الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

جزارة الداخلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
[email protected]
“,”مت باكر إن كنت حقيقيًّا“,”.. هكذا كتب الشاعر الفلسطيني فخري رطروط في إحدى قصائده، وكأنه يقرأ روح الشباب المصري الطامح إلى الموت في أرض يسكنها الظلم ويظللها القهر.
عاد التعذيب الممنهج إلى مصر بعد أن توهمنا أنه غادرها إلى الأبد. رجع السحل والصعق والتعليق وتكسير العظام أسلوبًا للعمل في وزارة الأمن تحت حكم الإخوان.
سمعنا شهادات جديدة حول اختطاف نشطاء ومحتجين أنقياء وتعذيبهم عدة أيام قهرًا وإقصاءً وتطفيشًا لهم من المشهد السياسي.
قرأنا وتابعنا تقارير دولية ومحلية حول القوة المفرطة لجزارة الداخلية في التعامل مع المتظاهرين والمحتجين وخنقهم وضربهم وتعريتهم وإهاناتهم دفعًا لهم للصمت والسكون.
كتبت الأسبوع الماضي عن وزير الداخلية الذي لم يتعلم من سابقيه من الجلادين والمعذّبين وخدم الطغاة من أمثال حمزة البسيوني، ومحمد اوفقير، وحبيب العادلي.
قلت إن الرجل يحاول تقديم أوراق اعتماده لدى جماعة الإخوان المتأسلمين رافعًا هراوة التأديب وكرباج التخويف.
قلت وقال آخرون ولم تمر بضعة أيام حتى كشف الرجل عورة مصر أمام قصر الاتحادية متمثلة في مواطن بسيط اسمه حمادة صابر.
كتبت وكتب غيري ولم تمر ساعات حتى لفظ محمد الجندي روحه بعد صعق وضرب وجلد داخل سلخانات الأمن المركزي.
باسم الحزم رجع التعذيب، وتحت لافتات إعادة الاستقرار استعادت الشرطة أقنعة القبح لتدوس على الكرامة الانسانية إرضاء لطغاة زائلين.
ما كنت أظن أن يعود العسكري الأسود الذي نبهنا إليه الكاتب يوسف إدريس قبل أكثر من نصف قرن بعد ثورة شبابية نقية طاهرة سالت فيها الدماء ثمنًا لمستقبل أجمل. ما كنت أحسب أن يخرج وزير داخلية محترم مثل أحمد جمال الدين ليستبدل بآخر يكرر سير الجلادين والقتلة ويعيد عقيدة التعذيب والقهر لرجال الشرطة.
اتخيلهم فأخجل.. أتعجب كيف يعلّقون ضحاياهم ثم يعودون مساء إلي أحضان زوجاتهم باسمين! كيف يصعقون شباب الورد بالكهرباء ثم ينظرون في عيون أطفالهم دون حياء! كيف يهتكون أعراض المعارضين ثم يقفون أمام الله في الصلاة!
أي بشر هؤلاء؟ بل أي وحوش هم؟ وما هي الظروف المحيطة التي شهدتها بلادنا لتخرج لنا أمثاله ؟ لو كان القاتل عدوًا، أو محاربًا، أو حتى أجنبيًّا ما آلمنا بشاعة المشهد.
لكن المفجع أنه من نفس الوطن ونفس الملة ونفس اللغة. إننا نحتاج إلى دروس في التحضر والاإنسانية والتراحم حتىي لا تنجب بلادنا جلادين جددًا ليس لديهم قلوب أو مشاعر.
في يوم ما يظنونه بعيدًا ونراه قريبًا يلتقي القاتل والقتيل ليتحاسبا. يقول خدم الفراعنة القتلة لسادتهم: إنا كنا لكم تبعًا، فهل أنتم مغنون عنا نصيبًا من النار، فيرد الفراعنة: إنا كل فيها. إن الله قد حكم بين العباد.