تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
فى عصر إعلام التهويل والتضليل والكذب والتطبيل وتضخيم البسيط وتبسيط الضخم، من جانب فضائيات وصحف تُدار بمؤامرات ومخططات وأجندات وميول وأهداف ...لم استغرب الضجة المفتعلة على برنامج تافه يقدمه شخص ضحل الثقافة والدين والممارسة المهنية...وجعله نجما بلا مناسبة بمعرفة "أرزقية" الإعداد,وأرباب الفتنة "بالفضائيات!
كما لم استغرب إفاقة الأزهر المفاجئة من غرفة الإنعاش التى يعيش فيها منذ سنوات، ببيان مؤسوف عليه ورد مخجل ومطالبة غير دستورية بغلق البرنامج لانه –بحسب وصف الأزهر- يمثل خطورة فى تعمده تشكيك الناس فيما هو معلوم من الدين بالضرورة، بالإضافة إلى تعمُّقه فى منُاقضة السلم المجتمعى، ومُناهضة الأمن الفكرى والإنسانى، مما يجعل البرنامج يمثل تحريضاً ظاهراً على إثارة الفتنة وتشويه للدين، ومساسا بثوابت الأمَّة والأوطان وتعريض فكر شباب الأمة للتضليل والانحراف!
ولم ينس الأزهر أن يؤكد فى بيانه أنه هو المرجع الوحيد فى الشئون الإسلامية وفقاً للدستور، وهو الهيئة العلمية الإسلامية التى تقوم على حِفظ التراث الإسلامى ودراسته وتجليته للناس كافَّة، وتحمُّل أمانة توصيل الرسالة الإسلامية إلى كل شُعوب المعمورة، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام السَّمحة.. ولا أدرى أين كان الأزهر من تطرف فتاوى بعض السلفيين، والتكفيرين، والداعشيين... الخ؟!
لقد ضيع الأزهر هيبته في نفوس المصريين والعالم أجمع، برده على هذا "البرنامج التافه" ومن قبل بصمته الطويل عليه وعلى غيره من تطاول وفتاوى بعض الإعلاميين المأجورين، والمدعين بالدين، وعبثهم في مجال ليسوا مؤهلين له ,بذريعة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب وهى "حرية الفكر والتعبير"، رغم يقيننا أن تطاولهم وجرأتهم على الدين ليس إلا محاولة منهم لمزيد من الشهرة المزيفة ,وجذب انتباه المشاهدين والقراء، أو مدفوعين من اصحاب الفضائيات الذين يحاولون التشكيك فى الثوابت لتأكيد تواجدهم وشرعية اعمالهم الحمقاء والضغط على النظام.
ولا يفهم إننا نهاجم أزهر المراغى، ومحمد عبده، والشعراوي، وعبدالحليم محمود.. وإنما غيرة عليه، بعدما انطفأت مشاعله التى كانت تنير العالم علما وفقها واجتهادا، واحتل دوره محدثون للفتنة والظلمات.
إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال :"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً"
وقال الله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).. ولا أدرى يخاف هؤلاء من الوقوف بين يدى الرحمن يوم القيامة ليجيبوا عما كانوا يعملون، وأمامهم وخلفهم جهنم التى قال عنها النبى "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ومع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" أي 4 مليارات و900 مليون ملك يجرون جهنم!.
يا هؤلاء هل تذكرتم شدة ما ستلقونه حينما ينزع ملك الموت الروح من جسدكم؟ هل تذكرتم يوماً تكونون فيه من أهل القبور، مفارقون الأهل والجيران والأموال والأصحاب والأوطان هل تذكرتم سؤال الملكين منكر ونكير؟
هل تذكرتم سماحة نبيكم فى دعوته لدينه، وكيف كان يخاطب القلوب والعقول باليسر والموعظة الحسنة، لا بالغلظة والوعيد؟
إننا فى عصرنا هذا لا نحتاج النبش فى ماضى التراث، وتعظيم توافه المعتقدات والرؤى، وإثارة البلبلة بقدر حاجتنا إلى تغذية عقولنا بالإيمان الحق، وتسليح إرادتنا بدين الاعتدال والوسطية والعمل الجاد من أجل الدنيا والآخرة وصلاح حال الأمة، وعدم سب صحابة الرسول، والأئمة وتابعيهم بإحسان.
