لم يك اتفاق الإطار الذي وقعته إيران مع دول "5+1" في لوزان- مؤخراً- حول ملف طهران النووي، هو نهاية الفقرة التي صيغت وسطرت لتصف حدود إيران إقليمياً ودولياً، وإنما للأمر مجموعة من التداعيات ينبغي لأي مراقب في منطقة الشرق الأوسط أن يراقبها ويراجعها جيداً.
وحين أقول "نهاية الفقرة التي صيغت لتصف حدود إيران إقليمياً ودولياً"، فأنا لا أعني حدوداً جغرافية، ولكنني أقصد تمدد النفوذ الإيراني إلى مناطق بعينها، وتوافق الإرادات الدولية على إعادة هذا البلد إلى التزام مالا يتجاوز حدوده السياسية، والتخلي- بالتبعية- عن أفكار تصدير الثورة الإيرانية ومبادئ الملالي من آيات الله، إلى ما وراء تلك الحدود.
ولقد ترافقت مع إعلان الاتفاق النووي بين طهران ودول "5+1" وتلته- مباشرة- مجموعة من التطورات حملتنا على تأكيد أن إيران دفعت أو تسدد ثمن النووي الذي لم تمتلكه، والذي عقدت اتفاقا يفرض قيوداً مشددة على أي احتمالات تطور بها إمكاناتها النووية، وقد تجشمت بضع عشرات من مليارات دولارات لبناء ترسانتها.
الشاهد أن إيران تصورت استطاعتها القيام بدور إقليمي أوسع بعد إتمام الاتفاق مع "5+1"، لا بل استبقت توقيع الاتفاق بالتحرك وللتواجد في المناطق التي حددتها لتمددها في العالم العربي، فأرسلت كتائب الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني قائد فيلق القدس إلى العراق وسوريا واليمن، وحتى السودان، واستنفرت ذراعها اللبنانية "حزب الله"، كما حاولت ممارسة اللعبة التي تجيدها مع المتطرفين السنة أو فروع تنظيم القاعدة في كل مكان وهي دعم التطرف والإرهاب لتصنيع ذريعة للتدخل بحجة مواجهته، لا بل تلتحم بحزام التطرف الإفريقي في "القاعدة لدول المغرب العربي" في المغرب ومالي وتشاد و"بوكوحرام" في نيجيريا والكاميرون و"شباب الإسلام" في الصومال.
كان هناك يقين عند النخبة الحاكمة في إيران من رجال الدين أو القوى المدنية بأن اتفاق لوزان سيكون عتبة تشرف بها إيران استئناف العلاقات الاقتصادية الطبيعية مع الغرب فوراً وعلى الجملة، كما سيتيح لتلك الدولة أداء الأدوار التي لطالما طمحت إليها أو حاولتها وبما يحقق- على المستوى الاستراتيجي- بسط هيمنتها على مجال أمن قومي يشمل سوريا والعراق ولبنان واليمن ويهدد مصر والسودان ويتغلغل في أفريقيا، أو بما يحقق الثأر التاريخي المرير بين فارس والعرب من جهة وبين الصفويين والعثمانيين من جهة أخرى.
إلا أن مشاهد عديدة تتابعت على الساحة الشرق الأوسطية- مؤخراً- لتؤكد لنا أن إيران دفعت كل تلك الأموال من أجل آلاف من أجهزة الطرد المركزي ومصانع الماء الثقيل اللازم لإنتاج البلوتونيوم في "آراك" و"فوردو"، ولم تتحصل ما كانت تطمح إليه من السلاح النووي، وانصاعت مجبرة على قبول تحديد إنتاجها من اليورانيوم المخصب، والتخلي عن غالبية أجهزة الطرد، يعني طيرت في الهواء كل عشرات المليارات التي دفعتها من دماء الشعب الإيراني لمدة ثلاثين عاماً دون جدوى أو طائل، وعلى المستوى الاستراتيجي وفي مجال تصدير الثورة فإن إيران تجبر- الآن- وبعد اتفاق لوزان مباشرة، على التراجع عن أهدافها كما نجد إيران مجبرة- مرة أخرى- على الانسحاب المذل وهو ما نلمسه في هذه المشاهد:
• أولاً: هناك رفض شعبي عراقي تعضده إرادات سياسية إقليمية ودولية، لذلك الحضور فوق الكثيف لإيران في الساحة العراقية سواء عبر الميليشيات الشيعية التقليدية، ومنها ما جاء من إيران إلي الأراضي العراقية مثل "جيش المهدي"، أو ما ظهر من عباءة مقتضي الصدر مثل "عصائب أهل الحق"، و"سرايا السلام"، أو غير ذلك من الميليشيات التي إنصهر بعضها في بدن ما يسمي "قوات الحشد الشعبي" التي تقدمت لتفرض سيطرتها على مساحات واسعة من الدولة العراقية، وبالذات في الفراغ الذي خلفته الاجتياحات المتوحشة لجماعات المتطرفين السُنة في داعش، وهي تلك التي تحالفت مع بقايا جيش صدام حسين وبقايا حزب البعث ومخابرات صدام، وأفراد وعناصر الطريقة النقشبندية.
والحقيقة أن الفراغ الذي تقدمت فيه تلك الاجتياحات، كانت بفعل عوامل كثيرة أولها القرار الإجرامي بحل الجيش العراقي وحزب البعث وتصفية المخابرات العراقية فور وقوع الاحتلال، وكذلك فإن أحد مسببات الفراغ الكبري هو تهميش السنة وتحويلهم إلي أداة يتلاعب بها الشيعة لضرب عناصر القاعدة في الأنبار عبر إنشاء ما يسمي (الصحوات)، ثم إهمالها وتجاهلها بل وحصارها بعدما أنجزت المطلوب منها في ضرب عناصر القاعدة، وعلي نحو أصاب السنة بالإحباط واليأس وأفضي إلي سلبيتهم وتمنعهم حين بدأ غزو داعش وإجتياح الموصل وما حولة..لابل أن السُنة في العراق إشتكوا- طويلاً وكثيراً- من عمليات تزوير واسعة ومتكررة وبمداخل مختلفة، لتصوير السُنة علي أنهم أقلية، وهو ما يشكك فيه الكثير من الخبراء والحكماء، بينهم الدكتور بشير نافع أستاذ التاريخ في جامعة أكسفورد (بصرف النظر عن إرتباطاته السياسية)، وله كتاب في هذا الموضوع بالذات- يدحض فيه (أسطورة) الأغلبية الشيعية، تاريخياً وديمغرافياً، وعبر قراءات آنية إحصائية وإستطلاعيه.
نهايته..كان الضغط السني مدعوماً بتعضيد خليجي ودولي قد أدي إلي سحب قوات (الحشد الشعبي) الموالية لإيران، والتي كان قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ينتقل بينها، ويقود بنفسه الحرب ضد داعش، لتكسب إيران- نفوذاً جديداً وتتمدد فوق الرقعة العراقية علي نحو كبير.
وإضطرار الحكومة العراقية المركزية بقيادة حيدر العبادي وهو من قيادات حزب الدعوة الشيعي الموالي لإيران مثل سلفه نوري الملكي إلي الدفع نحو سحب ميليشيات الحشد الشعبي كان تعبيراً- في الواقع- عن إعلاء أولوية إجبار إيران علي التراجع حتي لو كان الثمن هو تقدم داعش- أحياناً- في بيجي بصلاح الدين، أو البوفراج في الأنبار، أو حتي بلوغ الرمادي، إذ أن البديل بات هو تقدم الجيش العراقي النظامي (وهو- في النهاية- ليس ميليشيات تابعة علي الكلية لإيران)، كما أفضي إلي إعادة تسليح السُنة لمواجهة التقدم الداعشي الذي أفزع سكان الرمادي وأجبرهم علي النزوح في طوابير طويلة كمثل مشهد نزوح الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولي.
• ثانياً: هناك تراجع آخر لإيران علي المستوي الإستراتيجي.
