريم!!.. لقد أساء بيانكم إلى الأزهر وعقول المتابعين ودين رب العالمين الذين جعلتم أصوله بشرية ورفعتم قول الناس لمستوى عصمة لم يدعها أصحاب المذاهب أنفسهم لأقوالهم أو محاولاتهم المعرفية!!.. يا شيخ الأزهر لقد ناضل البيان كثيرا ليصبح مسيئا لمسيرة الإسلام الطويلة يوم تكلف في نحت المصطلحات واختراع التهم وبدلا من الرد عملا بهدي الكتاب قل هاتوا برهانكم تكالب الجميع على قطع الإرسال واتهام إسلام.. فكيف جاز ذلك بربكم؟.. يا شيخ الأزهر إذا أردت أن تعلم الثوابت التى تُنتهك والقسط الذي يُدمر فانظر بصمتك فقط مجرد تحريك لعينيك كي ترى ما تفعل داعش وبوكوحرام وفتاوى السلفيين من حولك التى حرمت دبلة الخطوبة في الأمة التى قلنا لها ادخلوا باب التعقل وقولوا حطة يغفر الله لكم خطاياكم وسيجزي المتفكرين فقالوا بل سنقيم معسكرا حول التفاهات والسفاهات التى يشاغبون بها على الناس من تحريم التهنئة إلى حرمة البيض الملون في شم النسيم..!! يا شيخ الأزهر.. أعيدوا صياغة البيان ووجهوه لمن يحطم الإسلام بقصد أو جهل وابدأ الطريق من رواق الحنابلة في جامعك العريق وجامعتك التى حرقها سفهاء الطرح والمساويك.
آراء حرة
أين الثوابت التى نقضها "إسلام" يا شيخ الأزهر..؟
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق