هل تغيرت طبيعة إيران كدولة عدوانية تهاجم عقورة جيرانها (الإمارات + البحرين + العراق) .. أو تتدخل باسطة هيمنتها في محيطها الإقليمي (سوريا + لبنان + اليمن) .. أو تحاول الاختراق عبر وسائط ثقافية وعقيدية (التشييع في السودان ومصر).. أو التهديد المتواصل لأوروبا وحتي للولايات المتحدة (عبر أجيال صواريخ شهاب القادرة علي حمل رءوس نووية أو هجمات مجموعات الشبكات الإرهابية التابعة لوزارة المخابرات والحرس الثوري)؟
الدافع وراء السؤال هو التعرف علي المتغيرات التي طرأت علي الشخصية السياسية الإيرانية بعد إبرام اتفاق لوزان بين طهران ودول (5+1) حول الملف النووي الإيراني.
والحقيقة أن أهم تلك التغيرات هو تنامي قدرات إيران علي شن الهجمات الإليكترونية، وهي الصرعة الجديدة التي ستهيمن علي طرق التحقيق من موقع دولة معينة بالنسبة لموازين القوي الاستراتيجية كونياً.
إذ أن التشويش الإليكتروني، وتخريب الحواسب والبيانات ذات الحساسية الخاصة، والتجسس علي شبكات الإتصال الإليكتروني، وضرب البنية التحتية الإلكترونية صارت- جميعها- أدوات الحرب الجديدة حول العالم، والتي ستكون أكثر تأثيراً من الحرب النووية.
وتذكرون أنني كتبت لكم- هنا- مراراً عن الثقل والأرجحية التي تعطيها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لعامل (الخطر الإليكتروني) وذلك في أكثر من مناسبة، إحداهن الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له شركة (سوني) الأمريكية مؤخراً، ودمر العديد من حواسبها وأتلف بيانات آلاف الموظفين، وانتهك حرمة معلومات سرية، وأفلام لم يتم عرضها في السوق- بعد- وذلك بالترافق مع قيام تلك الشركة بعرض فيلم بعنوان (الزيارة) مفعم بسخرية مريرة من الزعيم الكوري الشمالي ذي الوضعية الخاصة شبه المقدسة بين مواطنيه، الذي كان استمر في إجراء التجارب النووية وتهديد كوريا الجنوبية، بما استوجب استنفار في الباسفيك وتصنيع حلف جديد بين الهند وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا لمواجهته.
وقد بادرت أمريكا بعد هذا الهجوم باتهام كوريا الشمالية، لابل والحديث عن احتمال أن تكون عناصر من كوريا الشمالية شنت الهجوم من علي الأراضي الصينية.
أما المناسبة الثانية التي تعرضت فيها لموضوع الحرب الإلكترونية فكانت زيارة دافيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إلي الولايات المتحدة الأمريكية وإجتماعه مع باراك أوباما، لأن موضوعاً أساسياً في تلك المفاوضات كان (الحرب الإليكترونية) وعمليات القرصنة والتخريب والتجسس.
وبالترافق مع ذلك كله هناك نشاط تشريعي وأمني كبير في أوروبا لمواجهة الخطر الإليكتروني، ويتضمن إصدار قوانين تخول السلطات إغلاق مواقع إلكترونية، وكذلك إجراء مفاوضات مع شركات (الفيس بوك) و(يوتيوب) و(واتس أب) لإغلاق مواقع المتطرفين التي تنشر ثقافة تحبيذ العنف، فضلاً عن رصد تأثير تجنيد بعض (الهاكرز) الإسلاميين الإرهابيين علي موضوع شن الهجمات الإرهابية الإليكترونية، وهو ما كان أبرز أمثلته الهاكر الصغير جنيد حسين (19 عاماً) الباكستاني / البريطاني، الذي احتفلت داعش بانضمامه إليها احتفالاً خاصاً كونه شديد المقدرة والمهارة ونجح في إختراق مواقع لمؤسسات كبري، ولشخصيات شهيرة منها موقع رئيس وزراء بريطانيا شخصياً!
الحرب الإليكترونية علي أشدها، والاتحاد الروسي يتكلم عن مواقع تشن عليه هجمات تجسسية وتخريبية فيتهم القوي الغربية المتصارعة معه في أوكرانيا بالمسئولية عن تلك الهجمات، التي تراها مخابرات موسكو قسماً من محاولات هدم الدولة الروسية التي بدأت منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الأمر الذي استدعي أن تقوم روسيا- في عقيدة الدفاع الجديدة لها- بتحديد مفهوم (العدو) بأنه داخلي، وخارجي، وذكرت أن العدو الداخلي هو القوي التي تحاول هدم الدولة عبر إثارة الحززات، وتأليب أصحاب الديانات والمعتقدات المختلفة علي بضهم البعض، والنزوع إلي هدم مؤسسات الدولة عبر النزول والاعتصام بالميادين..
وبالقطع فإن التأثير الفكري والنفسي والمزاجي الذي يتحقق ضمن منظومة الحرب النفسية السالف ذكرها، يعتمد في إحدي وسائلها لأكثر شيوعاً علي الإلكترونيات، وشن الهجمات علي شبكات مؤسسات الدولة، وتهديد المرافق مثل السكك الحديدية والمطارات والمواصلات والاتصالات.
وضمن الحرب الإلكترونية فإن إيران- ذاتها- سعت إلي إغلاق بعض مواقع (تانجو) و(واتس أب) لأنها تري أنها منصات لشن حرب نفسية علي المواطنين، وتؤدي إلي اضطراب الوسط الاجتماعي إلي حد بعيد.
أما اللافت للانتباه فهو قيام إيران ببناء شبكة قوية جداً من القائمين المدربين والمهرة في الاتصال الإلكتروني، وتأسيس عدد كبير جداً من الشركات الوهمية كسواتر تستطيع طهران من خلالها، شن الهجمات علي (العدو) الإلكتروني كذلك !
وقد رصدت الولايات المتحدة الأمريكية هجمات إيرانية ضخمة جداً- مكونة من موجات متتابعة يفصل بين إحداها والأخري عشر دقائق- ضد البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية وذلك انتقاماً من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن والغرب عليها، التي لم ينه اتفاق لوزان بين إيران ودول (5+1) أمرها، وإنما وعد برفعها (بالتقسيط) وبحسب تقدم إيران في تنفيذ بنود الاتفاق، وفي استيفاء عدد من المعايير التي وضعها الغرب فيما يخص النووي وغيره.
والمدهش أن شركات الأمن الإلكترونية (إنتربرايز) و(نورس) و(سيلانس) في الولايات المتحدة الأمريكية ذكرت في تقاريرها التي اعتمدت عليها وكالة المخابرات الوطنية الأمريكية، أن إيران صعدت من هجماتها الإلكترونية ضد الولايات المتحدة أثناء إجراء المباحثات- نفسها- حول الملف النووي، لماذا كانت طهران لم تبال- إلي ذلك الحد- وهاجمت إليكترونياً أثناء المفاوضات، فإن ذلك يشي بمدي ضراوة النوايا الإيرانية فيما بعد إبرام الإتفاق، إذ لن تجد طهران وسيلة للردع أمضي من شن الهجمات الإليكرونية، وهو ما سوف تتغاغط به مع الولايات المتحدة والغرب ودول الخليج، بعدما فقدت الأمل في امتلاك الردع النووي !!
الدافع وراء السؤال هو التعرف علي المتغيرات التي طرأت علي الشخصية السياسية الإيرانية بعد إبرام اتفاق لوزان بين طهران ودول (5+1) حول الملف النووي الإيراني.
والحقيقة أن أهم تلك التغيرات هو تنامي قدرات إيران علي شن الهجمات الإليكترونية، وهي الصرعة الجديدة التي ستهيمن علي طرق التحقيق من موقع دولة معينة بالنسبة لموازين القوي الاستراتيجية كونياً.
إذ أن التشويش الإليكتروني، وتخريب الحواسب والبيانات ذات الحساسية الخاصة، والتجسس علي شبكات الإتصال الإليكتروني، وضرب البنية التحتية الإلكترونية صارت- جميعها- أدوات الحرب الجديدة حول العالم، والتي ستكون أكثر تأثيراً من الحرب النووية.
وتذكرون أنني كتبت لكم- هنا- مراراً عن الثقل والأرجحية التي تعطيها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لعامل (الخطر الإليكتروني) وذلك في أكثر من مناسبة، إحداهن الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له شركة (سوني) الأمريكية مؤخراً، ودمر العديد من حواسبها وأتلف بيانات آلاف الموظفين، وانتهك حرمة معلومات سرية، وأفلام لم يتم عرضها في السوق- بعد- وذلك بالترافق مع قيام تلك الشركة بعرض فيلم بعنوان (الزيارة) مفعم بسخرية مريرة من الزعيم الكوري الشمالي ذي الوضعية الخاصة شبه المقدسة بين مواطنيه، الذي كان استمر في إجراء التجارب النووية وتهديد كوريا الجنوبية، بما استوجب استنفار في الباسفيك وتصنيع حلف جديد بين الهند وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا لمواجهته.
وقد بادرت أمريكا بعد هذا الهجوم باتهام كوريا الشمالية، لابل والحديث عن احتمال أن تكون عناصر من كوريا الشمالية شنت الهجوم من علي الأراضي الصينية.