إذ لم تعد طهران قادرة علي الوفاء بمتطلبات الصورة التي رسمتها لنفسها (إيران العظمي) هي تكافئ الإتحاد الروسي أو الصين الشعبية، وإضطرت إيران إلي التخلي عن طموحها (النووي العسكري) إذ كان للمشروع النووي الإيراني بعد عسكري منذ اللحظة الأولي، وبالذات بالنظر إلي عدوانية النظام الإيراني وعدم القدرة علي الوثوق بالتزامه قواعد الإندماج في النظام الدولي، إذ كان لدي الأرجنتين والبرازيل المعرفة النووية والبنية التحتية التي تمكنها من إنتاج السلاح الذري، ولكنهما تخليتا (طواعيه) في منتصف السبعينيات لأنها دولتان لا تعتنقا من الأفكار ما يهدد ذلك النظام الدولي، أما إيران فإن الموضوع مختلف بالنسبة لها، فضلاً عن أن السماح لها بامتلاك السلاح النووي، كان سيؤدي- بالتبعية والضرورة- إلي سعي تركيا لإمتلاك السلاح النووي، ولتدخل المنطقة في إستقطاب جديد خطر.
الآن تتحرك إيران- فقط- في ساحة السلاح التقليدي فتحصل علي صفقة منظومة الدفاع الجوي المتطورة (إس- 300)، كنتيجة لزيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو لطهران في يناير الماضي وألاحظ أن إيران لم تحصل- حتي- علي النسخة الأكثر تطوراً من تلك الصواريخ (أنتي-2500) والتي حصلت عليها مصر، وعلي أية حال فقد دفعت تلك الصفقة وزير المخابرات الإسرائيلي يوفال شتاينتز إلي القول بأنها جاءت نتيجة لإتفاق لوزان طهران ودول 5+1، والذي ترفضه تل أبيب بقوة فهي تمتلك ما تسمح لها به الدول الكبري (حتي الحليفة والمساندة لها)، هكذا بات الحجم الجديد الإيراني بالضبط مثلما تفعل تركيا تحت مظلة حلف الناتو، وأذكر- في هذا السياق- أن زيارة أردوغان الأولي إلي طهران في أكتوبر 2013 جرت في أجواء لوم وتقريع إيراني لأنه نشر بطاريات باتريوت في جنوب شرق تركيا بما يعد عملاً عوانياً ضد إيران..واليوم تقوم طهران بنشر (إس-300) لإحداث التوازن في إطار السلاح التقليدي، ودون التلويح الأهطل، باستخدام صواريخ شهاب (بأجيالها المختلفة وبالمدي الذي يمكنها الوصول إليه) فقد باتت تلك الصواريخ سلاحاً تقليدياً لا يحمل قدرة علي أن يكون نووياً وبما لا يخف أحداً في التحليل النهائي.
• ثالثا: أجبرت عمليات (عاصفة الحزم)- والتي بلغت طلعات الطيران فيها ما يجاوز 2300 حتي نهايتها- علي تبني خطاب أكثر تواضعاً بكثير، وباتت ظروفها ذليلة متراجعة تتسول حضوراً في مجلس الأمن بتقديم مشروع قرار للتسوية، لا يلتفت إليه أحد، كما راح قادتها ورموزها يتراجعون في غير نظام ويتخلون عن الحوثي الذي فشلوا في توصيل مزيداً من السلاح إليه، كما صارت عناصر الحرس الثوري من المدربين والخبراء تواجه حرباً غير نظامية تشنها ميليشيات المقاومة الشعبية في عدن، والتي مازالت تحمل بعض بقايا يساريتها التاريخية، أو تجمعات القبائل في حضر موت وشبوه، والتي تري الحرب علي الحوثي في إطار آخر ليس (سنة / شيعة) وإنما (شمال / جنوب) و(ملكيون / جمهوريين) و(قبائل / قبائل)! وعلي أية حال فإن كل تلك الأطراف وافقت علي الهدنة والحل السياسي وإنسحب الحوثيون من المدن وحرر المسئولين الأسري كتعبير عن إندماج إيران.
لم يتبق في الساحة من يتبني الخطاب الإيراني القديم سوي عبد الملك الحوثي في اليمن، وحسن نصر الله في لبنان، وقد صار منظرهما خارج السياق وخارج التاريخ بكل معيار..أما من تصورت طهران أنهم حلفاؤها في اليمن فقد (خلعوا) منها علي نحو مقزز وأولهم علي عبد الله صالح وحزبه (المؤتمر الشعبي العام) والإخوان المسلمين وحزبهم (الإصلاح) وشركاء صالح عبد المجيد الزنداني وعلي محسن الأحمر.
إيران تراجعت- أيضاً- في اليمن.
