الأربعاء 05 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

شارع بورسعيد.. الخليج المصري بروح فينيسيا

شارع بورسعيد
شارع بورسعيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العديد من الشوارع يحمل كل منها في ملامحه جزءا من تاريخ مصر، وكأن كل شارع رسمه مؤرخ في محاولة مستميتة للحفاظ على تاريخ وأسرار مصر القديمة فمهما تغيرت ملامحها يستطيع القاصى والدانى أن يشتم رائحة جدوده في جغرافيا تلك الشوارع.
فكل شارع من تلك الشوارع يحمل اسما لم يحظ به عبثا، بل خلف كل اسم قصة واحيانا رواية بدأت منذ أن أصدر محمد على باشا مرسوما بتحديد أسمـاء للشوارع ووضع لافتات تدل عليها ووضع رقـم لكل مبنى، لتظفر كل الشوارع بأسماء، بعضها مستوحى من طبيعتها والآخر يحمل أسماء أناس سكنوها أو صنعوها كما كان للعظماء جزء من ذلك تكريما لهم.
شارع بورسعيد.. في البدء خليج أمير المؤمنين
كان بمصر في القرن الثامن عشر العديد من البرك المائية العذبة التي اصطفت حولها المنازل من كل الاتجاهات في تناسق وتناغم جميل، جعل القاهرة تبدو وكأنها جزء من مدينة فينسيا.. وإن كان لم يعد لها وجود الآن بعد ردم تلك البرك وتحويلها إلى شوارع وحدائق.
وكان شارع بورسعيد- حاليا- جزءًا من تلك اللوحة الفنية الجميلة فقد كان مجرى مائيًّا تم ردمه بعد انتشار الأمراض والأوبئة؛ نتيجة عدم الاهتمام به، وإلقاء القاذورات والمخلفات فيه، وبالفعل ردم وسير به خط ترام.. وعرف هذا المجرى بالخليج المصري.
وقد اشتهر الخليج المصري في فترات زمنية مختلفة بعدة أسماء منها "خليج مصر" أو "خليج الفسطاط"، كما عرف باسم "خليج أمير المؤمنين" نسبة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ لأنه هو الذي أمر والي مصر عمرو بن العاص فاتح مصر بحفر هذا الخليج، ليصل النيل بالبحر الأحمر لحمل المؤن والزاد إلى الحجاز بصفة دائمة، فتم حفر هذا الخليج عام ٢٣ هـ/٦٤٤م.
وكان فم الخليج عندما بدأ عمرو في حفره يقع في نقطة تلاقي أول شارع نوبار في شارع الخليج المصري "بورسعيد" بالسيدة زينب ثم يسير شمالًا مخترقًا ميدان باب الخلق فميدان باب الشعرية والظاهر والمطرية وعين شمس، هذا في حدود مدينة القاهرة، ثم وادي الطميلات، حيث الخصوص والخانكة وأبي زعبل بمحافظة القليوبية ثم إلى العباسة بمحافظة الشرقية ثم إلى الإسماعيلية، حيث ينكسر جنوبًا إلى بحيرة التمساح ويخترق البحيرات المرة حتى ينتهي جنوبًا لخليج السويس عند مدينة السويس، وبمرور الزمن أصبح الخليج ينتهي عند أبو زعبل بعد حفر ترعة الإسماعيلية في عهد الخديوي إسماعيل.
يبلغ طول الخليج بحدود مدينة القاهرة الكبرى ٤٦.٢٠كم، ويبلغ عرضه من خمسة إلى خمسة عشر مترًا، وكان ارتفاع الماء به أيام الفيضان يصل إلى ستة أمتار وعشرين سنتيمترا، ولم يكن للخليج رصيف إذ إنَّ المنازل المطلة عليه تكون غاطسة في الماء. وقد اهتم بهذا الخليج العديد من كبار السلاطين منهم السلطان برسباي والسلطان قايتباي والسلطان الغوري.
ويبدو أن الخليج في أواخر العصر العثماني لم يتم تنظيفه بصورة مرضية نظرًا للفساد الإداري الذي كان يسود نظام الحكم في ذلك الوقت، وكان تراكم الطمي يمنع جريان الماء في الخليج مما يعوق الملاحة به، فإذا اشتد بادر الولاة بحفر الخليج، وكان الأهالي هم الذين يتحملون النفقة، ونظرًا لتلوث الخليج وعدم المحافظة على نظافته، وقيام شركات توصيل المياه إلى المنازل فقد تم ردم الخليج فيما بين عامي ١٨٩٦، ١٨٩٨ بعد تاريخ طويل حافل.