صدمة: 230 ألف مصاب بـ«الفيروس» و7 % من «متعاطى المخدرات» متعايشون بالمرض
مؤشرات حول تحوله إلى «وباء».. و39 % من حالات الإصابة انتقل إليها المرض عن طريق «الحقن»
دواء «الصف الثانى والثالث والرابع» غير متوفر.. وجهاز تحليل الحمل الفيروسى معطل منذ 7 سنوات
في الوقت الذي تقدر فيه الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة عدد المتعايشين بفيروس «الإيدز» بنحو 10 آلاف حالة تقريبا، تؤكد مراكز وجمعيات متخصصة في مكافحة الفيروس أن النسب تخطت 230 ألف حالة، وأن الوباء في مصر «مكثف»، بتخطيه حاجز الـ5% بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للمرض.
ورغم توفير وزارة الصحة «الدواء الثلاثى» لـ«الإيدز»، إلا أن «أدوية الصف الثانى والثالث والرابع» غير متوافرة، وأجهزة تحليل «الحمل الفيروسى»، التي تصل تكلفتها إلى ملايين الجنيهات، خارج نطاق الخدمة.
«البوابة» تفتح ملف مرضى الإيدز رغم ما يحيطه من تضليل وتعتيم فيما يخص المعلومات الحقيقية والمؤكدة.
الدكتور وليد كمال عبدالعظيم، مدير البرنامج الوطنى لمكافحة مرض الإيدز بوزارة الصحة، يقول إن عدد مرضى «الإيدز» بمصر - منذ اكتشافه في منتصف ثمانينيات القرن الماضى - وصل ٥ آلاف و٨٦٤ حالة، في حين سجلت أعداد الإصابات المكتشفة بنهاية عام ٢٠١٤، نحو ٨٨٠ حالة منها ٨١٦ حالة على قيد الحياة و٦٤ حالة توفيت.
ويضيف «عبدالعظيم»، لـ«البوابة»، أن ٨٢٪ من الإصابات بين الرجال و١٨٪ من السيدات، و١٩٪ من هذه الحالات انتقل لها المرض عن طريق «العلاقات الشاذة»، و٣٩٪ لتعاطى المخدرات، و٤٠٪ بطرق أخرى، و٢٪ من أمهات أطفال، مشيرًا إلى أن تقارير الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز (UNAIDS) أكدت أن نسبة انتشار الفيروس في مصر قليلة بالنسبة لعدد السكان.
لا يعنى ذلك أن «الإيدز» بعيد عن مصر، ففى دول أخرى كانت التقارير الطبية تؤكد أن نسبة انتشار الفيروس «قليلة» إلا أنه خلال سنوات قليلة انتشر بها «الإيدز» بشكل «وبائى».
ويعزز من مخاوف تحول الفيروس إلى «وباء» زيادة الحالات المكتشفة في العام الماضى ٢٠١٤، إذ ظهرت ٨٨٠ حالة جديدة، في حين أن الحالات المكتشفة عام ٢٠١١ كانت ٤٨٦ حاله فقط، مما يعطى إنذرا بأن هناك بداية لانتشار خفى لعدوى الإيدز يجب أن ننتبه لها.
ويقول الدكتور إيهاب الخراط، استشارى الطب النفسى مدير برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، لـ«لبوابة»، إن حالات الإصابة المكتشفة بـ«الإيدز» في مصر تتراوح بين ١ و٢٪ من الحالات الفعلية، ويضيف أن عدد المتعايشين مع الفيروس في مصر يصل إلى ٢٣٠ ألف حالة.
ويوضح: «أجرينا في عام ٢٠١٠ بحثا استقصائيا بمشاركة وزارة الصحة والهيئة الدولية لصحة الأسرة التي تطبق أعلى المقاييس العالمية لما يسمى بـ(المسوح التراسلية) من الجيل الثانى وصولا لمتعاطى المتخدرات بالحقن في الشارع والمثليين، فوجدنا أن ٧٪ من متعاطى المخدرات بالحقن و٧٪ أيضا من المثليين متعايشين بالفيروس».
