أخيرًا وبعد صراع مرير ما بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة وإيران حول برنامجها النووي توصلا لاتفاق أولي تمهيدا لتوقيع الاتفاق النهائي، وتم فرض السرية على مسودة الاتفاق من قبل إدارة أوباما حتى لا يتم تسريبها للمعارضين سواء داخل الولايات المتحدة نفسها أو الحلفاء، خاصة نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي باستثناء ما تم نشره خاصة فيما يتعلق ببعض الأجهزة التي يمكن استخدامها لتصنيع قنبلة نووية بنحو 40% لمدة 10 سنوات على الأقل، وفي المقابل يوفر للإيرانيين تخفيفا فوريا للعقوبات، وإمكانية الغاء عناصر من حظر التسلح الذي تفرضه أمريكا على إيران كحافز إضافي، وينتهي مهلة الاتفاق النهائي في يونيو2015، وأشارت وكالة اسوستيديرس إلى أن الاتفاق المؤقت يفرض قيودا جديدة على عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن أن تقود إلى إنتاج مواد نووية من الدرجة المستخدمة في الأسلحة.
ويتجه الطرفان للإبقاء على 6 آلاف جهاز طرد مركزي بدلا من 6500 تحدثوا عنها خلال الأسابيع الأخيرة، وتدير طهران الآن 10 آلاف جهاز طرد مركزي.
ومنذ عام أشار مسئولون أمريكيون إلى 4 آلاف جهاز باعتبار أن هذا العدد يمثل حلا وسطا محتملا.
وباقتران هذا العدد مع القيود الأخرى على مستوى التخصيب تعتقد واشنطن أنها يمكن أن تحدد الوقت الذي تحتاجه طهران لإنتاج سلاح نووي من عام على الأقل إلى 10 أعوام وكجزء من الاتفاق سيتم رفع العقوبات الأمريكية على مراحل حيث يتم تعليق بعضها مع تأكيد إيران التزاماتها بالاتفاق مع مرور الوقت، وسيتم ربط بعض العقوبات بالسنوات المتأخرة من الاتفاق ، وبعد انتهاء فترة الاتفاق بين إيران وأمريكا يمكن لإيران أن تزيد تخصيب اليورانيوم إلى أي مستوى أو أحجام تريدها.
ونفى البيت الابيض وجود مسودة او وثيقة بشأن الاتفاق النووي مع ايران، وهذا ردا على ما ذكره نتنياهو انه على بتفاصيل الاتفاق الموجود بين ايران والدول الكبرى الست بشأن الملف النووي الايراني ، واكد انه اتفاق سيء ويمثل خطرا على اسرائيل وعدة دول اخرى ، وتوجهه لامريكا ، وتحدث في الكونجرس بناء على طلب الجمهوريين بدون على ادارة اوباما .
مما دفع كيري الى القول (لن نسمح لاي احد ان يخيفنا) والخلاف ما بين البلدين خلافا تكتيكيا .
فالمتحدث باسم البيت الابيض صرح بأن البديل للطرق الدبلوماسية هو الحرب ، والولايات المتحدة لا ترغب في المضي نحو الحرب بينما قال نتنياهو ان المسألة ليست خيارا بين اتفاق سيء او الحرب وانما هو خيار ثالث استمرار ضغوط العقوبات .
ويعزز ذلك ان اسرائيل لو كانت ترغب او لديها القدرة في توجيه ضربة للبرنامج النووي الايراني على غرار ما قامت به للمفاعل النووي العراقي لفعلت حيث انها لم تحصل على اذن الولايات المتحدة الامريكية في عام 1981 الامر الذي دفع امريكا الى ادانة هذا القصف .
وامريكا تبحث عن مصالحها ، ولا يهمها حلفاء او اصدقاء حيث تركت ايران تتغلغل مذهبيا ، وعسكريا في العديد من الدول العربية سواء في العراق او لبنان او سوريا او البحرين واخيرا تسليحها ، وتدريب الحوثيين لينقلبوا على الشرعية في اليمن ، ويهددوا الامن القومي العربي ، والمصري ، ومحاولات ادارة اوباما تخفيف المخاوف سواء لدى قادة الخليج او اسرائيل محاولة مكشوفة ، وحتى في التصريحات نجد الادارة الامريكية تكيل بمكيالين . ففيما يخص اسرائيل : يعلن اوباما (لن اسمح بإضعاف اسرائيل في عهدي.. ولو حاول احد مسها سنتصدى له) (ان اي تهديد لإسرائيل ل يشكل فشلا استراتيجيا فحسب بل سيكون فشلا اخلاقيا)
وتعهد اوباما بالإبقاء على التفوق العسكري الاسرائيلي والوقوف معها في مواجهة اي تهديد عسكري تواجهه من ايران او اي دولة في المنطقة .
