تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
دخل رجل الأعمال الكبير إلى قاعة الاحتفال الكبرى، كان قد دعا كل أصدقائه من السياسيين ورجال الأعمال والمفكرين والفنانين والفنانات بالطبع للاحتفال بعيد ميلاده، جهز كل شىء.. موائد الطعام على مدد الشوف، الشراب بكل أنواعه وأصنافه وماركاته العالمية، وحول حمام سباحة كبير، كانت مجموعة من الروسيات الجميلات يرقصن وهن عرايا تماما، وعلى أطراف القاعة غرست أشجار فاكهة من كل نوع، عليها ثمارها، فإذا ما أردت أن تأكل شيئا، فما عليك إلا أن تمد يديك فقط، لتحصل على ما تريد.
لم يتمالك رجل الأعمال نفسه، وهو يرى ذلك كله أمامه، فصرخ في الموجودين وهو يرفع الكأس بين يديه قائلا: «هذا ما وعدنا الله ورسوله...وصدق الله ورسوله».
ورغم أن ما قاله رجل الأعمال لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح، إلا أننى أميل إلى أنه عرف «الفولة» كما نقول، فهم «الدور» كله، فأخلص لنفسه، ولم يحرمها من شىء، جاء بكل متع الدنيا عند قدميه، ولما أمسك بيديه ما أراده حسم أمره، فلن يكون بعد ذلك في الأمر أي جديد.
فما الذي يغرى به الدين عباد الله الفقراء؟
إنها أشياء مثل هذه.
وما الجنة التي تغازل خيال البسطاء الضعفاء المقهورين في الدنيا إلا طعام من كل صنف ولون.. لا ينقطع، وشراب طيب.. لا يفسد، ونساء جميلات حوريات.. لا يفقدن عذريتهن أبدا، وقصور من ذهب وفضة، بل إن كل ما كان حراما يصبح حلالا طيبا، فالخمور أنهار.. حتى الشواذ الذين صانوا أنفسهم سيجعل الله لهم عوضا في الغلمان المخلدين، وهذا ليس كلامى بالطبع، ولكنه كلام أحد الكتاب الإسلاميين الكبار؛ محمد جلال كشك في كتابه «خواطر مسلم حول المسألة الجنسية».
رجل أعمال آخر كانت لديه عمارة من ١٢ دورا في منطقة راقية بالقاهرة، كل دور كان به شقتان، أي أن مجموع ما لديه من شقق كان ٢٤ شقة، في كل شقة كانت توجد فتاة جميلة، وهؤلاء جميعا لا يفعلن شيئا إلا التفرغ لمتعة الرجل الذي يدفع لهن كل ما يردن.
كانت لدى رجل الأعمال هذا رؤية فلسفية فيما يخص النساء، فالمرأة تظل امرأة مادامت قادرة على إثارته، أما إذا وضع رجله على رجلها، فشعر وكأنه يضع هو رجلا على رجل، فإن هذا يكون فراقا بينه وبينها.
ولذلك كان يتردد على فتياته الأربع والعشرين، ولم تكن أيٌ منهن دائمة، بل كان الرجل يجرى تغييرات متعاقبة ومستمرة، حتى يجدد شبابه، ولم يكن يحمل همًا لضميره، فقد كان إلى جواره شيخ من بين الدعاة، يبرر له ما يفعله ويؤكد له أنه حلال، كان يقول له: كيف كان لنا أن نفسر قوله تعالى: «والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم»، إن لم تفعل ما تفعله الآن.. تمتع يا سيدى في حلالك.
إننى لا أدلل هنا على فساد رجال الأعمال في مصر ولا غيرها، فهذا أمر شرحه يطول، والحكايات عليه لا تنفد أبدا، ولكننى أشير ولو من طرف خفى إلى أن من يقومون بالدعوة إلى الله، يحطون من شأن الثواب الذي يعده لعباده الطيبين الصالحين، يجعلونه ثوابا دنيويا وضيعا، لا يليق بحالة السمو التي يمكن أن تحدث لو أن مصير العباد كان مع ربهم في الآخرة يرونه رأى العين دون حجاب.
أغلب الظن أن ما يتحدث عنه الدعاة إلى الله من جزاء وثواب، وهى أشياء يستطيع الإنسان أن يحققها ويصل إليها دون عناء يذكر كما حدث مع الكثير من رجال الأعمال- ليست إلا محاولة لمغازلة غرائز الناس وشهواتهم، لا مغازلة قلوبهم وأرواحهم، فليس معقولا أن يطلب الدين من أحد أن يتطهر حتى تصفو نفسه، وفى النهاية يأخذونه ليلقوا به في بحر الملذات.
في أحد كتب التراث التي تستحق الحرق بالطبع قرأت عما يسمونه سوق الجنة، وفيه صور لنساء جميلات، يدخله الرجال، وكلما أعجبت رجل صورة من صور النساء المعلقة على جدران الجنة، تتجسد له امرأة من دم ولحم فيعاشرها ما شاء له، وهكذا حتى ينتهى السوق.
حتى هذا لا يعد جديدا، ولو أن أحدهم وقف في شوارع المتعة بأى عاصمة غربية، سيجد أن هناك محال تعرض النساء كما تعرض البضائع، وإذا أعجبتك امرأة تستطيع أن تحصل عليها وتنالها، طالما أنك تدفع الثمن، وبالمقاربة بين سوق الجنة وشوارع المتعة، يمكن لأحدهم أن يقف قائلا: هذا ما وعدنا الله ورسوله.. وصدق الله ورسوله.
إننى لا أكذّب أحدا.. ولا أصدّق أحدا كذلك.. فكلنا لم ير شئيا، لكننى فقط أشير إلى أنه حتى المعانى الجميلة في حياتنا نبتذلها ونحط من شأنها.. ولا أعرف ما هو موقف وشعور وإحساس وشكل كل الذين ينتظرون الجنة بطعامها وشرابها ونسائها... إذا وجدوا أن كل ذلك لم يكن إلا بلاغة قرآنية لتقريب المعنى فقط، لا أكثر ولا أقل.. ربنا يستر على الجميع!!!