الحكومة المصرية أجرت بحثًا ضخمًا عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ أعلنت نتائجه عام ٢٠١١، أظهر أن متعاطى المخدرات بالحقن في مصر نحو مليون شخص.
وبتطبيق نتائج البحث الاستقصائى على نتائج بحث الحكومة يكون عدد المتعايشين مع المرض ٧٠ ألف شخص، وعدد المثليين في العالم يتراوح من ١:٢٪ من الرجال، وأحيانا يصل إلى ٤٪ في بعض الدول، وعليه فإذا اعتبرنا النسبة في مصر ١٪ فقط سيكون الناتج أيضا ٧٠ ألف حالة متعايشة مع الإيدز بحسب الـ٧٪ للبحث الاستقصائى.
وما بين عامى ١٩٨٦ و٢٠٠٨ أجرت وزارة الصحة تحاليل على ٨ ملايين متبرع بالدم وأشخاص يريدون العمل في البلاد العربية فاكتشفت ٣ آلاف حالة منهم متعايشة مع الفيروس.
وبعيدا عن متعاطى المخدرات والمثليين وأطفال الشوارع والعاملات في الجنس، يكون ناتج المتعايشين مع الفيروس ٣٠ ألف حالة، كما يقدر عدد العاملات بالجنس وحاملات للفيروس بأكثر من ١٠٠ ألف حالة، ومن خلال تلك الأرقام يتضح أن عدد المتعايشين بالفيروس في مصر يقارب الـ٢٣٠ ألف حالة.
ويعلق مدير برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، على الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن نحو ١٠ آلاف شخص فقط متعايشون مع الإيدز في مصر قائلا: «لابد أن تسعى الوزارة إلى معرفة الأرقام الحقيقية حتى تتخذ الخطوات الجادة واللازمة لمواجهة المرض بدلا من أن تعلن أرقاما غير حقيقية بالمرة».
ويواصل: «رغم وصول عدد الحالات لأرقام مخيفة إلا أن الوباء لا يعتبر معمما في مصر، وحتى يطلق علية وباء معمم لابد أن يصل إلى ١٪ من عدد سكان الدولة، أي ٩٠٠ ألف حالة متعايشة مع الإيدز»، غير أنه يؤكد وجود يوجد «وباء مكثف» في مصر حيث تصل نسبة المتعايشين مع الفيروس من الفئات الأكثر عرضة للمرض، خاصة المدمنين بالحقن والمثليين، إلى ٥٪ من إجمالى هذه الفئات.
هناك أربع مراكز للتحليل الاختبارى لـ«الإيدز» كانت موجودة في سجون: «برج العرب، ووادى النطرون، وسجن القطا، والفيوم»، قبل الثورة، وقد تم فحص عدد من السجناء، وأظهرت التحاليل حالات إيجابية للإيدز.
ويشير «الخراط» إلى ضرورة عودة هذه المراكز للسجون، لأن إلغاءها يعتبر «قلة وعى»، فالسجون تتم بها «ممارسات جنسية» بين الرجال بكثرة، وتتم مشاركة «السرنجة» في تعاطى المخدرات بالسجون بين أكثر من شخص واحد، فتحدث أصابات بـ«الإيدز» وفيروسات أخرى خطيرة أيضا.
ويطالب بإقامة دعاوى قضايا تعويض على كل مؤسسة طبية أو منشأة صحية تقدم خدمة طبية بدون تعقيم، بصرف النظر عن حدوث الإصابة من عدمه، لأن بعض الحالات المصابة تؤكد انتقال الفيروس لها من وحدات صحية لا تعقم أدواتها، والقانون لا يثبت صحة ذلك بحكم ظهور الفيروس بعد ٣٠ يوما في الدم بعد الإصابة.
