الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مرسي.. والكرسي.. و"جراند أوتيل"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعيدًا عن أي تجنٍ أو افتئات على مقام رئيس الدولة الرفيع فى حد ذاته باعتباره أعلى وظيفة فى البلاد، يهمنا أن نعرف إلى أى مدى حافظ الموظف الجديد محمد مرسي على ذلك المقام.
لكن الجدير بالتسجيل هنا وقبل أى شيء آخر أن الرجل رغم حداثة عهده بالمنصب الرفيع فإنه سجل أرقامًا قياسية غير مسبوقة لسابقيه على المقعد الوثير.
والمقعد “,”الوثير“,” ذاك متقلب المزاج، فهو يكون سلس القيادة للماهر في القيادة العارف بالملاحة الذى يستطيع خوض العباب ومواجهة الأنواء والتصدى للرياح مثل “,”جمال عبدالناصر“,” الذى لم يسترح يومًا من العمل المضني وخوض المعارك وبناء المشروعات القومية الكبرى الطموحة فى “,”عز“,” المعارك حتى تكالبت عليه الأمراض فمات شابًا فى الثانية والخمسين من عمره ولم تكتمل تجربته الطموحة.
ومن الممكن أن يكون المقعد “,”قلقًا“,” بصاحبه منذ اللحظة الأولى فيضطر إلى حَبك المؤامرة ليفلت من مؤامرة معادية مثل “,”محمد أنور السادات“,” الذى تفرغ بعد معجزة العبور إلى هدم القاعدة الصناعية التى أقامها سلفه ليسهم فى تدمير الأنموذج النضالى الذى يمثله “,”ناصر“,” وليحتل هو المشهد باعتباره “,”الرئيس المؤمن“,” الذى أخرج الإخوان من السجون وترك للجماعة الإسلامية حرية الحركة فى الجامعات فانقلبوا عليه بعد “,”سلامه الإسرائيلى“,” وتركوه مضرجًا فى دمائه على أرض المنصة.
كما يمكن أن يكون المقعد “,”مستسلمًا“,” لصاحب عجيزة ثقيلة تعرف كيف “,”تستقر“,” عليه مثل “,”محمد حسنى مبارك“,” الذى استمر “,”عليه“,” ما يقرب من ثلاثين عامًا حتى “,”أنَّ“,” الكرسى وتفككت مفاصله وأصيبت مساميره بالصدأ وأصبح التفكير فى خلع مبارك من “,”عليه“,” ضربًا من الخيال، ولكن لأن دوام الحال من المحال أو “,”لأنه لو دام لغيره لما جلس عليه“,” فقد تداعى الكرسى بصاحبه بعد 18 يومًا من الاحتجاجات العنيفة فى طول مصر وعرضها.
ولأن الكرسى تداعى كان المطلوب صنع غيره، فاقترحنا أن يتم ذلك بمواد مختلفة عن الأولى، مثلا أن تكون قاعدته من “,”التيفال المقوى“,” حتى لا “,”يلتصق“,” به أى رئيس قادم، وألا يكون “,”وثيرًا“,” حتى لا “,”ينام“,” عليه و“,”يأنتخ“,”، وأن تكون إحدى سيقانه ناقصة حتى “,”يتقلقل“,” دومًا بالجالس عليه فيتذكر ذلك الجالس أنه كرسى متعب وغير مريح فيتفرغ لأداء عمله حتى ينتهى من مهمته بعد أربع سنوات ويعود لبيته حتى ينعم بالراحة الحقيقية.
ومع كل ذلك وبعد شهور طويلة تمخض الجبل فولد “,”مرسيًا“,” ومعه “,”الجماعة“,”، ومنذ اليوم الأول اتصل مرسى بالجنزورى الذى كان رئيسًا للوزراء وطلب منه استئذان المجلس العسكرى حتى يرى “,”مكتبه“,” وهو كان يقصد “,”الكرسى“,” طبعًا، ورغم أن الجنزورى حاول إفهامه بأن كل وقت و“,”له أدان“,” إلا أن مرسى أصر وألح لأن “,”الجماعة “,” تريد “,”تبخير“,” الكرسى والمكتب ثم بقية غرف الاتحادية التى تبلغ 400 غرفة و55 شقة، حسب تصميم المعمارى البلجيكى “,”أرنست جاسبار“,” للقصر الذى تم افتتاحه كفندق باسم “,”جراند أوتيل“,” عام 1910.
نجح مرسى فى مسعاه وتسلم القصر مبكرًا وبدأ يعيش فيه شهريارًا وحوله “,”الجماعة“,” تقوم بدور شهرزاد فتحكى له كل ليلة عن قصص الملوك الذين قُضى عليهم لأنهم أرادوها “,”ديمقراطية“,” وهى “,”الزرعة“,” الوحيدة التى لا يناسبها مناخ الشرق وبالأخص مناخ مصر، وحين جلس مرسى على الكرسى الذى صنعته الولايات المتحدة الأمريكية “,”بمواصفات خاصة“,”، شعر بما يشبه الدوخة وكاد الشعور ينقلب إلى هذيان ثم تسلل الهذيان إلى جميع الحاضرين، فيما تشدو العصافير على أشجار الحديقة الخارجية الأنيقة بوداعة وألفة وهى لا تدرى أن الوافد الجديد سيحيل أعشاشها رمادًا حين يلقى متظاهرون غاضبون من جموده السياسى وعدم كفاءته المهنية وكذبه المتواصل، بزجاجات المولوتوف الحارقة على القصر فتشعل النار فى الشجر والعش.. والأسئلة..
ولنا تكملة