الخميس 03 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

سامح قاسم يكتب: ضوء متسرب يمنح الدفء للأبد

سامح قاسم
سامح قاسم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


كان يسعى بعينيه الجميلتين.. يبذر أخضرهما على الأرض ليرتاح على العشب المتعبين.
مثل نسمة صيف مثقل بآهات المعذبين والحزانى والمرضى اليائسين مس شغاف قلبها فهرولت شياطينها السبعة لتصير رسولة الرسل التي لم تخذل سيدها ولم تنكره كما أنكره المنكرين.
تبعته وفي عينيها نهران من حزن ومحبة أبدية وإيمان لا يلين.. لم تجف دموعها رغم وحشة طريق الآلام ..لم تمل من انتظاره لتكون الشاهدة الأولى على قيامته. هي المترنمة بترانيم الحب
الموصوفة في فنون القرون الثلاثة الأولى للميلاد بالقديسة المغرقة في الرومانسية وذكرتها الأناجيل الأربعة الأساسية والأناجيل المنحولة انها هي "مريم المجدلية"، الشاهدة الأولى للقيامة، حيث دعاها المسيح باسمها "مريم"... التي من مجدلي... وهو فخر وامتياز لم يمنحه السيد لأحد من الرسل.
ويقول عنها لوقا في أنجيله: "وبعض النساء كنّ قد شفين من أرواح شريرة وأمراض. مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين ويونّا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كنّ يخدمنه من أموالهنّ"
أيا مريم المجدلية. أيتها المعترفة بالجميل، المحبة لمخلِصك، يامن علمت الجميع كيف يكون الحب لا بشرط شيء. يا من ذكرك أيضا القديس متى في إنجيله:
"وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهنّ كنّ قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهنّ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم ابني زبدي.. فاخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي. ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة ثم دحرج حجرا كبيرا على باب القبر ومضى. وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاه القبر".

يا لطاقتك العظيمة وقدرتك اللامتناهية على الحب والعطاء لم تخش الجنود القاسية قلوبهم المرفوعة سياطهم صوب الجسد النحيل، من قلبك كنت تنزفين كما ينزف السيد، وتتألمين كما يتألم من رشق مسامير الحقد في قدميه وكفيه.. تمنيت وأنت التي لم تلو على شيء أن تطال يدك إكليل الشوك لتنزعيه برفق عن رأس المخلص كي لا يتسع جرحه، كم ابتسم لك كي يهدأ الشوق في قلبك، لكنه لم يهدأ. 
أنت السامية بلا منازع، البالغة الرقة، البعيدة عن التكلف، المؤمنة بعشقك اللامتناهي، والمكترثة بمخلصك لا بشيء آخر، الشامخة أمام كل اللوحات التي حرفت محبتك المختمرة بكأس الغرام بغير رحمة لترسخ في أذهان القرن الرابع الميلادي سيرتك كأنثى مسكونة بالعار ولا تجيد سوى فن الغواية.
أرادوا أن تظلي حبيسة أطر لوحاتهم الملونة.. ظنوا أن برد أوروبا القارس سيقتلك في الأذهان لا لشيء سوى أنهم لم يمنحوك سوى الملابس الكاشفة، وهم لا يعرفون أن الضوء المتسرب من عيني سيدك منحك الدفء للأبد.