وتواصلت «البوابة» مع أحد المصابين بالفيروس، وهو مدرس أول لغة إنجليزية، واختير مدرسًا مثاليًا على مستوى الجمهورية لمدة ٦ سنوات متتالية.
عندما بدأت أعراض المرض تظهر على ملامح وجهه وأجزاء جسمه عام ٢٠٠٢، حتى وصل وزنه إلى أقل من ٤٠ كيلو جراما، دخل مستشفى حميات «الزقازيق» للحجز وإجراء التحاليل اللازمة.
«الأستاذ اللى هيحلل إيدز يدخل».. كانت هي الكلمات المسمومة التي أطلقها أمين معمل التحاليل، ليقوم الجالسون من جواره مهرولين خارج الغرفة، ويقابله «مقدم المشورة»، بمحافظته، ليقول «إنت اسمك عندى من سنة ٩٣».
في هذا الوقت كان يتردد للتبرع بالدم للمراكز المتخصصة، لكن رغم أنه يترك جميع بياناته أثناء التبرع، لم يخبروه بأن دمه إيجابى بالفيروس إلا بالصدفة وبعد ٩ سنوات.
يحكى «ح.ر»: عندما رجعت للمدرسة، وعند دخولى الفصل، قام الطلاب بتركه بطريقة جعلتنى أشعر أننى وصمة عار عليهم، وفوجئت بقرار من مديرة المدرسة بنقلى إلى مدرسة بمحافظة أخرى بعيدة، حتى بدأ التفكير والتوهان يتملكني، لدرجة أن سيارة صدمتنى أثناء مرور الشارع».
ويضيف: «بعد خروجى من المستشفى وتقديمى أوراق التأمين الصحي، التي تثبت الحادث والعلاج، علمت بإقالتى بحجة انقطاعى عن العمل».
ظل بعدها الرجل الأربعينى محتجزا نفسه بالمنزل لمدة عام، لا يحادث غير نفسه، بعد أن تركته زوجته، فقط مع ابنته التي لا تعرف بإصابته بالفيروس حتى الآن، ثم قرر دخول «عزلة» بعد أن وجد نظرات الجميع نحوه كمجرم، صاحب سكك شيطانية، وليس مريضًا، إلى أن قرر العلاج.
بالتردد على وزارة الصحة تعرف على غيره من المصابين بالفيروس، وبدأ عملة الجديد، مندوب وصول، ليخدم وينصح غيره، يطلق عليها «الشغلانة الخطر»، مبررا بعدم وجود قانون يحميها، لأن القانون لا يعترف بها من الأساس.
من جانبه، يقول (حسن.ع): «مشكلة مرض الإيدز أنه يندرج تحت تخصص الباطنة، في حين أن مستشفى العباسية وامبابة للحميات فقط». اكتشف «حسن» إصابته بالفيروس، عندما كان بمصحة لعلاج الإدمان، وأجرت وزارة الصحة مسحا كاملا لـ٦٠ فردا بها، فكانت الصدمة له بعدها بخمسة عشر يوما، إيجابي، ليستيقظ على مطالبته بالخروج منها، بعد أن اعتصم باقى أفراد المصحة أمام مكتب المدير، ليتخذ إجراء نحوه.
ويتابع «حسن»: سجنت في لومان ٤٤٠ في وادى النطرون، بعنبر مخصص لمرضى HIV، وهو الوحيد في السجون، بحكم أربع سنوات، وبعدها في ١٠/٢٠١٠ تم نقلى مع ٧ آخرين في عنبر عادى، بدون سبب واضح، وبعد خروجى منه، قدمت على «معاش» بسبب المرض، وعندما علمت أنه سيتم إجراء «بحث» توقفت، لأن من يقوم به يفضحك، ويكشف سرك، بالفضفضة مع الجيران، وانتشار الخبر أكثر مصيبة لى ولأهلي، كما أن خيبة الأمل أصابتنا بعد فشل جهاز الجيش لعلاج الإيدز».
