السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيسي وتميم.. استقبال الجليد الساخن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أريد أن أستبق الأحداث... وأعرف أن المصالح تتصالح، وليس معنى استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لأمير قطر تميم بن حمد في شرم الشيخ بالابتسامات والقبلات، أن كل الجليد ذاب، وأن قطر خلعت سياساتها وقناعاتها الخاصة بمصر، ففى القلوب ما فيها، وخلف الوجوه المنبسطة ما وراءها.
قبل أيام كانت هناك تكهنات بأن تميم لن يحضر إلى القمة العربية، وهى تكهنات لم تكن دقيقة بالمرة، لأن مشاركة تميم في القمة العربية على أرض مصر، ليس معناها أنه زار مصر، فهذه ليست زيارة رسمية، لها عواقبها وتوابعها، بل مشاركة في قمة ترأسها مصر، وهو ما يعنى أنه لا مكان لمباحثات ثنائية، ولا كلام مطول عن علاقات مشتركة، ولا عن خلافات في وجهات النظر بشأن قضايا بعينها، ولذلك فإن الاستقبال الحار، هو استقبال حار من رئيس يعرف جيدا كيف يقدر الرجال، لأمير – عليه ما عليه – إلا أنه جاء إلى بيتنا، ولا بد أن يأخذ واجبه كما ينبغى، والسيسى يعرف الواجب جيدا.
القمة هذه المرة لها هدف محدد، الاتفاق على تكوين قوة عربية مشتركة، والوقوف صفا واحدا إلى جوار السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن، وهى الحرب التي أصبحت ضرورة لحماية الأمن القومى في المنطقة، ولأن السعودية في زاوية الأحداث، فلا يمكن لقطر أن تخرج عن الصف، لا يمكن لها أن تأخذ موقفا مغايرا، لأنها تعلم أن هذا ليس في صالحها، فمنطق القوة الآن يقول إنه إذا تحدثت السعودية فلا بد أن يسمع الجميع، ولا مكان لمن يخرج عن الصف.
لقد سعت السعودية قبل عقد القمة العربية عبر مصادر دبلوماسية عديدة أن تكون هناك قمة مصغرة على هامش القمة الكبرى، تجمع بين الملك سلمان والرئيس السيسى وتميم، وهو أمر تحرص عليه السعودية، فمن مصلحتها أن تصفو الأجواء تماما بين مصر وقطر، وجهودها في هذا الإطار موصولة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكادت أن تؤتى ثمارها بالفعل، لولا وفاته، فقد بدا بعدها أن قطر ارتدت على أعقابها، وعادت لسيرتها الأولى... خاصة في ظل ما تردد عن تراجع الملك سلمان عن سياسات الملك عبدالله وهو ما لم يكن صحيحا من زوايا كثيرة.
الآن وفى ظلال عاصفة الحزم التي تسكت كل الأصوات، وتجعل المجد فقط لصوت الحرب، لا تستطيع قطر أن تتخاذل أو تتراجع، ولو على السطح.
لقد ظن كثيرون أن أمير قطر يمكن أن يتراجع عن حضور القمة لأنها تعقد في مصر، استنادا إلى ما يعتقدونه من أن تميم يرى ما جرى في مصر انقلابا، وأن السيسى ليس رئيسا شرعيا، وهو ما تؤكده قناته «الجزيرة» كل يوم، لكن فات على هؤلاء أن الإخوان المسلمين لم يصبحوا جزءا صعبا ولا مؤثرا في المعادلة السياسية، وأن مصالح الدول أهم وأكبر من مصالح جماعات ضالة اعتقدت في لحظة معينة أنها أقوى من الدول والأنظمة، لا لشىء إلا لأنها يمكن أن تقدم كل ما يطلب منها ودون مناقشة.
لم يكن موقف تميم مما جرى في مصر، ولم يكن دعمه للإخوان واستضافتهم، ولعبه بشكل واضح ضد الأمن القومى المصرى من أجل عيون الإخوان المسلمين، الإخوان لم يكونوا سوى ورقة واحدة في صراع طويل جدا، تريد قطر من خلاله السيطرة على المنطقة، ولأنها كانت تعرف أن مصر هي مفتاح السر، فقد خططت للسيطرة عليه.
الآن تميم زار مصر، صحيح أنه جاء في مؤتمر قمة، لكنه على أي حال جاء، صافح الرئيس، الذي أصبح على لسان الجزيزة الرئيس المصرى، فهل انتهى كل شىء، أعتقد أن شيئا لم ينته، فبعد أن تنتهى القمة، وبعد أن تنتهى الحرب في اليمن، ستعود قطر إلى ما كانت عليه، لن تصفو الأجواء بينها وبين مصر أبدا، لأن ما فعلته منذ سنوات وكان سببا في الفوضى العامة التي حاصرتنا لا يستحق الاعتراف والمصارحة فقط، ولكن يستحق الاعتذار الواضح وبشكل كامل.
حتى يحدث هذا الاعتذار فالساحة مفتوحة لكل الاحتمالات، هناك من يرى أن المسألة انتهت، أحد مؤيدى الإخوان شمت فيهم، قال لهم بعد أن رأى تميم على أرض مطار شرم الشيخ، بلوا الشرعية واشربوا ميتها... لكن هذا ليس كل شىء، فليس معنى أن تتفق قطر مع مصر في حرب اليمن، أن الطرق أصبحت مفتوحة على آخرها، فالعلاقات بين الدولتين معقدة بأكثر ما ينبغى وأكثر مما نحتمل أيضا، وفى حالات الظلال الرمادية.. هذا ويكون من الأفضل أن ننتظر ما سوف تسفر عنه الأحداث.