يعيش أشقاؤنا الأقباط هذه الأيام أعياداً مجيدة، فبالأمس القريب كان أحد السعف وغداً خميس العهد والأحد القادم عيد القيامة المجيد والإثنين القادم عيد شم النسيم، وأجمل ما في أعيادنا نحن المصريين أنها تقربنا بعضنا لبعض على مر الزمان؛ فالمسلمون يهنئون إخوانهم المسيحيين بهذه الأعياد المباركة ويتقبلون منهم كعك العيد، ويشاركونهم الاحتفال بشم النسيم وأكل البيض الملون والرنجة والفسيخ والبصل الأخضر، تلك الأكلات المصرية الأصيلة التي تجعل للأعياد معنى وطعماً مختلفاً لا تجده سوى في مصر.
وكما نعيش مع إخواننا المسيحيين هذه الأعياد، نجدهم يشاركون إخوانهم المسلمين أعيادهم؛ فيحترمون صيامهم في شهر رمضان، ويشاركونهم في الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وغير ذلك من الأعياد، ويحرصون على تهنئتهم بالأعياد، حتى أن البابا شنودة قدس الله روحه حرص أعواماً عديدة على إقامة إفطار للوحدة الوطنية في شهر رمضان المبارك كل عام بالكاتدرائية، ليترك وصيته التي ستظل ماثلة للعيون وساكنة في الوجدان أبد الدهر، وهى أن مصر وطن واحد لا فرق فيه بين مسلم ومسيحي.
أذكر جيداً أنه كان لي أستاذ مسيحي لن أنساه ما حييت، وهو الأستاذ الدكتور خليل يوسف صابات رحمه الله، الذي تعلمت على يديه الكثير منذ أن استقبلني بمحاضراته الثرية عن نشأة وسائل الاتصال وتطورها بالفرقة الأولى بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حتى منحني درجة الدكتوراه الذي كان مشرفاً عليها. لم أتعلم من أستاذي الدكتور خليل صابات العلم فقط، ولكن تعلمت الأخلاق وأدب الحوار والاختلاف، كان يقول لي دوماً: "يا شريف.. عايز الناس تحلف بحياتك وأخلاقك.. فالأخلاق هى الباقية، أما العلم فيمكن تحصيله". وعند وفاة أستاذي الدكتور خليل منذ سنوات ليست بالقليلة كانت أول مرة لي أدخل كنيسة لحضور القداس على روحه الطاهرة.
أذكر جيداً أنني ظللت لأكثر من عشرين سنة، منذ ارتديت نظارة طبية وأنا في الصف الثالث الإعدادي لم أكن لأثق في عمل كشف النظارة إلا لدى طبيبي الخاص المسيحي، ولا أزال حتى اليوم لا أشترى نظارة مع تركيب العدسات الخاص’ بها بعد كشف العيون سوى من سلسلة محلات نظارات شهيرة مملوكة لأحد الإخوة المسيحيين.
وفي الحقيقة أنا أتذكر هذا الآن فقط، أما على المستوى المصري الصرف فإنني لم اكن أفرق بين المسيحي والمسلم، فكلنا أولاً ننتمي لهذه الإنسانية التي ينتهي نسلها عند أبٍ واحد وأمٍ واحدة هما آدم وحواء، وبالتالي فأنا أتعامل مع كل البشر تحت هذه الصفة الإنسانية دون التفتيش في معتقداتهم، أو البحث في خانة الديانة، وعلى المستوى الديني فأنا لا أفرق بين مسلم ومسيحي شأني شأن كل المصريين المعتدلين، فالدين لله والوطن للجميع. ألم يخض المسيحيون معنا معاركنا، ألم يعبروا معنا قناة السويس، ويحاربوا معنا في أكتوبر 73، ألم يخوضوا معنا ثوراتنا الشعبية بداية من ثورة 19 مروراً بثورة 23 يوليو وانتهاءً بثورتي 25 يناير و30 يونيو، ألم يختلط دم الشيخ عفت بدم مينا دانيال في ميدان التحرير.
من لا يؤمن بهذه السبيكة المصرية التي يكونها المصريون على مدار تاريخهم، والتي يستحيل فصل عناصرها المكونة لها، فليعلم أنه على الباطل، وأننا كسبيكة مصرية واحدة على الحق المبين. من لايؤمن بهذه الهوية المصرية ويخرج علينا بأحاديث الفتنة فليعلم أنه سيفشل لا محالة، فالفتنة عَرَض، ولكن من يثيرها هم من في قلوبهم مرض.
رحم الله البابا شنودة حين قال: "إن مصر وطن يعيش فينا.. وليس وطناً نعيش فيه"، وصدق البابا تواضروس بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها مصر عقب ثورة 30 يونيو حين قال: "أن نعيش في وطن بلا كنائس أفضل من أن نعيش في كنائس بلا وطن".