من النسخة الورقية
مؤشرات حول تحوله إلى «وباء».. و39 % من حالات الإصابة انتقل إليها المرض عن طريق «الحقن»
دواء «الصف الثانى والثالث والرابع» غير متوفر.. وجهاز تحليل الحمل الفيروسى معطل منذ 7 سنوات
في الوقت الذي تقدر فيه الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة عدد المتعايشين بفيروس «الإيدز» بنحو 10 آلاف حالة تقريبا، تؤكد مراكز وجمعيات متخصصة في مكافحة الفيروس أن النسب تخطت 230 ألف حالة، وأن الوباء في مصر «مكثف»، بتخطيه حاجز الـ5% بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للمرض.
ورغم توفير وزارة الصحة «الدواء الثلاثى» لـ«الإيدز»، إلا أن «أدوية الصف الثانى والثالث والرابع» غير متوافرة، وأجهزة تحليل «الحمل الفيروسى»، التي تصل تكلفتها إلى ملايين الجنيهات، خارج نطاق الخدمة.
«البوابة» تفتح ملف مرضى الإيدز رغم ما يحيطه من تضليل وتعتيم فيما يخص المعلومات الحقيقية والمؤكدة.
الدكتور وليد كمال عبدالعظيم، مدير البرنامج الوطنى لمكافحة مرض الإيدز بوزارة الصحة، يقول إن عدد مرضى «الإيدز» بمصر - منذ اكتشافه في منتصف ثمانينيات القرن الماضى - وصل ٥ آلاف و٨٦٤ حالة، في حين سجلت أعداد الإصابات المكتشفة بنهاية عام ٢٠١٤، نحو ٨٨٠ حالة منها ٨١٦ حالة على قيد الحياة و٦٤ حالة توفيت.
ويضيف «عبدالعظيم»، لـ«البوابة»، أن ٨٢٪ من الإصابات بين الرجال و١٨٪ من السيدات، و١٩٪ من هذه الحالات انتقل لها المرض عن طريق «العلاقات الشاذة»، و٣٩٪ لتعاطى المخدرات، و٤٠٪ بطرق أخرى، و٢٪ من أمهات أطفال، مشيرًا إلى أن تقارير الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز (UNAIDS) أكدت أن نسبة انتشار الفيروس في مصر قليلة بالنسبة لعدد السكان.
لا يعنى ذلك أن «الإيدز» بعيد عن مصر، ففى دول أخرى كانت التقارير الطبية تؤكد أن نسبة انتشار الفيروس «قليلة» إلا أنه خلال سنوات قليلة انتشر بها «الإيدز» بشكل «وبائى».
ويعزز من مخاوف تحول الفيروس إلى «وباء» زيادة الحالات المكتشفة في العام الماضى ٢٠١٤، إذ ظهرت ٨٨٠ حالة جديدة، في حين أن الحالات المكتشفة عام ٢٠١١ كانت ٤٨٦ حاله فقط، مما يعطى إنذرا بأن هناك بداية لانتشار خفى لعدوى الإيدز يجب أن ننتبه لها.
ويقول الدكتور إيهاب الخراط، استشارى الطب النفسى مدير برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، لـ«لبوابة»، إن حالات الإصابة المكتشفة بـ«الإيدز» في مصر تتراوح بين ١ و٢٪ من الحالات الفعلية، ويضيف أن عدد المتعايشين مع الفيروس في مصر يصل إلى ٢٣٠ ألف حالة.
ويوضح: «أجرينا في عام ٢٠١٠ بحثا استقصائيا بمشاركة وزارة الصحة والهيئة الدولية لصحة الأسرة التي تطبق أعلى المقاييس العالمية لما يسمى بـ(المسوح التراسلية) من الجيل الثانى وصولا لمتعاطى المتخدرات بالحقن في الشارع والمثليين، فوجدنا أن ٧٪ من متعاطى المخدرات بالحقن و٧٪ أيضا من المثليين متعايشين بالفيروس».