• رابعاً: علي حين تصورت إيران (في وقت من الأوقات) انها قادرة علي إحتواء متطرفي السنة وتوظيفهم، فإنهم ينقلبون علي طهران الآن، في ظل موازين متغيرة للقوي، وقواعد جديدة للعب.
فدعم إيران للمجلس التأسيسي للقاعدة والذي نشأ في طهران عام 2002، ثم تنسيقها- في أحيان كثيرة مع عناصر ذلك التنظيم يتآكل الآن ويشارف التلاشي، حين تبدو (جبهة النصرة)- بواقعية مدهشة- قررت التراجع عن مواقع متقدمة كانت بلغتها في الصراع مع النظام الوطني في لبنان، أو قوات الأسد النظامية في سوريا، وقد بدا ذلك واضحاً في تسليمها مواقعها في مخيم اليرموك إلي داعش، وكذلك في إنسحابها الغريب من جبهة (عرسال / القلمون) في لبنان، وإنتشار تسريبات عن إقتراب تسليم الجنود اللبنانيين المختطفين والمحتجزين لدي جبهة النصرة.
يحدث ذلك فيما كانت المواجهة بلغت أوجها بين المتطرفين الإرهابيين الإسلاميين ومؤسسات الدولة في كل من لبنان وسوريا، لابل لقد وصلت إلي حد الإحتكاك المباشر بجسم الدولة المركزي في لبنان عبر تفجير الروشة الشهير في يونيو 2014 والذي أعلنت داعش مسئوليتها عنه.
اليوم تتراجع التنظيمات السنية الإرهابية التي كانت تحميها إيران، تلك التي حاولت إتخاذها ذريعة للتدخل.
حتي حزب الله صار يعرف أن دوره في الشكل الجديد للمنطقة يختلف، وأن إيران نفسها صارت تطرح موضوع (الحل السياسي) في سوريا من دون أشتراطها بقاء الأسد، وهو تحول براجماتي عجيب أدهش- حتي – المراقبون الأمريكيون لدرجة التشكك في صدقيته، وقد أريك ذلك التحول حلفاء إيران في موسكو التي هندست موقفها في الأزمة السورية- منذ البداية- علي محورين هما: (بقاء الأسد) و(التحالف مع إيران)، وأن إيران ستظل رأس الحربة في العراق عبر تسليح الأكراد وتدريبهم، ودخزل الحرس الثوري إلي العراق، وأن الحرب في سوريا هي علي (الإرهاب) وليست (إنتفاضة ضد النظام)، وأن إيران ستظل حلقة للوصل إضطرارية مع الغرب لأنها تحارب (علي الأرض) فيما التحالف (يضرب جواً) يعني هناك تكامل لجأ إليه الطرفان مرغمين.
اليوم- وبعد إنسحاب قوات الحشد الشعبي من دور كانت بلغته في المواجهة مع داعش بالعراق..وكذلك بعد ظهور بشائر لتراجع إيراني عن التمسك بالأسد كشرط للتسوية- باتت موسكو محتاجة إلي إعادة تقييم دور أو نوايا شريكها أو حليفها الإيراني الذي يتآكل دور- هنا- ليس فقط بحسابات القوي الإستراتيجية في المنطقة وإنما بانتهازية طهران السياسية التي ليس لها نظير.
• خامساً: موضوع العقوبات ليس كما حاولت سلطة الملالي من آيات الله أن تصوره إنفراجاً طال إنتظاره، سيعم من خلاله الخير علي فقراء البلد الذين أفقرتهم تلك السلطة عبر سنوات حكمها التي تشارف ثلاثة عقود.
لقد عاشت طهران- بسبب سياسات نظامها في أسر عقوبات دولية تتراوح بين تجميد أرصدة، ومنع التبادل التجاري، وحظر الإنتقال علي قيادات بعينها، وأخيراً التضييق علي سوق النفط الإيراني، وإجبار طهران علي تبرير فقر شعبها، بأنها سوف توزع عائد النفط علي الناس عبر بطاقات أو كوبونات، وهي فكرة شعبوية ديما جوجية تفتق عنها ذهن محمود الأحمدي نجاد.