ما أحوجنا إلى ذكاء علماء الدين، وشدة حجتهم وفطنتهم، مثل ذلك العالم الذى تحداه أحد الملحدين فى مناظرة علنية عن أن الطبيعة هى التى صنعت الكون وليس الله، وفي الموعد المحدد ترقب الجميع وصول هذا العالم المسلم، لكنه تأخر!!فقال الملحد للحاضرين: لقد هرب عالمكم وخاف، لأنه علم أني سأنتصر عليه، وأثبت لكم أن الكون ليس له إله.
وأثناء كلامه حضر العالم المسلم واعتذر عن تأخره، تم قال: وأنا في الطريق إلى هنا، لم أجد قاربا أعبر به النهر، وانتظرت على الشاطئ، وفجأة ظهرت في النهر ألواح من الخشب، وتجمعت مع بعضها بسرعة ونظام حتى أصبحت قاربا، ثم اقترب القارب مني، فركبته وجئت إليكم، فقال الملحد: إن هذا الرجل مجنون، فكيف يتجمح الخشب ويصبح قاربا دون أن يصنعه أحد، وكيف يتحرك بدون وجود من يحركه؟! فتبسم العالم، وقال: فماذا تقول لنفسك، إن هذا الكون العظيم الكبير بلا إله؟!
ما أحوجنا إلى علماء تعرفنا معنى العدل الإلهى، وتطالب الحكام بتطبيقه على محكوميهم.. فقد روي أن امرأة دخلت على داود عليه السلام فسألته: يا نبي الله ربك ظالم أم عادل؟ فقال داود: ويحك يا امرأة هو العدل الذي لا يجور، ثم قال لها ما قصتك؟
قالت: أنا أرملة عندي ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدي فلما كان أمس شدّدت غزلي في خرقة حمراء وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه و أبلّغ به أطفالي فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئاً أبلّغ به أطفالي.
فبينما المرأة مع داود عليه السلام في الكلام وإذا بالباب يطرق على داود فأذن بالدخول وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينار فقالوا: يا نبي الله أعطها لمستحقها، فقال لهم داود عليه السلام ما كان سبب حملكم هذا المال؟ قالوا يا نبي الله كنا في مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل فسدّدنا به عيب المركب فهانت علينا الريح وانسد العيب ونذرنا لله أن يتصدّق كل واحد منا بمائة دينار وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت!
فالتفت داود عليه السلام إلى المرأة وقال لها : رب يتجر لكِ في البر والبحر وتجعلينه ظالماً، وأعطاها الألف دينار وقال: أنفقيها على أطفالك!!
ما أحوجنا إلى التأسى بالسلف الصالح من الحكام، لا بسلفيي هذا العصر.. فقد قيل إن الخليفة عبدالملك بن مروان لما نزل به الموت جعل يتغشاه الكرب ويضيق عليه النفس فأمر بنوافذ غرفته ففتحت.. فالتفت فرأى غسالاً فقيراً في دكانه.. فبكى عبد الملك ثم قال: ياليتني كنت غسالاً.. ياليتني كنت نجاراً.. ياليتني كنت حمالاً.. ياليتني لم ألِ من أمر المؤمنين شيئاً.. ثم مات، ولما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب أخذ يشهق فبكت ابنته
فقال: يا بنيتي لا تبكي، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.. كلها لأجل هذا المصرع.
أما يزيد الرقاشي، فإنه لما نزل به الموت أخذ يبكي ويقول: من يصلي لك يا يزيد إذا متّ؟ ومن يصوم لك؟ ومن يستغفر لك من الذنوب.. ثم تشهد ومات.
واختم بقصة هارون الرشيد لما حضرته الوفاة وعاين السكرات صاح بقواده وحجابه: اجمعوا جيوشي فجاءوا بهم بسيوفهم، ودروعهم لا يكاد يحصي عددهم إلا الله كلهم تحت قيادته وأمْره فلما رآهم.. بكى ثم قال: يا من لا يزول ملكه.. إرحم من قد زال ملكه، ثم لم يزل يبكي حتى مات.
لقد آن الأوان أن يصغى الجميع للغة العقل والمنطق والمصلحة العليا للبلد، بعد أن انكشف الغطاء عن الكثير من مدعي الوطنية والدفاع عن الحريات و"الشرعية والشريعة"، وبرزت وجوها باغية ومحرضة للفتنة، مستغلة طيبة وجهل البعض، وتجاهل وغفوة العلماء، مستخدمة الشعوذة الدينية للنيل من ثوابت الدين وزعزعة استقرار الإيمان فى نفوسنا.