الحكومة المصرية أجرت بحثًا ضخمًا عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ أعلنت نتائجه عام ٢٠١١، أظهر أن متعاطى المخدرات بالحقن في مصر نحو مليون شخص.
وبتطبيق نتائج البحث الاستقصائى على نتائج بحث الحكومة يكون عدد المتعايشين مع المرض ٧٠ ألف شخص، وعدد المثليين في العالم يتراوح من ١:٢٪ من الرجال، وأحيانا يصل إلى ٤٪ في بعض الدول، وعليه فإذا اعتبرنا النسبة في مصر ١٪ فقط سيكون الناتج أيضا ٧٠ ألف حالة متعايشة مع الإيدز بحسب الـ٧٪ للبحث الاستقصائى.
وما بين عامى ١٩٨٦ و٢٠٠٨ أجرت وزارة الصحة تحاليل على ٨ ملايين متبرع بالدم وأشخاص يريدون العمل في البلاد العربية فاكتشفت ٣ آلاف حالة منهم متعايشة مع الفيروس.
وبعيدا عن متعاطى المخدرات والمثليين وأطفال الشوارع والعاملات في الجنس، يكون ناتج المتعايشين مع الفيروس ٣٠ ألف حالة، كما يقدر عدد العاملات بالجنس وحاملات للفيروس بأكثر من ١٠٠ ألف حالة، ومن خلال تلك الأرقام يتضح أن عدد المتعايشين بالفيروس في مصر يقارب الـ٢٣٠ ألف حالة.
ويعلق مدير برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، على الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن نحو ١٠ آلاف شخص فقط متعايشون مع الإيدز في مصر قائلا: «لابد أن تسعى الوزارة إلى معرفة الأرقام الحقيقية حتى تتخذ الخطوات الجادة واللازمة لمواجهة المرض بدلا من أن تعلن أرقاما غير حقيقية بالمرة».
ويواصل: «رغم وصول عدد الحالات لأرقام مخيفة إلا أن الوباء لا يعتبر معمما في مصر، وحتى يطلق علية وباء معمم لابد أن يصل إلى ١٪ من عدد سكان الدولة، أي ٩٠٠ ألف حالة متعايشة مع الإيدز»، غير أنه يؤكد وجود يوجد «وباء مكثف» في مصر حيث تصل نسبة المتعايشين مع الفيروس من الفئات الأكثر عرضة للمرض، خاصة المدمنين بالحقن والمثليين، إلى ٥٪ من إجمالى هذه الفئات.
هناك أربع مراكز للتحليل الاختبارى لـ«الإيدز» كانت موجودة في سجون: «برج العرب، ووادى النطرون، وسجن القطا، والفيوم»، قبل الثورة، وقد تم فحص عدد من السجناء، وأظهرت التحاليل حالات إيجابية للإيدز.
ويشير «الخراط» إلى ضرورة عودة هذه المراكز للسجون، لأن إلغاءها يعتبر «قلة وعى»، فالسجون تتم بها «ممارسات جنسية» بين الرجال بكثرة، وتتم مشاركة «السرنجة» في تعاطى المخدرات بالسجون بين أكثر من شخص واحد، فتحدث أصابات بـ«الإيدز» وفيروسات أخرى خطيرة أيضا.
ويطالب بإقامة دعاوى قضايا تعويض على كل مؤسسة طبية أو منشأة صحية تقدم خدمة طبية بدون تعقيم، بصرف النظر عن حدوث الإصابة من عدمه، لأن بعض الحالات المصابة تؤكد انتقال الفيروس لها من وحدات صحية لا تعقم أدواتها، والقانون لا يثبت صحة ذلك بحكم ظهور الفيروس بعد ٣٠ يوما في الدم بعد الإصابة.