اليوم تكشف الوضع عن أن سبب فقر الناس في طهران هو إنفاق سلطة الملالي الجنوني من أجل مشروع نووي عسكري لم يتمكن بسبب الضغوط الدولية وقرار مجلس الأمن بفرض الحظر علي إيران، أن يكمله..يعني الناس جاعت..والفلوس أنفقت..والمشروع النووي العسكري لم يتحقق ولن يتحقق!
ومع ذلك فإن الفرج الإقتصادي والإجتماعي والتنموي لن يعم الإيرانيين، لأن هناك شروط لرفع العقوبات، فضلاً عن أن ذلك الرفع سيتم تدريجياً ومتزامناً مع توقيع الإتفاق النهائي (وليس الإطاري) في يونيو المقبل، كما سيكون مشروطاً باستيفاء سلطة طهران شروطاً معينة، لابل أن هناك إحتمالات لزيادة قائمة الشروط لتشمل أموراً لا تتعلق بالملف النووي، وإنما ترتبط بحقوق الإنسان، وعدم تهديد دول الجوار، وهو ما يعني- بالدرجة الأولي- أمن دول الخليج والذي تعرض لإنتهاكات إيرانية في إحتلالها الجزر الإماراتية، أو محاولة قيادة عملية للإستيلاء علي السلطة في البحرين، فضلاً عن تأليب الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية، وبحيث تصبح إيران قوة شريرة رادعة كمثل كوريا في الشرق الأقصي.
الإيرانيون سيواصلون الجوع بسبب حماقات نظامهم الخرقاء وسيظل عدم الإستقرار السياسي نتيجة طبيعية للحرمان الإقتصادي، ولن تستطيع إيران إذا عاودت الإنفتاح علي العالم أن تحقق التعتيم والإخفاء للبشاعات التي يرتكبها نظامها في الداخل، لأنها لن تستطيع تكرار ما تفعله الآن من حجب المواقع الإليكترونية (واتس أب) و(تانجو) و(تويتر) وغيرها، إذن سوف نري أنكشافاً للنظام الإيراني وسوف يتابع الإيرانيون علي الوسائط الإلكترونية، وقائع الأحتجاج علي الحرمان الإقتصادي، وبما يؤدي إلي شيوع روح الصراع (الذي تنتقل حالته بالعدوي) وبحيث يبيت حالة مجتمعية عامة تتوافر لها- علي أية حال- كل العوامل المساعدة، والبيئة الصديقة للإضطراب.
• سادساً: الإتفاق النووي وما تلاه كان- في الحسابات الختامي- بالخصم من حضور إيران وليس بالإضافة، وبدا أن ذلك البلد مجبر الآن علي التراجع من كل المساحات التي تصور أنه تمدد فيها.
وخسر علي المستوي المشروع النووي العسكري.
وخسر علي مستوي إنعاش الإقتصاد ورفع العقوبات.
وخسر علي مستوي الإنتشار الإستراتيجي والهيمنة علي الإقليم.
وخسر في مجال تصدير الثورة.
وخسر في مجال الإنتصار علي السنة ونشر التشييع والثأر والإنتقام التاريخيين لأن مشروع الوسطية الإسلامية- وبالذات في مصر- بدا الأكثر عصرية وتحضراً إذ يعمد الأزهر إلي الحوار بين المذاهب (الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية في الجانب السني)، ثم إلي الحوار بينها والمذاهب الشيعية الأباضية (من عُمان) والجعفرية (من العراق) والزيدية (من اليمن) والإثنا العشرية (من إيران)، ولعل مدرسة السلطان حسن التي بناها إبن السلطان الناصر محمد بن قلاوون هي أكبر دليل علي ذلك حين تتجاور فيها قاعات تعليم كل تلك المذاهب السنية والشيعية، ولكن تعلم أصول الفقة الشيعي لا يعني قبول أفكار تصدير الثورة الإيرانية أو إستيرادها، إذن فقد تراجعت إيران أيضاً علي هذا النسق، وإنتصرت صيغة الأزهر المصرية التي تعني الحرية، والاعتراف بالاختلاف والتنوع والتصالحية.
.........................................
إيران دفعت جميع الفواتير في سبيل مشروع نووي لم يسمح العالم له إلا بالاقتصار على المعرفة النووية، والاستخدام السلمي تحت رقابة عالمية مشددة.. وأكرر مشددة.