مثل كثيرين من جيلى أحب تشى جيفارا، ذلك النموذج الأجمل للتضحية والثورة على القُبح، هذا الطبيب الشاعر الذى ترك عائلته الثرية ليُساعد الفُقراء ويداويهم ثُم ليُحرضهم على الثورة ورفض الفوارق الطبقية ومواجهة الإمبريالية العالمية، دفع ثمن أفكاره رصاصة موت من جنود بوليفيا التابعين للولايات المتحدة، وخلده الشباب فى قلوبهم وضمائرهم ومراثيهم وما زال مُبهرا لأجيال عديدة ولدت بعد رحيله .
لاشك فى عظمة الرجل وجرأته وجمال كلماته، ولاشك أيضا أنه سيبقى رمزا للتمرد ونموذجا فذا للتضحية، لكن هل كان ما يدعو إليه تشى جيفارا هو الذى يُحقق ازدهار المُجتمع أو تقدمه ؟ هل كانت أفكاره فى محلها لتنمية المُجتمعات وتحقيق استقرارها ؟ .
كان مشهد البؤس والفقر فى دول أمريكا اللاتينية خلال الستينيات من القرن الفائت دافعا للرجل لأن يقول أن العالم الغربى يجب أن يدفع ثمن قسوته تجاه هؤلاء، وأن المجتمع الرأسمالى يقوم على القهر واستعباد أصحاب الثروات لأصحاب الحاجات.
وكانت المُمارسات الاستعلائية للولايات المُتحدة تجاه الدول النامية والشعوب الفقيرة فى ذلك الوقت سببا أن يكره "جيفارا" ثقافة الغرب ويعتبرها ثقافة حيوانية قائمة على الاستهلاك والفساد، وهو ما دفعه لتبنى مواقف عدائية تجاه الأغنياء وأبناء جلدته المُعجبين بتلك الثقافة .
إن "جيفارا" رمز محبوب وله جاذبيته، لكن ليس معنى ذلك أن ما قاله أو فعله أو دعا إليه هو الصواب الأوضح أو الحق المُطلق، بالقراءة الهادئة لقرارات التأميم والمصادرات التى نفذّها وهو وزير صناعة فى كوبا نكتشف أن تحويل مُنشآت الصناعة من خاصة إلى عامة أوقف تطويرها وقلل أرباحها، حيث لم تعد تعمل بهدف تحقيق الربح وإنما بهدف تلبية احتياجات الناس بأسعار زهيدة، وبعد عقود اكتشف الكوبيون أن مستوى الجودة فى العالم قطع آلاف الأميال بينما ما زالوا يعملون بذات الطريقة ونفس الأداء .
وبمراجعة قرارات الإعدام الثورى التى نفذها جيفارا فى أعداد من رجال النظام السابق "نظام باتيستا" نكتشف أنها فتحت مجالا لاستسهال التصفية الجسدية للمعارضين والمخالفين، وهو ما نفذه كاسترو بعد وفاة صديقه جيفارا تحت اسم أعداء الثورة .
رُبما يعنى ذلك أن الثورة التى بشّر بها جيفارا لم تُحقق الخير المنشود، ولم تؤسس لدولة العدالة، ولم تصنع التقدم الاقتصادى المنشود أو الحرية الحقيقية المنتظرة، إن الثورة طريق وليست هدفا، لكننا نسينا وتناسينا ودفعنا حُبنا للثوار ولنبلهم ولنقاء كثير منهم أن نُغمض عيوننا عن آثار خطواتهم .
أكتب لكم هذا وعقلى على ثورات المصريين فى يناير ويونيو، والشعارات التى رفعها الثوار والفرحين والمُهللين بهما وأنا من بينهم، عينى على أرواح الشهداء الذين سقطوا ، وعين أخرى على حال الاقتصاد الذى تدحرج إلى الخلف
وعندما أشعر أننى أعلم ، أعلم أن الله هو الأعلم .
كان مشهد البؤس والفقر فى دول أمريكا اللاتينية خلال الستينيات من القرن الفائت دافعا للرجل لأن يقول أن العالم الغربى يجب أن يدفع ثمن قسوته تجاه هؤلاء، وأن المجتمع الرأسمالى يقوم على القهر واستعباد أصحاب الثروات لأصحاب الحاجات.
وكانت المُمارسات الاستعلائية للولايات المُتحدة تجاه الدول النامية والشعوب الفقيرة فى ذلك الوقت سببا أن يكره "جيفارا" ثقافة الغرب ويعتبرها ثقافة حيوانية قائمة على الاستهلاك والفساد، وهو ما دفعه لتبنى مواقف عدائية تجاه الأغنياء وأبناء جلدته المُعجبين بتلك الثقافة .
إن "جيفارا" رمز محبوب وله جاذبيته، لكن ليس معنى ذلك أن ما قاله أو فعله أو دعا إليه هو الصواب الأوضح أو الحق المُطلق، بالقراءة الهادئة لقرارات التأميم والمصادرات التى نفذّها وهو وزير صناعة فى كوبا نكتشف أن تحويل مُنشآت الصناعة من خاصة إلى عامة أوقف تطويرها وقلل أرباحها، حيث لم تعد تعمل بهدف تحقيق الربح وإنما بهدف تلبية احتياجات الناس بأسعار زهيدة، وبعد عقود اكتشف الكوبيون أن مستوى الجودة فى العالم قطع آلاف الأميال بينما ما زالوا يعملون بذات الطريقة ونفس الأداء .
وبمراجعة قرارات الإعدام الثورى التى نفذها جيفارا فى أعداد من رجال النظام السابق "نظام باتيستا" نكتشف أنها فتحت مجالا لاستسهال التصفية الجسدية للمعارضين والمخالفين، وهو ما نفذه كاسترو بعد وفاة صديقه جيفارا تحت اسم أعداء الثورة .
رُبما يعنى ذلك أن الثورة التى بشّر بها جيفارا لم تُحقق الخير المنشود، ولم تؤسس لدولة العدالة، ولم تصنع التقدم الاقتصادى المنشود أو الحرية الحقيقية المنتظرة، إن الثورة طريق وليست هدفا، لكننا نسينا وتناسينا ودفعنا حُبنا للثوار ولنبلهم ولنقاء كثير منهم أن نُغمض عيوننا عن آثار خطواتهم .
أكتب لكم هذا وعقلى على ثورات المصريين فى يناير ويونيو، والشعارات التى رفعها الثوار والفرحين والمُهللين بهما وأنا من بينهم، عينى على أرواح الشهداء الذين سقطوا ، وعين أخرى على حال الاقتصاد الذى تدحرج إلى الخلف
وعندما أشعر أننى أعلم ، أعلم أن الله هو الأعلم .