وتواصلت «البوابة» مع أحد المصابين بالفيروس، وهو مدرس أول لغة إنجليزية، واختير مدرسًا مثاليًا على مستوى الجمهورية لمدة ٦ سنوات متتالية.
عندما بدأت أعراض المرض تظهر على ملامح وجهه وأجزاء جسمه عام ٢٠٠٢، حتى وصل وزنه إلى أقل من ٤٠ كيلو جراما، دخل مستشفى حميات «الزقازيق» للحجز وإجراء التحاليل اللازمة.
«الأستاذ اللى هيحلل إيدز يدخل».. كانت هي الكلمات المسمومة التي أطلقها أمين معمل التحاليل، ليقوم الجالسون من جواره مهرولين خارج الغرفة، ويقابله «مقدم المشورة»، بمحافظته، ليقول «إنت اسمك عندى من سنة ٩٣».
في هذا الوقت كان يتردد للتبرع بالدم للمراكز المتخصصة، لكن رغم أنه يترك جميع بياناته أثناء التبرع، لم يخبروه بأن دمه إيجابى بالفيروس إلا بالصدفة وبعد ٩ سنوات.
يحكى «ح.ر»: عندما رجعت للمدرسة، وعند دخولى الفصل، قام الطلاب بتركه بطريقة جعلتنى أشعر أننى وصمة عار عليهم، وفوجئت بقرار من مديرة المدرسة بنقلى إلى مدرسة بمحافظة أخرى بعيدة، حتى بدأ التفكير والتوهان يتملكني، لدرجة أن سيارة صدمتنى أثناء مرور الشارع».
ويضيف: «بعد خروجى من المستشفى وتقديمى أوراق التأمين الصحي، التي تثبت الحادث والعلاج، علمت بإقالتى بحجة انقطاعى عن العمل».
ظل بعدها الرجل الأربعينى محتجزا نفسه بالمنزل لمدة عام، لا يحادث غير نفسه، بعد أن تركته زوجته، فقط مع ابنته التي لا تعرف بإصابته بالفيروس حتى الآن، ثم قرر دخول «عزلة» بعد أن وجد نظرات الجميع نحوه كمجرم، صاحب سكك شيطانية، وليس مريضًا، إلى أن قرر العلاج.
بالتردد على وزارة الصحة تعرف على غيره من المصابين بالفيروس، وبدأ عملة الجديد، مندوب وصول، ليخدم وينصح غيره، يطلق عليها «الشغلانة الخطر»، مبررا بعدم وجود قانون يحميها، لأن القانون لا يعترف بها من الأساس.
من جانبه، يقول (حسن.ع): «مشكلة مرض الإيدز أنه يندرج تحت تخصص الباطنة، في حين أن مستشفى العباسية وامبابة للحميات فقط». اكتشف «حسن» إصابته بالفيروس، عندما كان بمصحة لعلاج الإدمان، وأجرت وزارة الصحة مسحا كاملا لـ٦٠ فردا بها، فكانت الصدمة له بعدها بخمسة عشر يوما، إيجابي، ليستيقظ على مطالبته بالخروج منها، بعد أن اعتصم باقى أفراد المصحة أمام مكتب المدير، ليتخذ إجراء نحوه.
ويتابع «حسن»: سجنت في لومان ٤٤٠ في وادى النطرون، بعنبر مخصص لمرضى HIV، وهو الوحيد في السجون، بحكم أربع سنوات، وبعدها في ١٠/٢٠١٠ تم نقلى مع ٧ آخرين في عنبر عادى، بدون سبب واضح، وبعد خروجى منه، قدمت على «معاش» بسبب المرض، وعندما علمت أنه سيتم إجراء «بحث» توقفت، لأن من يقوم به يفضحك، ويكشف سرك، بالفضفضة مع الجيران، وانتشار الخبر أكثر مصيبة لى ولأهلي، كما أن خيبة الأمل أصابتنا بعد فشل جهاز الجيش لعلاج الإيدز».
من النسخة الورقية