حمى الله مصر بمسلميها ومسيحييها، بمآذنها وأجراس كنائسها، باحتفالات مسلمييا بمولد النبي الهادي واحتفالات مسيحييها بعيد ميلاد السيد المسيح وقيامته، واحتفالات المصريين جميعاً بعيد الربيع وشم النسيم، والذي يُقال أنه يعود إلى العصر الفرعوني قبل أن يعرف المصريون الأديان، حين كان يعرف المصريون فقط أنهم مصريون.
كل سنة وكل المصريين بخير.
وكما نعيش مع إخواننا المسيحيين هذه الأعياد، نجدهم يشاركون إخوانهم المسلمين أعيادهم؛ فيحترمون صيامهم في شهر رمضان، ويشاركونهم في الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وغير ذلك من الأعياد، ويحرصون على تهنئتهم بالأعياد، حتى أن البابا شنودة قدس الله روحه حرص أعواماً عديدة على إقامة إفطار للوحدة الوطنية في شهر رمضان المبارك كل عام بالكاتدرائية، ليترك وصيته التي ستظل ماثلة للعيون وساكنة في الوجدان أبد الدهر، وهى أن مصر وطن واحد لا فرق فيه بين مسلم ومسيحي.
أذكر جيداً أنه كان لي أستاذ مسيحي لن أنساه ما حييت، وهو الأستاذ الدكتور خليل يوسف صابات رحمه الله، الذي تعلمت على يديه الكثير منذ أن استقبلني بمحاضراته الثرية عن نشأة وسائل الاتصال وتطورها بالفرقة الأولى بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حتى منحني درجة الدكتوراه الذي كان مشرفاً عليها. لم أتعلم من أستاذي الدكتور خليل صابات العلم فقط، ولكن تعلمت الأخلاق وأدب الحوار والاختلاف، كان يقول لي دوماً: "يا شريف.. عايز الناس تحلف بحياتك وأخلاقك.. فالأخلاق هى الباقية، أما العلم فيمكن تحصيله". وعند وفاة أستاذي الدكتور خليل منذ سنوات ليست بالقليلة كانت أول مرة لي أدخل كنيسة لحضور القداس على روحه الطاهرة.
أذكر جيداً أنني ظللت لأكثر من عشرين سنة، منذ ارتديت نظارة طبية وأنا في الصف الثالث الإعدادي لم أكن لأثق في عمل كشف النظارة إلا لدى طبيبي الخاص المسيحي، ولا أزال حتى اليوم لا أشترى نظارة مع تركيب العدسات الخاص’ بها بعد كشف العيون سوى من سلسلة محلات نظارات شهيرة مملوكة لأحد الإخوة المسيحيين.
وفي الحقيقة أنا أتذكر هذا الآن فقط، أما على المستوى المصري الصرف فإنني لم اكن أفرق بين المسيحي والمسلم، فكلنا أولاً ننتمي لهذه الإنسانية التي ينتهي نسلها عند أبٍ واحد وأمٍ واحدة هما آدم وحواء، وبالتالي فأنا أتعامل مع كل البشر تحت هذه الصفة الإنسانية دون التفتيش في معتقداتهم، أو البحث في خانة الديانة، وعلى المستوى الديني فأنا لا أفرق بين مسلم ومسيحي شأني شأن كل المصريين المعتدلين، فالدين لله والوطن للجميع. ألم يخض المسيحيون معنا معاركنا، ألم يعبروا معنا قناة السويس، ويحاربوا معنا في أكتوبر 73، ألم يخوضوا معنا ثوراتنا الشعبية بداية من ثورة 19 مروراً بثورة 23 يوليو وانتهاءً بثورتي 25 يناير و30 يونيو، ألم يختلط دم الشيخ عفت بدم مينا دانيال في ميدان التحرير.
من لا يؤمن بهذه السبيكة المصرية التي يكونها المصريون على مدار تاريخهم، والتي يستحيل فصل عناصرها المكونة لها، فليعلم أنه على الباطل، وأننا كسبيكة مصرية واحدة على الحق المبين. من لايؤمن بهذه الهوية المصرية ويخرج علينا بأحاديث الفتنة فليعلم أنه سيفشل لا محالة، فالفتنة عَرَض، ولكن من يثيرها هم من في قلوبهم مرض.
رحم الله البابا شنودة حين قال: "إن مصر وطن يعيش فينا.. وليس وطناً نعيش فيه"، وصدق البابا تواضروس بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها مصر عقب ثورة 30 يونيو حين قال: "أن نعيش في وطن بلا كنائس أفضل من أن نعيش في كنائس بلا وطن".
حمى الله مصر بمسلميها ومسيحييها، بمآذنها وأجراس كنائسها، باحتفالات مسلمييا بمولد النبي الهادي واحتفالات مسيحييها بعيد ميلاد السيد المسيح وقيامته، واحتفالات المصريين جميعاً بعيد الربيع وشم النسيم، والذي يُقال أنه يعود إلى العصر الفرعوني قبل أن يعرف المصريون الأديان، حين كان يعرف المصريون فقط أنهم مصريون.
كل سنة وكل المصريين بخير.