أما المناسبة الثانية التي تعرضت فيها لموضوع الحرب الإلكترونية فكانت زيارة دافيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إلي الولايات المتحدة الأمريكية وإجتماعه مع باراك أوباما، لأن موضوعاً أساسياً في تلك المفاوضات كان (الحرب الإليكترونية) وعمليات القرصنة والتخريب والتجسس.
وبالترافق مع ذلك كله هناك نشاط تشريعي وأمني كبير في أوروبا لمواجهة الخطر الإليكتروني، ويتضمن إصدار قوانين تخول السلطات إغلاق مواقع إلكترونية، وكذلك إجراء مفاوضات مع شركات (الفيس بوك) و(يوتيوب) و(واتس أب) لإغلاق مواقع المتطرفين التي تنشر ثقافة تحبيذ العنف، فضلاً عن رصد تأثير تجنيد بعض (الهاكرز) الإسلاميين الإرهابيين علي موضوع شن الهجمات الإرهابية الإليكترونية، وهو ما كان أبرز أمثلته الهاكر الصغير جنيد حسين (19 عاماً) الباكستاني / البريطاني، الذي احتفلت داعش بانضمامه إليها احتفالاً خاصاً كونه شديد المقدرة والمهارة ونجح في إختراق مواقع لمؤسسات كبري، ولشخصيات شهيرة منها موقع رئيس وزراء بريطانيا شخصياً!
الحرب الإليكترونية علي أشدها، والاتحاد الروسي يتكلم عن مواقع تشن عليه هجمات تجسسية وتخريبية فيتهم القوي الغربية المتصارعة معه في أوكرانيا بالمسئولية عن تلك الهجمات، التي تراها مخابرات موسكو قسماً من محاولات هدم الدولة الروسية التي بدأت منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الأمر الذي استدعي أن تقوم روسيا- في عقيدة الدفاع الجديدة لها- بتحديد مفهوم (العدو) بأنه داخلي، وخارجي، وذكرت أن العدو الداخلي هو القوي التي تحاول هدم الدولة عبر إثارة الحززات، وتأليب أصحاب الديانات والمعتقدات المختلفة علي بضهم البعض، والنزوع إلي هدم مؤسسات الدولة عبر النزول والاعتصام بالميادين..
وبالقطع فإن التأثير الفكري والنفسي والمزاجي الذي يتحقق ضمن منظومة الحرب النفسية السالف ذكرها، يعتمد في إحدي وسائلها لأكثر شيوعاً علي الإلكترونيات، وشن الهجمات علي شبكات مؤسسات الدولة، وتهديد المرافق مثل السكك الحديدية والمطارات والمواصلات والاتصالات.
وضمن الحرب الإلكترونية فإن إيران- ذاتها- سعت إلي إغلاق بعض مواقع (تانجو) و(واتس أب) لأنها تري أنها منصات لشن حرب نفسية علي المواطنين، وتؤدي إلي اضطراب الوسط الاجتماعي إلي حد بعيد.
أما اللافت للانتباه فهو قيام إيران ببناء شبكة قوية جداً من القائمين المدربين والمهرة في الاتصال الإلكتروني، وتأسيس عدد كبير جداً من الشركات الوهمية كسواتر تستطيع طهران من خلالها، شن الهجمات علي (العدو) الإلكتروني كذلك !
وقد رصدت الولايات المتحدة الأمريكية هجمات إيرانية ضخمة جداً- مكونة من موجات متتابعة يفصل بين إحداها والأخري عشر دقائق- ضد البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية وذلك انتقاماً من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن والغرب عليها، التي لم ينه اتفاق لوزان بين إيران ودول (5+1) أمرها، وإنما وعد برفعها (بالتقسيط) وبحسب تقدم إيران في تنفيذ بنود الاتفاق، وفي استيفاء عدد من المعايير التي وضعها الغرب فيما يخص النووي وغيره.
والمدهش أن شركات الأمن الإلكترونية (إنتربرايز) و(نورس) و(سيلانس) في الولايات المتحدة الأمريكية ذكرت في تقاريرها التي اعتمدت عليها وكالة المخابرات الوطنية الأمريكية، أن إيران صعدت من هجماتها الإلكترونية ضد الولايات المتحدة أثناء إجراء المباحثات- نفسها- حول الملف النووي، لماذا كانت طهران لم تبال- إلي ذلك الحد- وهاجمت إليكترونياً أثناء المفاوضات، فإن ذلك يشي بمدي ضراوة النوايا الإيرانية فيما بعد إبرام الإتفاق، إذ لن تجد طهران وسيلة للردع أمضي من شن الهجمات الإليكرونية، وهو ما سوف تتغاغط به مع الولايات المتحدة والغرب ودول الخليج، بعدما فقدت الأمل في امتلاك الردع النووي !!