بينما نجد تصريحاته تجاه دول الخليج بها استعلاء، وتدخل فج في شأنها الداخلي وذلك من خلال دعوة قادتها للقاء في كامب ديفيد لإجراء حوار حول ها الاتفاق .
حيث دعاهم الى مواجهة التهديدات الداخلية عبر التعامل مع السخط داخل بلادهم – بحسب تعبيره زاعما انه يمثل خطرا اكبر من التهديد الايراني !؟
واغمض عيناها عن التهديج ، والخطر الداهم الايراني لدول الخليج وهذا يفسر بأن الولايات المتحدة اصبحت تعتمد على نفسها في مجال الطاقة بفضل مخزوناتها المحلية من الغاز الصخري الامر الذي يجعل امريكا اقل التزاما بحماية مضيق هرمز وبالرغم من تعهده بتقديم دعما قويا ، وبناء قدرات دفاعية اكثر كفاءة .
وبالرغم من كل هذا يجب علينا الاستفادة من الدرس ، والتناقضات فالفرصة امامنا من اجل الضغط على الادارة الامريكية من اجل حل الدولتين .
فقد اعلن اوباما امام جمهور المستمعين لخطابه ان التوتر بينه وبين نتنياهو هو توتر شخصي.
(نحن نؤمن ان حل الدولتين هو المسار الافضل لأمن اسرائيل ، ولتطلعات الفلسطينيين ، وللأمن الاقليمي هذه هي وجهة نظرنا)
وستسعى الادارة الامريكية الحالية الى استخدام هذه الورقة في مواجهة انتقاد نتنياهو للاتفاق الامريكي الايراني بشأن برنامجها النووي ، وبالرغم من المخاطر التي تواجهه هذا الحل خاصة وتصارع الانقلابين في غزة بأنهم يسعون الى اقامة دولة مستقلة في غزة او بمعنى ادق "امارة اسرائيل للحيلولة دون اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الاراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية"
ومع تسليمنا بمقولة بريجنسكي مستشار الامن القومي الامريكي في عهد الرئيس كارتر .
(بأن العرب يجب ان يفهموا ان العلاقات الاسرائيلية الامريكية لا يمن ان تكون متوازنة مع العلاقات العربية الامريكية لان ما بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل علاقات حميمة مبنيه على التراث التاريخي ، والفاعلية التي تتعزز باستمرار من خلال النشاط السياسي لليهود الأمريكيين بينما العلاقات الامريكية العربية لا تحتوي على اي عامل من هذه العوامل)
وفي كل الاحوال يجب علينا ان نعتمد على انفسنا كعرب ، وقدراتنا ، وامكانياتنا هائلة لو احسنا استخدامها ، وترجمة قرارات القمة العربية الاخيرة لواقع فعلي، ولن ينفعنا اتراك او باكستانيين انما جيشنا العربي الموحد .
وحسنا ما فعلته قيادتنا بالاستجابة للنداء الذي اطلقته الجمهورية اليمنية الشقيقة، واتساقا مع الموقف الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي بدعم الشرعية، واستنادا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، وميثاق جامعة الدول العربية، ومشاركتها بقوات بحرية، وجوية لحماية باب المندب.
فكلنا مستهدفون، ولا وألف لا للأصوات المشبوهة التي خرجت لتحذرنا من الوقوع في مستنقع اليمن، ونقول لهم إن الظروف الحالية مختلفة تماما، وإننا ندافع عن أمننا القومي في المقام الأول، وكفى عزلة وسلبية فرضت علينا قبل ثورة 30 يونية، وأضرت بمصالحنا كثيرا، ومصر عادت للوطن العربي، والوطن العربي عاد لمصر، وبإذن الله النصر حليفنا.